في إطار التوجهات الكبرى للدولة الجزائرية نحو ترسيخ مبادئ الشفافية والنزاهة ومكافحة الفساد، احتضن مقر وزارة التربية الوطنية، السبت، توقيع اتفاقية تعاون بين الوزارة والسلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته.
وقد جاء هذا الحدث، تتويجًا لمشاورات سابقة بين الطرفين، تُوّجت بإبرام هذه الاتفاقية النوعية التي ترمي إلى المساهمة في بناء منظومة وطنية شاملة لمكافحة الفساد، تُستمد مرجعيتها من دستور الجمهورية الجزائرية.
أخلقة الحياة العامة وتعزيز الشفافية في الوظيفة العمومية
وفي تصريحاته بالمناسبة، أكد وزير التربية الوطنية، أن هذه الاتفاقية تندرج في سياق تنفيذ الرؤية العليا للدولة، والتي تهدف إلى أخلقة الحياة العامة، من خلال إلزام جميع مؤسسات الدولة وموظفيها، على اختلاف مواقعهم، بالشفافية والنزاهة في أداء وظائفهم. وأوضح الوزير، أن قطاع التربية الوطنية يسعى من خلال هذه الاتفاقية إلى تحقيق هدفين رئيسيين، مشيرا إلى أن الهدف الأول يتمثل في فتح المجال أمام إدراج مبادئ الشفافية والنزاهة في البرامج التربوية والبيداغوجية، وذلك بغرض غرس هذه القيم في نفوس الأجيال الصاعدة. وقال: “نحن نعمل على تنشئة أجيالنا القادمة على ثقافة حماية المال العام، واحترام المؤسسات العمومية، والتسيير النزيه والواضح للوظائف العامة، بما يعزز بناء مجتمع مستقبلي سليم وقوي”. وأشار إلى أن خبراء القطاع سيضطلعون بمهمة إدراج هذه المبادئ في المناهج الدراسية الموجهة لتلاميذ المدارس عبر الأطوار التعليمية الثلاثة.
مرافقة الموظفين الإداريين في الالتزام بمبادئ النزاهة
أما الهدف الثاني، فقد تعلق بالشق الإداري، حيث أكد الوزير على ضرورة انخراط موظفي القطاع، خاصة في الجانب الإداري، في الخطة الوطنية التي ترعاها السلطة العليا، والتي تلزم فئات معينة من الموظفين العموميين بالتصريح بالممتلكات، إلى جانب التقيّد بقيم النزاهة والمسؤولية. ووصف الوزير هذه الاتفاقية، بأنها فرصة لتعريف الموظفين بالإطار القانوني لمكافحة الفساد، وتعزيز التكوين في هذا المجال. ولفت إلى أن توقيع الاتفاقية تزامن مع انطلاق أول دورة تكوينية لفائدة إطارات وزارة التربية، والتي تهدف إلى تمكينهم من استيعاب التوجيهات والقوانين التي أرستها السلطة العليا ضمن استراتيجيتها الوطنية.
تعزيز التنسيق الوطني لمحاربة الفساد
من جهتها، أكدت ممثلة السلطة العليا على أهمية هذه الاتفاقية، مشيرة إلى أنها تندرج ضمن جهود تعزيز الشفافية والمساءلة في تسيير الشأن العام، وهي إحدى أولويات رئيس الجمهورية لبناء مؤسسات قوية وفعالة. وأوضحت أن توقيع الاتفاقية يأتي في إطار انفتاح السلطة على مختلف قطاعات الدولة، من منطلق قناعة راسخة بأن مكافحة الفساد مسؤولية جماعية ومجتمعية لا يمكن أن تنفرد بها مؤسسة واحدة. وشدّدت على أهمية التكامل والتعاون بين الهيئات للقضاء على ظاهرة الفساد، التي تُقوض التنمية الاقتصادية وتمسّ بحقوق الإنسان. وتمثلت أهم محاور الاتفاقية في: تكوين إطارات وزارة التربية حول مخاطر الفساد والإطار القانوني المتعلق بمكافحته ومرافقة مسؤولي القطاع في مجالات تتعلق بالصفقات العمومية وتسيير الشأن العام، خاصة في المناصب الأكثر عرضة للفساد واستحداث آليات وقائية داخل المنظومة التسييرية للقطاع وإثراء المناهج التعليمية بمحتوى يتعلق بمكافحة الفساد ونشر ثقافة النزاهة والشفافية في أوساط التلاميذ إضافة الى الاستثمار في الأجيال الصاعدة لحماية مؤسسات الدولة مستقبلًا. وختمت ممثلة السلطة العليا تصريحها، بالتأكيد على أن هذه الاتفاقية تساهم في تنفيذ الغاية الثانية من الاستراتيجية الوطنية للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته، التي أُطلقت في 15 جويلية 2023، ضمن الهدف الاستراتيجي الخامس، التدبير رقم 24. كما ثمّنت, التزام وزير التربية الوطنية الصريح والمعلن بمرافقة السلطة العليا في تنفيذ هذه الاستراتيجية، والتي تمتد إلى غاية نهاية سنة 2027، مؤكدة أن انطلاق الدورة التكوينية اليوم يُعدّ دليلًا عمليًا على هذا الالتزام.
سامي سعد












