تتميز بلدية تاورقة شرق بومرداس بالطابع الريفي والكثافة السكانية الكبيرة، غير أن أحياءها تعيش في وسط تنعدم فيه أدنى الخدمات ما انعكس سلبا على التنمية بالمنطقة وعلى حياة السكان على حد سواء، الذين ينتظرون تدخل المسؤولين المعنيين من أجل برمجة جملة من المشاريع التنموية التي من شأنها تحسين الإطار المعيشي.
خلال جولة استطلاعية قادت “الموعد اليومي” إلى بلدية تاورقة شرق بومرداس وقفت على جملة النقائص المسجلة، على رأسها غياب ضروريات الحياة الكريمة من غاز، اهتراء الطرقات وغياب المرافق الرياضية والترفيهية إلى جانب ضعف الخدمات الصحية، وهي المطالب التي أصر عليها المواطنون الذين ينتظرون تدخل المسؤول الأول عن البلدية من أجل بعث عجلة التنمية بأحيائهم لإخراجهم من العزلة والتهميش الذي يعيشونه منذ سنوات عدة.
طرقات في حالة كارثية تنتظر التهيئة
لا تزال معاناة العديد من أحياء بلدية تاورقة شرق بومرداس متواصلة نتيجة نقص المشاريع التنموية بالمنطقة، خاصة فيما يتعلق بالطرقات التي تشهد تدهورا كبيرا باعتبار أن العديد منها لم تشهد عملية صيانة.
وقد أعرب العديد من السكان عن استيائهم وتذمرهم الشديدين من سياسة التماطل المنتهجة ضدهم، خاصة أنهم قاموا في العديد من المناسبات برفع شكاوى للسلطات المعنية من أجل إعادة تهيئة الطرقات، إلا أن مطلبهم لم يجد أذانا صاغية لحد الساعة، منددين بالوضع المتدهور الذي آلت إليه طرق الأحياء التي لم تعد صالحة للسير، حيث أضحى هذا المشكل يؤرق قاطني المنطقة كثيرا، بالنظر إلى الحفر والمطبات التي تتحول إلى برك مائية في فصل الشتاء، ما جعل اجتيازها أمرا صعبا على المارة أو أصحاب السيارات التي قد تتعرض إلى أعطاب جراء الحفر المنتشرة هنا وهناك، أما صيفا فإن الغبار المتطاير هو سيد يوميات السكان ما يعرضهم لأمراض خاصة منهم ذوي الحساسية والربو.
لذلك يناشد السكان الجهات المسؤولة ضرورة صيانة الطرقات وتهيئتها، من أجل تخفيف معاناتهم اليومية.
الغاز الطبيعي حلم قاطني القرى
في مجال الطاقة، يواجه سكان قرى تاورقة على غرار “موحباشو”، “الجمعة” و “القضية” مشكلة غياب الغاز الطبيعي ما يؤدي بهم إلى اقتناء قارورات غاز البوتان التي تعرف ارتفاعا في الثمن بسبب المضاربة من قبل التجار، خاصة في فصل الشتاء، حيث يجبر سكانها على اقتناء قارورات غاز البوتان بأسعار مرتفعة تصل إلى 500 دج للقارورة الواحدة، بينما يصل سعرها إلى 300 دج خلال الفترات الصيفية، الأمر الذي لا يناسب مع القدرة الشرائية للعديد من العائلات التي اضطرت إلى الطرق البدائية، وهي جلب الحطب لاستعماله للتدفئة والطبخ على حد سواء.
مشاكل بالجملة في قطاع النقل
أما قطاع النقل ببلدية تاورقة فمايزال ينتظر التفاتة جدية من قبل الجهات المعنية بما فيها مديرية النقل لولاية بومرداس، حيث يعد هذا الأخير من أبرز المشاكل التي يعاني منها قاطنو هذه البلدية في ظل نقص خطوط وسائل النقل، الأمر الذي جعل تنقلاتهم اليومية أشبه بالجحيم، وهو ما يضطرهم للاستعانة بسيارات الأجرة رغم التكاليف الباهضة التي يفرضها أصحاب السيارات على المواطنين الذين يلجأون إليها.
وقد أكد العديد من العمال والطلبة على حد سواء خلال حديثهم لـ “الموعد اليومي” أنهم يجبرون في كل مرة على الخروج مبكرا والتزاحم وسط المسافرين للتنقل نحو محطة نقل المسافرين ببغلية، مما يجعلهم ينتظرون طويلا أمام مواقف الحافلات، خاصة في فترات الذروة صباحا ومساء، مما يجعل المسافرين يصلون متأخرين لمقرات العمل، مبدين استياءهم الشديد من سياسة الصمت واللامبالاة المنتهجة ضدهم من قبل السلطات المحلية، بخصوص طلباتهم المتكررة التي أودعوها على مستوى مجلس البلدية، من أجل تدارك النقص الفادح في وسائل النقل، لفك الضغط عنهم، إلا أن طلباتهم ذهبت أدراج الرياح، وأصبحت السلطات غير مبالية بحجم المعاناة التي يتجرعونها بشكل يومي.
