الجزائر -قال الخبير الجزائري والدولي في الشؤون العسكرية، توفيق هامل، إن التوجه نحو دسترة إرسال وحدات من الجيش إلى الخارج، بات أمرا “ضروريا”، لمواجهة تغيرات “المناخ الاستراتيجي”.
وأوضح أستاذ التاريخ العسكري ودراسات الدفاع بجامعة “بول فاليري” بمدينة مونبلييه الفرنسية، في تصريح لوكالة “الأناضول” أن هذا التغيير المحتمل في دور الجيش الجزائري، هو نتيجة “لتوجهات عميقة وظرفية مرتبطة بتقلبات المناخ الأمني الجهوي وتغير الثقافة السياسية”.
وأوضح أن ما تضمنته مسودة التعديل الدستوري، بشأن الجيش، له علاقة مباشرة بما يجري في ليبيا ودول الساحل الإفريقي التي تتقاسم مع الجزائر حدودا بآلاف الكيلومترات وبتضاريس جغرافية قاسية.
ويقول هامل: “يكفي إعادة قراءة تصريحات المسؤولين الجزائريين.. هناك قناعة عميقة في أعلى هرم الدولة بأن الجزائر مستهدفة أيضا”، مضيفا “هناك شعور جاد باللا أمن.. كل هذا التواجد العسكري الأجنبي على الحدود يولد شعورا بالحصار”، لافتا إلى أن “الجزائر لا تستطيع تحمل هذه الفوضى الحاصلة على حدودها إلى الأبد”.
وبخصوص توقيت اقتراح مواد تتعرض صراحة لمهام الجيش في مسودة التعديل الدستوري، يقول الخبير إن “التدخلات المريبة للقوى الخارجية (دون تحديد) في ليبيا، هي القطرة التي أفاضت الكأس”.
واعتبر هامل، أن تصريحات رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون حول ليبيا، كانت “لافتة جدا”، وبالأخص عندما حذر بأن: “طرابلس خط أحمر”، وحين أكد بأنه “لن يحدث شيء في ليبيا دون الجزائر”.
ووفق الباحث، فإن دسترة السماح بإرسال وحدات عسكرية إلى الخارج، “رسالة إلى الأطراف التي تريد تهميش دورها (الجزائر) في ليبيا”، مضيفا أن الجزائر ـ بتبنيها هذا التوجه ـ تكون “أعطت المصداقية لكلمة الرئيس، وأنها مستعدة للتنفيذ إذا تطلب الأمر”، وسيصبح بمقدورها أن تتفاوض من موقع قوة.
واعتبر الخبير الجزائري توفيق هامل، أن الموقف الجزائري تغير كثيرا منذ الهجوم الإرهابي الذي استهدف منشأة الغاز بـ”تيقنتورين” في ولاية إليزي، مؤكدا أن هذه العملية الإرهابية، كانت “منعرجا حاسما”، في استراتيجية الجزائر لمكافحة الإرهاب.
وأشار إلى أن “الجيش الجزائري تغير بشكل كبير بفعل عملياته الحديثة ضد الإرهاب.. والجزائر تريد إعادة تعريف دور قواتها المسلحة”، مستطردا بقوله: “الجزائر تريد أن تلعب دورا أكبر في عمليات حفظ السلام بإفريقيا، وستطور هذا المسعى بالاعتماد على الشركاء الاستراتيجيين في إطار تعاون متعدد”.
ومنذ عقود تتبنى القوات المسلحة عقيدة “دفاعية” تمنع قتال وحداتها خارج حدود البلاد، لكن يبدو واضحا اعتزام القيادة الجديدة تغيير الخيارات الاستراتيجية المتعلقة بالجيش، من خلال إدراج بنود صريحة في الدستور المقبل.
وتضمنت وثيقة اقتراحات لجنة الخبراء لتغيير الدستور، والتي أعلنتها الرئاسة في ماي الماضي، إدخال تعديل على المادة 29 من الدستور الحالي، التي تمنع خوض الجيش أي عمليات خارج الحدود.
وتنص المادة الحالية على أن: “الجزائر تمتنع عن اللجوء إلى الحرب لعدم المساس بالسيادة المشروعة للشعوب الأخرى وحريتها، وتبذل جهدها لتسوية الخلافات الدولية بالوسائل السلمية”.
فيما تم بالتعديل الدستوري إضافة فقرة تقول: “يمكن للجزائر في إطار الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والجامعة العربية، وفي ظل الامتثال التام لمبادئها وأهدافها، أن تشترك في عمليات حفظ سلام في الخارج”.
كما أضيف إلى المادة 95 الخاصة بصلاحيات الرئيس: “يقرر (رئيس الجمهورية) إرسال وحدات من الجيش إلى الخارج بعد مصادقة البرلمان بأغلبية ثلثي أعضائه”.
أمين.ب










