المدينة التي تستيقظ كل صائفة

أزفون.. حيث يمتزج سحر الطبيعة بعبق التاريخ

أزفون.. حيث يمتزج سحر الطبيعة بعبق التاريخ

تستيقظ مدينة أزفون كل صائفة، حيث يجد ساكنوها مع قدوم فصل الصيف فرصة سانحة للترويح عن النفس وكذا إنعاش الجيب، فخلال فصل الصيف تزدهر التجارة في مدينة أزفون بمختلف أشكالها وهذا بسبب الحركية الكبيرة التي يُحدثها السياح بالمنطقة.

يصف زوار مدينة أزفون، بأنها جوهرة ولاية تيزي وزو ولؤلؤتها، فهي واحدة من أجمل الشرفات المطلة على البحر الأبيض المتوسط.

 

مناظر تُريح النفوس

وتقع مدينة أزفون على بعد 30 كلم شرقا من مدينة تيزي وزو، وتمتد على شريط ساحلي يقدر بـ16 كلم وتتربع على مساحة 1266 هكتار يقطنها حوالي 30 ألف مواطنا موزعين على 52 قرية، ويغلب على هذه البلدة الصغيرة الهادئة الطابع الجبلي الذي يطل على البحر، مما جعلها منطقة سياحية بامتياز، حيث تعانق جبالها تلالها المترامية في أحضان البحر، لترسم مناظر خلابة تترجم عظمة الخالق وتمنح زائرها الشعور بالسكينة والطمأنينة وتبعد عنه صخب وضجيج الحياة الحضرية، لتبقى الوجهة المفضّلة للعديد من العائلات الجزائرية خاصة من المنطقة وحتى المغتربة منها، والتي جاءت من أجل قضاء عطلة مريحة في موسم الاصطياف خاصة وأن أزفون معروفة بموقعها الهادئ البعيد عن ضجيج المدينة.

 

أزفون تسحر زوارها

تدعو شواطئ أزفون التي تمتد على شريط ساحلي هام يمتد على 16 كيلومترا، السياح لزيارتها والوقوف عند رمالها الذهبية والجلوس عليها للبحث عن السكينة والطمأنينة، التي يتخللها صوت أمواجها المنسمة بعطر مياهها، ما جعل أزفون تُصنف ضمن أجمل المناطق السياحية ببلاد القبائل هي اليوم تفتح ذراعيها لاستقبال ضيوفها من عشاق الطبيعة والشواطئ العذراء لتكشف عن بريقها وحيويتها من خلال سحر رمالها وشموخ جبالها التي تنسج فسيفساء طبيعية تسلب الألباب وتخطف الأذهان.

 

شواطئ أزفون.. المكان الذي يُفضله الجميع

تشكل شواطئ أزفون متنفسا للعائلات الجزائرية التي تقصد المكان هروبا من ضوضاء المدينة وصخبها، ففي الوقت الذي يحبذ فيه الصغار اللعب بالرمال والاستمتاع بوقتهم يستغل فيه الآباء الفرصة للراحة والاسترخاء تحت المظلات الشمسية التي أعطت للشواطئ ديكورا طبيعيا جميلا وصورة سياحية خلابة تريح الأعصاب وتعوض عن يوم صعب ومتعب، أما الشباب فيفضلون السباحة تارة والجلوس عند الصخور الشاطئية تارة أخرى مستمتعين بمنظر الأمواج الزرقاء التي زادت الشاطئ رونقا وبهاء، ويلتقطون على جنباتها بعض الصور الفوتوغرافية حتى تبقى كذكريات حية على تلك اللحظات الفردوسية التي يعيشونها طيلة تواجدهم بهذه الشواطئ التي تعد بالفعل لوحة زيتية طبيعية خلابة. وتختلف شواطئ أزفون، باختلاف قاصديها، فهناك تلك المعروفة والمفتوحة للسباحة والمتعارف عليها بين العامة، لكن هناك أيضا الشواطئ التي يقصدها سكان القرى والمداشر المحاذية لشواطئ متوارية عن الأنظار، وتكون في أغلب الأحيان شواطئ صخرية بعيدة عن أية مراقبة أو حراسة، ويبرر بعض الشباب ميلهم نحو هذا النوع من الشواطئ برغبتهم في الحصول على بعض الخصوصية وتجنب الفوضى والازدحام الذي تعرفه بعض الشواطئ، علاوة على قربها الكبير من منازلهم.