وكشف محدثونا في الوقت نفسه عن عدم توفر محطة لنقل المسافرين في بلدية تاورقة خاصة أنها عرفت توسعا عمرانيا في السنوات الأخيرة، باستثناء بعض المواقف العشوائية غير المنظمة، ولا تتوقف معاناة السكان عند هذا الحد بل تتعداه إلى التنقل سيرا على الأقدام للوصول إلى المحطة القريبة منهم ثم التنقل نحو وجهة أخرى، نظرا للوقوف كثيرا أمام موقف الحافلات وكذا تنقلهم في ظروف غير ملائمة، ناهيك عن الاكتظاظ الناجم عن تراكم وتزاحم المسافرين، حيث بات الوضع يؤرق السكان، مطالبين في ذات السياق السلطات المعنية بالنظر في معاناتهم اليومية وأخذ مطالبهم بعين الاعتبار لتحسين وضعيتهم.
نفايات مبعثرة في كل الأحياء
من يتنقل إلى بلدية تاورقة شرق بومرداس، يلاحظ منذ الوهلة الأولى تلك النفايات و الأوساخ المبعثرة في كل أرجاء المنطقة عبر مختلف أحيائها، الأمر الذي شوه المنظر الجمالي لهذه البلدية، محمّلين المسؤولية لعمال النظافة المتأخرين، حسبهم، عن رفع القمامة في عديد المرات، أو زيارة تجمعاتهم السكنية مرة في الأسبوع، وهو ما اعتبروه بالعمل غير الكافي، وتسبب في زيادة عدد أكياس القمامة أمام منازلهم، وبالتالي انتشار الروائح الكريهة المنبعثة منها، مما ساهم في تكاثر الحشرات السامة التي تفضل العيش في مثل هذه الأماكن، ما أضحى يشكل خطرا على صحتهم وكذا على فلذات أكبادهم بمختلف الأمراض والأوبئة، والذين يفضلون اللعب بهذه الأماكن جاهلين حجم الأضرار التي يمكن أن تلحق بصحتهم، هذا دون نسيان غياب الحس المدني لدى العديد من القاطنين الذين يقومون برمي الاوساخ من دون الاكتراث للحالة المزرية التي سيصل إليها حيهم، الأمر الذي زاد من سوء حالتهم خاصة في فصل الصيف الذي تعرف فيه درجات الحرارة ارتفاعا كبيرا.
غياب الأمن يهدد السكان
كما أصبح غياب الأمن كابوسا يهدد مصير أغلب الأحياء المتواجدة على مستوى بلدية تاورقة شرق بومرداس، حيث أعرب العديد من القاطنين عن تذمرهم واستيائهم الشديدين من عدم توفر الحماية على مستوى الأحياء وعن خوفهم من سيناريوهات الاعتداءات وعمليات السطو، الأمر الذي زاد من خوفهم على أنفسهم وممتلكاتهم، خاصة أن الوضع أصبح يشكل خطرا على أولادهم الذين يلتحقون بمقاعد الدراسة، وأمام هذا الوضع الذي أصبح هاجسا يؤرق القاطنين في ذات المكان، فإنهم يجددون مطلبهم لرئيس المجلس الشعبي البلدي من أجل وضع حد لمعاناتهم عن طريق توفير الأمن بأحيائهم حتى تضمن لهم العيش في أمان.
نقص المرافق الرياضية هاجس يؤرق الشباب
في حين شباب مختلف أحياء بلدية تاورقة أعربوا في لقائنا بهم عن امتعاضهم الشديد إزاء النقص الفادح للمرافق الترفيهية والرياضية التي تهتم بفئة الشباب، كالملاعب الجوارية وقاعات الرياضة ومكتبات المطالعة، حيث أكدوا أن عدم توفير هذه الهياكل الترفيهية يساهم بشكل كبير في انحراف الشباب وانغماسهم في الآفات الاجتماعية، نتيجة الروتين اليومي الذي يعيشونه، بالإضافة إلى العناء الذي يتكبدونه للتنقل إلى البلديات المجاورة من أجل ممارسة نشاطاتهم وهواياتهم، مشددين على ضرورة إنجاز مساحات خضراء وفضاء للعب الأطفال، بعدما أصبح يتعذر على أبنائهم إيجاد مكان للعب سوى الشارع والتسكع بالمقاهي، الأمر الذي يشكل خطرا على حياتهم.
