في إطار الاحتفالات بالذكرى السبعين لاستقلال الجزائر، وفي لقاء نظمه المرصد الوطني للمجتمع المدني بالتنسيق مع وزارة المجاهدين، ألقى رئيس المرصد، السيد نور الدين بن براهم، مداخلة لافتة تناول فيها تحديات دول الجنوب، وخصوصًا الجزائر، في مواجهة الهيمنة الفكرية والاقتصادية الغربية، مشددًا على ضرورة تعزيز الذاكرة الوطنية كعنصر أساسي لمجابهة الأجندات الخارجية.
استهل بن براهم حديثه بالحديث عن هذه الذكرى التاريخية التي تعيد إلى الأذهان تضحيات الثورة التحريرية التي أهدت الجزائر حريتها واستقلالها. لكن، وكما أشار، فإن الاستقلال السياسي وحده لا يكفي في عالم يتسم بالصراع الهيمني ومحاولة فرض أجندات غربية على دول الجنوب، التي نالت استقلالها في القرن الماضي وتسعى اليوم لإيجاد موقع مؤثر على الساحة العالمية. وقال بن براهم: “في هذا الزمن الرقمي، تُمارس الهيمنة بأدوات القوة الناعمة، حيث تُستخدم الأفكار لزعزعة المعتقدات الوطنية وتستهدف النخب والمؤسسات عبر ما يُعرف بـ’الهجرة الانتقائية’ التي تستنزف العقول والكفاءات البشرية من الجنوب العالمي”. وأضاف أن هذه الاستراتيجية، تهدف إلى خلق هشاشة اجتماعية واقتصادية وثقافية بين الشباب، مما يؤدي إلى استغلالها لخلق نزاعات وصراعات داخلية تصب في مصلحة القوى الغربية. وأكد بن براهم، أن المرصد الوطني للمجتمع المدني يعمل على مواجهة هذه المخاطر من خلال شبكات متخصصة، تتناول قضايا حساسة ومهمة. وأبرز الشبكات التي تم إطلاقها مؤخرًا هي شبكة البيئة والتغيرات المناخية، وشبكة المرأة الريفية المنتجة، وشبكة حقوق الإنسان، بالإضافة إلى شبكة حسن الجوار الجزائري الإفريقي والحوار، والتي تهدف جميعها إلى تعزيز الوعي المجتمعي وتوحيد الجهود الوطنية في مواجهة التحديات. كما أعلن بن براهم خلال المداخلة، عن ميلاد شبكة جديدة تحت مسمى “شبكة المجتمع المدني لمواجهة الفكر النيوكولونيالي”، مؤكدًا أن هذه الشبكة ستكون إضافة هامة في تعزيز مقاومة الأجندات الأجنبية الهادفة إلى اختراق الهوية الوطنية. وقال: “نحن جزء من فكر حر، ونسعى للحفاظ على ذاكرة نظيفة تُخلد مجد ثورتنا وتكون درعًا حصينًا ضد التشكيك والتلاعب الفكري”. وأشار بن براهم إلى رؤية رئيس الجمهورية التي تضع المجتمع المدني في صدارة مشهد بناء الجزائر الجديدة، عبر تمكينه من أدوات الدستور والعمل في إطار شبكات قوية. وأوضح أن المجتمع المدني، بما يمتلكه من إرادة وعزيمة، يمثل حجر الزاوية في بناء مستقبل يحقق العدالة وتكافؤ الفرص بين دول الجنوب وشعوبها. وفي ختام كلمته، دعا بن براهم كافة النخب والمثقفين ووسائل الإعلام إلى الوعي بأهمية هذه المرحلة والتصدي للأفكار الدخيلة، وذلك لتعزيز الهوية الوطنية والذاكرة الجماعية كأحد أسس الوحدة والقوة أمام التحديات الراهنة.
محمد بوسلامة