 

تاريخ يمتد إلى عهد الرومان

يوجد في أزفون، الكثير من الكهوف والقبور الحجرية المتواجدة على بعد البعض من الكيلومترات من قلب المدينة، الكهوف التي غاصت بنا في عمق التاريخ والتي تدل على الوجود المبكر للإنسان في هذه المناطق بل حتى المنطقة تتوفر على منحوتات وحمامات رومانية تعود الى الآلاف من السنين، ولا شك أن المعالم التاريخية بمنطقة “أزفون” تشكل محل اهتمام العديد من السياح الأجانب والباحثين الذين انبهروا بعراقة الآثار وتاريخها على رأسها الممرات المبلطة لـ “آيت رهونة” التي تعتبر من بين الآثار النادرة عالميا. وهي بمثابة صخور تأبينية مشكلة من رواق مبلط موجه لدفن الموتى يعلوه نصب كبير مسطح من الحجارة، إضافة إلى آثار “روزازوس” القديمة المتمثلة في خزانات الماء والمقبرة والمعصرة القديمة التي ظلت قائمة بقرية “أزفون” إلى يومنا هذا. إضافة إلى معالم تاريخية أخرى تعود للفترة البزنطية والوندالية والرومانية. ويمتد تاريخ المدينة الرومانية العريقة بدون شك إلى عهد الرمان الذين أطلقوا عليها عدة أسماء كاسم “رسوس” التي تعني رأس الرياح وهذا نظرا لموقع المدينة المفتوح على مختلف التيارات الهوائية، اسم “افحريين” لقربها من البحر، فيما أطلق عليها البعض الآخر اسم “ازر خفاون” وتعني حسب التراث المحلي للبلدة زور وخفف، خوفا من إزعاج نوم أولياء الله الصالحين وتجنبا للعنتهم، حيث يعتقد أن مدينة أزفون مهدا للكثير من رجال الدين والمصلحين الذين كان لهم باع طويل في الحفاظ على إرث الجزائر الديني والحضاري، وعرفت إبان الاستعمار الفرنسي بـ”قودون بور” نسبة إلى القائد العسكري قودون الذي حولها عام 1881 إلى بلدية إدارية مختلطة، وهي الآن تعرف بأزفون التي اختلفت التفسيرات في إعطاء معنى لها، فهناك من يقول أنها تعني الرياح القوية، فيما أرجع بعض الباحثين أصل التسمية إلى نوع من السمك يسمى “الكركز” الذي يقال أن شواطئ البلدة اشتهرت به فحملت اسمه. وثراء وجمال أزفون لا يعود فقط لإرثها الطبيعي وموقعها الجغرافي لكن أيضا لمخزونها التاريخي الزاخر بشواهد تعود إلى العهد البزنطي، الوندالي والروماني.

 

الميناء.. تحفة سياحية وفضاء آخر للترفيه والاستكشاف

ويدفع ميناء “أزفون” بالزائر لضرورة مشاهدته والتمتع بجمال رصيفه وكذا منارته العالية، ناهيك عن منظر الصيادين وهم عائدين فرحين بما حملته شباكهم من صيد ثمين، وعلاوة على ذلك فإن ميناء “أزفون” يتحول ليلا إلى عالم من المتعة والفرح من خلال عدد الحفلات الموسيقية والغنائية التي يحتضنها المكان كل ليلة بحضور عدد كبير من العائلات والسياح الأجانب الذين لا يفوتون فرصة الاستمتاع بهذه الأجواء مما يخلق حركة واسعة في في الميناء الذي صنف كتحفة سياحية هامة بالمنطقة، وليس هذا فحسب بل إن ميناء “أزفون ” يتحول ليلا إلى عالم من المتعة والفرح من خلال سهرات فنية وموسيقية وغنائية يحتضنها المكان كل ليلة لبث البهجة في قلوب الزائرين من العائلات والسياح الأجانب الذين لا يفوتون فرصة الاستمتاع بوقتهم تحت نور القمر وكسر الروتين اليومي الذي يعيشونه في ظل موجة الحر الهائلة.

ل. ب