وأمام هذا الوضع يأمل شباب تاورقة شرق بومرداس أن تجد السلطات المحلية حلا لمشاكلهم المطروحة مرارا وتكرار، والتي من شأنها أن تحد من معاناتهم التي طال أمدها.
سكان الأحياء الفوضوية يطالبون بالترحيل
في حين أكد لنا أحد السكان أنهم يقطنون بالحي منذ عدة سنوات لكن لم يتغير أي شيء، حيث يقطنون داخل مساكن مصنوعة من الإسمنت والقرميد للاحتماء فيها من برودة الطقس في فصل الشتاء ومن حرارة الشمس في فصل الصيف، مشيرين في الوقت ذاته إلى أنهم قاموا بإيداع العديد من الملفات والشكاوى منددين فيها بالوضعية المزرية التي يتجرعونها، من أجل الاستفادة من سكنات اجتماعية لائقة لكن لا حياة لمن تنادي، رغم تعاقب المجالس المنتخبة على حد تعبيرهم.
لذلك يجدد قاطنو الأحياء القصديرية المنتشرة بإقليم بلدية تاورقة والتي تجاوز عددها حسب الاحصائيات الأخيرة الـ 300 بيت مطلبهم عن طريق جريدتنا إلى المسؤول الأول عن البلدية ووالي ولاية بومرداس الالتفات إليهم وترحيلهم إلى سكنات لائقة التي تبقى بالنسبة لهم حلما طال انتظاره.
ضعف الخدمات الصحية يزيد من متاعب المرضى
طالب قاطنو بلدية تاورقة شرق بومرداس السلطات المعنية بالتدخل العاجل من أجل إنجاز عيادة متعددة الخدمات بالمنطقة تلبي حاجات المرضى وتجنبهم معاناة التنقل إلى المناطق المجاورة، إذ تفتقد المنطقة لعيادة متعددة الخدمات، وهو المشكل الذي يتخبط فيه السكان منذ سنوات، مما جعل مرضاهم في رحلة دائمة بين المناطق المجاورة لتلقي العلاج، خاصة في ظل الكثافة السكانية العالية مقابل مستوصف صغير لم يعد يستوعب عدد المرضى المتوافدين عليه يوميا، معربين في ذات السياق عن تذمرهم وسخطهم الشديد جراء تدني خدمات العلاج به، لاسيما نقص عدد الأطباء، مما يخلق اكتظاظا بالمكان، وهو الأمر الذي يزيد من معاناة المرضى وذويهم، فضلا عن غياب المصالح الطبية الضرورية به كمصلحة الولادة، مما جعل النساء الحوامل في خطر دائم لتنقلهن نحو المستشفيات والعيادات المجاورة لمسافات بعيدة.
في ذات السياق، أشار السكان إلى أن الوضع يجبرهم على التوجه نحو الأطباء الخواص للكشف والفحص مقابل دفع مبالغ باهضة لا يقدر عليها ذوو الدخل المحدود، وعليه يناشد السكان السلطات المحلية إدراج مشاريع إنجاز هياكل صحية على غرار العيادات متعددة الخدمات ضمن أجندة البلدية حتى تضمن علاجا في المستوى للمريض من جهة وتنهي معاناة المرضى من جهة أخرى.
غياب العقار يرهن تجسيد المشاريع التنموية
ما تزال العديد من المشاريع التنموية ببلدية تاورقة شرق بومرداس رهينة غياب العقار، لأن أغلبية الأراضي الفلاحية تابعة للخواص، فالبلدية بحاجة إلى الهياكل الضرورية والمشاريع السكنية، والعقار مشكل كبير يحول دون تنفيذ المشاريع، فالعائق الرئيسي ببلدية تاورقة شرق بومرداس هو أن جل الأراضي الفلاحية تابعة للخواص، الأمر الذي جعل تجسيد العديد من المشاريع المحلية صعبا للغاية وقد طالب السكان المسؤولين المحليين بالبحث عن الأوعية العقارية لإنجاز مختلف المشاريع التنموية، خاصة أن البلدية المذكورة تعاني من غياب العديد من المرافق الخدماتية والعمومية على غرار مؤسسات تربوية في جميع الأطوار، وكذا قطاع الصحة الذي يعرف شحا في مؤسسات تقدم خدمات صحية في مستوى تطلعات العامة.
كما لم تستفد البلدية من أي مشروع سكني منذ سنوات خاصة بصيغة الاجتماعي، لذا بات من الضروري للسلطات المعنية الالتفات إلى سكان هذه البلدية لأنهم بحاجة إلى السكن، خصوصا قاطنو البيوت القصديرية.
روبورتاج: أيمن. ف