الجزائر- دفعت الجزائر بكامل ثقلها الدبلوماسي، خلال الأشهر القليلة الأخيرة، في اتجاه الوساطة بين فرقاء الأزمة الليبية نحو الوصول إلى حل سياسي بمشاركة جميع الأطراف دون استثناء.
وعززت مؤسسة الرئاسة جانب وزارة الشؤون الخارجية في مساعي التوسط، وانتقلت إلى السرعة القصوى للتعجيل بإطلاق حوار وطني ليبي شامل، بعد نفاد صبر دول الجوار من حدوث توافق في المنظور القريب.
وبوتيرة شبه متواصلة، تستقبل الجزائر وفودًا رسمية وسياسية ليبية من مختلف التوجهات، في إطار وساطات لحل الأزمة بالتنسيق مع المبعوث الأممي إلى ليبيا مارتن كوبلر، كان آخرها وفد يمثل منطقة زنتان، الذي جدد له الوزير عبد القادر مساهل التأكيد على الموقف الثابت للجزائر إزاء الأزمة في ليبيا.
وخلال الأسابيع الأخيرة، زار الجزائر بشكل مكثف عدة مسؤولين وشخصيات ليبية، في مقدمتهم رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج، وخليفة حفتر قائد القوات التابعة لـ”برلمان طبرق”، عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب في طبرق، ووفد عن قوات البنيان المرصوص، وأعضاء من المجلس البلدي لمدينة مصراته.
وتم التدخل الدبلوماسي الجزائري عبر التواصل المباشر مع خليفة حفتر، منذ أسابيع، لأول مرة، في خطوة وصفها مراقبون بأنها تهدف للضغط على حكومة فايز السراج، من جهة لتقديم تنازلات، ومن جهة أخرى للضغط على الكتائب المسيطرة عسكريا على غربي ليبيا، من أجل التعاون مع الجهود الدبلوماسية الدولية.
ويرى المتابعون أن “الجزائر تحركت في موضوع ليبيا في إطار تحالفها الاستراتيجي مع روسيا، حيث زار حفتر، الجزائر، مباشرة بعد عودته من موسكو، وهذا تأكيد لدور ما لروسيا في الحراك الدبلوماسي الجديد في ليبيا، وعلى الفور تحركت الأطراف الليبية خاصة المنتمية لتيار الإخوان المسلمين حيث التقى مدير ديوان رئاسة الجمهورية الجزائرية أحمد أويحيى، بالقيادي الإسلامي الليبي علي الصلابي، رفقة زعيم حركة النهضة التونسية الشيخ راشد الغنوشي”.
وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأغواط، محمد تاواتي، في تصريح صحفي، “أعتقد أن الجزائر قررت في النهاية أن الحل الوحيد المتبقي، هو دعم الجيش الليبي ودعم حفتر، تحديداً من أجل إعادة بناء جيش ليبي قوي يمكنه فرض الأمر الواقع في حال عدم توصل أطراف الأزمة إلى اتفاق”. وأضاف المحلل السياسي، أن دول الإقليم الثلاث المجاورة لليبيا وهي مصر وتونس والجزائر، اتفقت على أن الفوضى في ليبيا يجب أن تتوقف، إما باتفاق سياسي نهائي أو عبر دعم القوات التي يقودها حفتر”.