التفجيرات النووية الفرنسية بـ"رقان"

إجماع على أهمية مواصلة الجهود لفضح جرائم فرنسا بالصحراء الجزائرية.. المخلفات الظرفية لتلك التفجيرات راح ضحيتها آنذاك 10 آلاف من الجزائريين

إجماع على أهمية مواصلة الجهود لفضح جرائم فرنسا بالصحراء الجزائرية.. المخلفات الظرفية لتلك التفجيرات راح ضحيتها آنذاك 10 آلاف من الجزائريين

أجمع المشاركون في لقاء نظم بولاية البليدة إحياء للذكرى الـ62 للتفجيرات النووية بـ”رقان” في الصحراء الجزائرية، على أهمية “مواصلة الجهود لفضح جرائم فرنسا الاستعمارية في حق الشعب الجزائري والتي اقترفتها في إطار تجاربها النووية للدخول إلى نادي الدول النووية”.

وأبرز المشاركون من دكاترة ورجال أعيان بالمنطقة، في إطار اليوم الدراسي الذي احتضنته مكتبة مسجد الكوثر بمبادرة من مديرية الشؤون الدينية والأوقاف وجمعية بن جلول العلمية الثقافية، أن “جرائم فرنسا الاستعمارية المتستر عليها والتي ارتكبتها في الصحراء الجزائرية لا تزال آثارها وبقاياها النووية قائمة إلى غاية اليوم، الأمر الذي يستدعي بذل المزيد من الجهود لفضحها من جهة، وحماية الساكنة من أخطار الإشعاعات النووية التي تسببت فيها فرنسا من جهة أخرى”. و أبرز المختص في التاريخ الحديث والمعاصر، من جامعة أدرار، الدكتور عبد السلام كمون، في تدخله، “المخلفات الظرفية لتلك التفجيرات والتي راح ضحيتها آنذاك 10 آلاف من الجزائريين، وأخرى حالية لا تزال قائمة إلى يومنا هذا، تتمثل في التشوهات الحركية والعقلية، بالإضافة إلى آثار لحقت بالأجنة في بطون أمهاتهم ناهيك عن التلوث الإشعاعي المدمر للبيئة من ماء وتربة وحيوانات، ما جعلها منطقة غير صالحة للعيش بأتم معنى الكلمة”. وعن الأسباب التي دفعت بفرنسا لاختيار منطقة “رقان” لإجراء هذه التجارب النووية، قال الدكتور كمون، أنها تعود إلى بعد المنطقة عن وسائل الإعلام، باعتبارها “منطقة عسكرية ذات حدود حمراء، بالاضافة إلى موقعها الاستراتيجي لمثل هذه التجارب، لإحاطتها من الجنوب والغرب بمستعمرات فرنسية كالنيجر ومالي وموريتانيا، ضف إلى ذلك مناخها المعتدل خلال الأشهر الأربعة الأولى من السنة وهي كلها عوامل مساعدة على إنجاح هذه التجارب”، يضيف المحاضر. وأوضح أن هذه الجرائم جاءت لتثأر بها فرنسا لنفسها أمام تلك الإخفاقات التي منيت بها أمام جبهة وجيش التحرير الوطنيين، على غرار إخفاقها في مخطط شال العسكري والذي جندت له إمكانيات بشرية ومادية ضخمة (أكثر من 60 جنرال وأزيد من 700 كولونيل و6500 ضابط)، إلى جانب الثأر للانتصارات التي حققتها الحكومة المؤقتة الجزائرية على الصعيد الدبلوماسي. وأما السبب الرئيسي لهذه التجارب، فإنه يكمن في تخلف هذه الدولة عن الدخول في العالم النووي “فأرادت أن تلتحق بالركب بمساعدة الصهاينة” وهو ما تم لها في سنة 1960، حيث قامت بإجراء أربعة تفجيرات نووية أطلقت عليها “الجرابيع الأربعة”، يضيف السيد كمون. فقامت بالتفجير الأول الذي حمل اسم ” الجربوع الأزرق” في 13 فيفري 1960 والثاني الذي أطلق عليه تسمية “الجربوع الأبيض” في 1 أفريل 1960 والثالث “الجربوع الأحمر” في 27 ديسمبر 1960 والتفجير الرابع الذي سمي بـ”الجربوع الأخضر” في 25 أفريل 1961. وأوضح المتحدث، أن هذا التسلسل في الألوان هو “تيمنا بالألوان المتواجدة في العلمين الفرنسي والصهيوني”. من جهته، دعا الدكتور غريب صحراوي، إطار بمديرية الشؤون الدينية، الفزيائيين والباحثين الجزائريين، إلى الاهتمام أكثر بمنطقة “رقان” من خلال “تسليط الضوء، من الناحية العلمية، على آثار هذه التفجيرات وإخضاع المنطقة للدراسة الدقيقة لكشف المزيد من المخلفات، وذلك لإجبار فرنسا الاستعمارية على الاعتراف بها والاعتذار عليها”. من جهته، ألح الناشط الجمعوي وأحد أعيان المنطقة، الشيخ الهامل سي عمر، على ضرورة اعتراف فرنسا بجرائمها النووية، مشيدا في السياق بجهود الجيش الوطني الشعبي في تطهير مواقع التفجيرات. كما رافع من أجل إدراج هذه الأحداث ضمن المنهاج المدرسي حتى لا تنسى الأجيال القادمة عظمة وتضحيات شهداء ومجاهدي الثورة أمام القوة الاستعمارية المدمرة. وأكد المؤرخ، فؤاد سوفي، أن الاعتراف بمسؤولية فرنسا بالعواقب الوخيمة التي خلفتها تفجيراتها النووية بالجزائر يبقى مطروحا، داعيا إلى الحصول على الأرشيف الفرنسي للجيش والخدمات الصحية المتعلق بتلك الفترة الاستعمارية. وبخصوص معرفة إن كانت مسألة التكفل بالملف النووي الفرنسي في الجزائر مرهونة بتسوية نزاع الذاكرة بين البلدين، رد المؤرخ قائلا: الخلاف حول الذاكرة هو مسألة أكثر تعقيدا، حيث أن كلا البلدين له الحق في ذاكرته التاريخية الخاصة به وليس هناك ما هو أكثر تعقيدا من احترام الذاكرة التاريخية للآخر. للإشارة، ستتواصل هذه التظاهرة على مدار ثلاثة أيام تحت شعار “شعب واحد يرفض النسيان لجرائم العدوان برقان”، بتنظيم ندوات ومعارض لصور تعكس بشاعة هذه المأساة، حسب رئيس جمعية بن جلول العلمية والثقافية، بوعلام الحاج. كما تهدف هذه المناسبة التاريخية، إلى تعزيز روابط الأخوة بين سكان الشمال والجنوب، بنقل انشغالات السكان والتضامن معهم من خلال التحضير لقافلة تضامنية ستتجه عشية شهر رمضان الكريم إلى سكان منطقة رقان، يقول السيد بوعلام الحاج.

محمد.د/أ.ر