تعيش العشرات من العائلات، التي يسكن أصحابها أسفل سد “واد المالحة” ببلدية ماوكلان شمال ولاية سطيف، منذ أيام، حالة طوارئ قصوى، خوفا من انهياره، بسبب اتساع رقعة التشققات الحاصلة على مستوى
بوابته “الترابية”، دون تسجيل تدخل جاد من طرف الوصاية يقضي على الإشكال بصفة نهائية.
هذا المشروع القطاعي الذي التهم أزيد من 20 مليار سنتيم من الخزينة العمومية، لم يكن مصيره الفشل وفقط، بل تحول إلى بركة عملاقة تهدد السكان المجاورين بالموت في أي لحظة، وبات مصير انهيار بوابته قاب قوسين أو أدنى من التحقق.
والغريب في الأمر أن هذا الخطر ليس وليد اليوم، بل يعود لسنوات وكلما عرفت المنطقة تساقطا للأمطار والثلوج، عاد الخطر معها دون تسجيل تدخل جاد من طرف الوصاية للقضاء على الإشكال نهائيا ولو بفتح فوهة السد طالما أنه مشروع فاشل منذ سنوات ولم يعد هناك أمل في ترميمه أو إعادة بعثه.
20 مليار في مهب الريح
لم يتوقع أبناء المنطقة إطلاقا أن تتبخر آمالهم وتذوب فرحتهم بل وتتحول حياتهم إلى خطر، كون المشروع يوم ميلاده قبل أكثر من 8 سنوات خلّف فرحة كبيرة وسط الفلاحين بالخصوص، والذين استبشروا خيرا وسارعوا إلى تجنيد كل إمكانياتهم للنهوض بالقطاع الفلاحي في المنطقة، حيث خصصت حينها السلطات المعنية للمشروع 17 مليار سنتيم، وباءت أشغاله بالفشل وسط تقاذف للمسؤوليات ما بين عدم كفاية المبلغ وعدم تجسيد المشروع وفق المعايير وكذا وجود غش في طريقة الانجاز، لتتدخل بعدها المصالح المعنية بتخصيص مبلغ إضافي قدر بأكثر من 7 ملايير سنتيم لتدارك النقائص، لكن القدر كتب على المشروع أن يفشل في النهاية، بعدما تعرضت بوابته لتشققات كبيرة أدخلت مصالح الري في دوامة من الحيرة، كما أدخلت السكان بالموازاة في نفق الخوف وترقب لحظة الانهيار. ورغم التداعيات الخطيرة التي تحدث كل فصل شتاء، أين قضى السكان أكثر من مرة ليالٍ في العراء هروبا إلى مناطق بعيدة عن موقع الخطر، خاصة شتاء 2012 الذي كان قاسيا على السكان، لم تتدخل السلطات المعنية بقرار جاد، مكتفية بإيفاد لجان وقائية مكونة من مصالح الحماية المدنية والسلطات المدنية والعسكرية بالمنطقة من باب تسجيل الحضور ليس إلاّ.
المشاكل التنموية في طي النسيان
والأمر المؤثر في تصريحات سكان القرى المذكورة لموقع صوت سطيف، هو تأكيدهم على أنهم نسوا المطالبة بالمشاريع التنموية رغم حاجة قراهم إليها، وصبوا كل اهتمامهم على قضية السد، كون الأمر يتعلق بحياتهم، فلا حديث عن التنمية – كما قال أحدهم- إلى غاية القضاء على خطر السد، بل ودفع هذا الوضع ببعض السكان إلى هجرة المنطقة نحو مدينة بوقاعة والمناطق المجاورة بحثا عن حياة آمنة، حتى ولو كلّف ذلك ضريبة مادية شهرية تذهب في الكراء.
ممر من خشب وزنك مهترئ
ولعل الأمر المؤسف، ممر علوي يجتاز رواق تصريف المياه الفائضة للسد، مصنوع من مادة الخشب وزنك مهترئ، ويمر عليه العشرات يوميا، دون النظر إلى المخاطر التي قد يحدثها في حالة سقوطه، خاصة وأنه يتواجد في حالة متقدمة من الإهتراء، في صورة تؤكد حجم المخاطر التي تحدق بحياة البشر هنا، والتي يقابلها تهاون فظيع من طرف السلطات المعنية، والتي يبدو أنها تنتظر حتى تحدث الكارثة لتتدخل!