استذكر محمد زحزوح المدعو “موح زحزوح” مجاهد وقائد قطاع سابق في جيش التحرير الوطني وعضو كتيبة الهجوم المعروفة “جرجرة” التي كبدت جيش الاستعمار الفرنسي خسائر فادحة إبان ثورة التحرير، بالتفاصيل العمليات والمعارك التي خاضتها هذه المنظمة.
حيث التحق موح زحزوح المولود في 17 أوت 1937 بقرية آث لقايد واضية بصفوف جيش التحرير الوطني عن طريق مجموعة وجهه إليها سي أحمد أملال ليتمكن في وقت وجيز من المشاركة في عدة عمليات مع مجموعات مختلفة.
وفي سبتمبر1957 سنة تأسيس كتيبة “جرجرة” بدأ التخطيط لمعارك كبرى، حيث جاء العقيد عميروش رفقة المسؤولين العسكريين عمار بوطا وعيسى بوداود من برج بوعريريج إلى جرجرة للاجتماع مع أعضاء مجموعة تالا غيلاف من بينهم موح زحزوح الذي كان عضوا بها.
وقال في هذا الصدد المجاهد زحزوح: “سي عميروش أعطى أمرا بتشكيل كتيبة جرجرة وتم تعيين سي سليمان قائدا لها ليشرع في تنظيم الكتيبة”.
ويقول ذات المتحدث إنه بأمر من العقيد عميروش سلكنا طريق تيكجدة لتنفيذ عملية تهدف إلى تحرير ما بين 40 إلى 50 سجينا كان الجيش الفرنسي يستغلهم لفتح الطريق بهذه المنطقة الجبلية، وكان يحرسهم ما بين 15 إلى 20 جنديا.
وفي 3 ديسمبر 1957 ذهبنا لآث أرقان وبعدها نحو آث حقان، وكان بيننا علي موح نعلي (الملازم العسكري بنور من تادمايت) والقائد سليمان ارزقي والعريف احمد الحسين والعريف عمار بوطا، إلى جانب رؤساء المجموعات. “بقينا هناك في أحد المخابئ إلى غاية 7 ديسمبر”، يضيف المجاهد موح زحزوح.
وأضاف “خرجنا على الساعة الثالثة صباحا في طريق تيكجدة ووصلنا بالقرب من تيزي نتلام (منطقة آث أرقان) أين تموقعت مجموعة المجاهدين.
واشتبكت دورية يقودها عمار بوطا كانت مكلفة بحراسة المناطق المحيطة مع الجنود الفرنسيين، ليقوم في هذه اللحظة – يقول- قائد الكتيبة الذي كان قناصا بإطلاق النار من بندقيته (رشاش 24/29) للسماح لعمار بوطا ومجموعته بالانسحاب.
وبدأت معركة كبيرة في حوالي الساعة الثالثة والنصف زوالا بتيزي نتستانت – يضيف السيد زحزوح الذي لم يكن يتجاوز سنهم آنذاك 19 سنة – حيث وصلت مجموعة المجاهدين للمنطقة بآث حقان في 5 ديسمبر 1957 للتحضير لكمين، غير أنه لم يتم تنفيذ هذا الأخير في المكان المقرر في بادئ الأمر (آث حقان) كونه مكشوفا ولا يسمح بانسحاب آمن.
وأضاف أنه “في7 ديسمبر وفي حدود الساعة الثالثة صباحا عبرنا الطريق المؤدية لتيكجدة التي كان بها جنود فرنسيون، حسب ما قيل لنا، مما دفعنا للانتقال للالتحاق بمنحدرات اسفيس الواقعة بين آيت رقان وآيت بوعدو”.
ومن هذا الموقع الاستراتيجي كنا نرى الجنود الفرنسيين يأتون انطلاقا من أقوني قغران، ووقع أول اشتباك لتغطية المجاهدين، حسب ذات المتحدث.
وفي حدود الساعة العاشرة صباحا شاهدنا مروحيات قادمة من كل مكان ناقلة معها جنودا لتقوم في حوالي الساعة الثالثة والنصف زوالا الطائرات بقصف تيزي نتسنانت للسماح للمروحيات الناقلة للجنود والمعدات بالهبوط.
لقد كانت معركة طاحنة واستمرت عدة ساعات كما تكبد الجانب الفرنسي خسائر ثقيلة، حيث فقد 12 جنديا وطائرة استطلاع، يستذكر هذا المجاهد.
وفي نهاية المعركة، استعاد المجاهدون أسلحة على غرار بندقية وذخيرة – استنادا لما ذكره ذات المتحدث – الذي تأسف لفقدان في ذلك اليوم رفيقه في السلاح العريف أحمد الحسين.
واستذكر المجاهد موح زحزوح قائلا: “كنا بين 300 و350 بين كتيبة وفصائل قسمة بتالا غيلاف، حيث تلقينا معلومات عن إنزال وشيك في المنطقة، وهو ما اضطرنا إلى مغادرة المكان”.
وأضاف “ونحن في الطريق للوصول إلى مشطراس اشتبكنا مع الجنود الفرنسيين”، قائلا إنه قد تلقى أمرا بالذهاب إلى معاتقة مباشرة لدى وصوله إلى إمغور.
وأضاف أنه “وفي 29 أفريل وفي حدود الساعة الخامسة صباحا وصلنا إلى تكبليت واشتبكنا مع القوات الاستعمارية وتعرضت المنطقة لعملية طاحنة استعملت فيها الطائرات والمدفعية”.
وقتل في هذه المعركة العديد من الجنود الفرنسيين، بحيث يعود الفضل في ذلك إلى الوضعية التي اتخذناها على قمة تلال بركوكة.
في 10 سبتمبر 1958 غادرنا تالا غيلاف للالتحاق بقرية أث تودرت (واسيف) لنصب كمين للجنود الذين هاجموا القرويين. كان الجيش الفرنسي على علم بمجيئنا وأرسل بسرعة 50 شاحنة محملة بالجنود إلى المنطقة، يقول موح زحزوح، مستطردا أنه “نظرا لإعطائنا أمر بالهجوم تموقعنا في أماكن إستراتيجية وتركنا مرور 5 أو 6 شاحنات لنشرع في إطلاق النار بالرشاشات والبنادق”.
“رأينا كيف كان الجنود يسقطون”، يروي المجاهد بكل فخر، مضيفا أنه “عندما بدأ جنود العدو بسحب الشاحنات لتطويقنا، كنا قد خرجنا وتركنا المكان”. “لقد قتلنا وأصبنا العديد من الجنود دون أن نفقد مجاهدا واحدا”، حسب تأكيدات المتحدث.
وأصيب المجاهد محمد زحزوح عندما تراجع فريقه بعد هذا الهجوم وتعرض المجاهدون إلى المطاردة من طرف الطائرات، حيث أصيب بشظايا في ساقه ليبدأ رحلة محفوفة بالمخاطر تجاه غابة أكفادو للتداوي هناك.