ضيف المنتدى.. البروفيسور عبد القادر بريش يكشف:

ارتفاع الأسعار ظاهرة عالمية سببها تزايد معدلات التضخم.. أيُّ فتح لحجم معين من استيراد السيارات لن يلبي طلبات السوق المتراكمة

ارتفاع الأسعار ظاهرة عالمية سببها تزايد معدلات التضخم.. أيُّ فتح لحجم معين من استيراد السيارات لن يلبي طلبات السوق المتراكمة

📌 نراهن على صدور قانون الاستثمار الجديد لتحقيق الإقلاع الاقتصادي

📌 ضرورة وضع آليات تنسيقية بين وزارتي التجارة والفلاحة لضبط السوق

📌 الانتقال إلى الدعم الموجه وفتح سوق المنافسة سيمكن من القضاء على الاحتكار

📌 الاقتصاد الجزائري يسجل أعلى معدل نمو برقم يفوق الـ4 بالمائة في الثلث الأخير من 2021

كشف الخبير الاقتصادي وعضو لجنة المالية بالبرلمان، عبد القادر بريش، لدى نزوله ضيفا بالمنتدى الأسبوعي لجريدة “الموعد اليومي”، أن السبب وراء ارتفاع الأسعار في الأسواق العالمية، راجع إلى استمرار تزايد معدلات التضخم بسبب التغيرات الجيوسياسية وتأثيرات الجائحة التي مست الاقتصاد العالمي، مراهنا على  صدور قانون الاستثمار الجديد ومباشرة عملية الإحصاء العام للسكان، لتحقيق الإقلاع الاقتصادي.

 

ودعا البروفيسور بريش، إلى ضرورة وضع آليات تنسيقية بين وزارتي التجارة والفلاحة لضبط السوق المحلية على أسس حقيقية، مبرزا أهمية الانتقال إلى الدعم الموجه، ومن ثم فتح سوق المنافسة للقضاء على ظاهرة الاحتكار والندرة، سيما في المواد المدعمة، مؤكدا أن أيًّ فتح لحجم معين من استيراد السيارات لن يلبي طلبات السوق المحلية المتراكمة، مما سيؤدي إلى استمرار ارتفاع الأسعار، والتي لا تخدم الطبقة الوسطى.

 

موجة ارتفاع الأسعار ظاهرة عالمية ووتيرة التضخم تسير بنسق تصاعدي

أكد عضو لجنة المالية بالبرلمان، أن الانتقال إلى الدعم الموجه، ومن ثم فتح سوق المنافسة على مصرعيه، سيقضي على ظاهرة الاحتكار سيما في المواد المدعمة.

ودعا ضيف المنتدى، إلى ضرورة إرساء آليات لتنظيم الأسواق وفرض الرقابة على مختلف المواد المنتجة محليا، في ظل الاختلالات الموجودة، مشيرا إلى أنه يستوجب على السلطات حل مشكلة المضاربة والندرة الذي يحدث خلال شهر رمضان، على طول العام وليس في شهر رمضان كما هو يجري الآن. وأضاف الخبير الاقتصادي، بالقول: “إن الإشكال المطروح اليوم يكمن في أن يصبح شهر رمضان بمثابة هاجس للسلطات، أين يتم عقد الجلسات واللقاءات”. وأوضح المتحدث، أن الحل يكمن في بناء اقتصاد وسوق تجاري ومؤسساتي وقواعد لوجستية متكاملة تضمن سير العمل التجاري بحيث يصبح شهر رمضان كغيره من الأشهر، مضيفا أنما يجب أخذه بعين الاعتبار في هذا الشهر هو زيادة الطلب نسبيا على بعض المواد ما يستدعي تحقيق الوفرة عبر تمويل سوق من طرف المتعاملين الاقتصاديين، وهذا ما يعتبر سلوك طبيعي في ممارسة العمل التجاري، من خلال التخطيط متى يزداد الطلب وكيف نلبيه. كما أشار عضو لجنة المالية بالبرلمان، أن مسألة ارتفاع الأسعار ليست مقتصرة على الجزائر فحسب، بل مست معظم اقتصادات العالم بما فيها الاقتصادات الكبرى، في ظل التغيرات الجيوسياسية، مرجعا أسباب ارتفاع أسعار مختلف المواد الغذائية، سيما الحبوب، إلى ارتفاع معدلات التضخم لمستويات عالية. كما أفاد المتحدث، أن تقرير منظمة الفاو حول ارتفاع أسعار الغذاء في العالم والذي طرح منذ شهر، يؤكد زيادات بنسبة 30 بالمائة في الأسعار، مضيفا أن الاقتصاد الأمريكي قد سجل نسبة تضخم تعادل 7.5 بالمائة، في حين أن هذا المعدل لم يسجل منذ 40 سنة، يبرز المسؤول. كما واصل الخبير الاقتصادي، في سياق حديثه، عن ارتفاع الأسعار أن هناك عوامل أخرى أدت إلى ذلك بما فيها ارتفاع تكلفة الشحن واللوجيستيك، وكذا نقص المحاصيل الزراعية بسبب التغيرات المناخية، معتبرا أن كل هذا قد أدى إلى تراجع الاقتصاد العالمي، وبالتالي إدخال السلع بأسعار مرتفعة إلى بلدنا.

 

تسويق سلع منتجة محليا بأسعار خيالية غير معقول!

في ذات الصدد، استنكر الخبير الاقتصادي، عملية تسويق السلع المنتجة محليا بأسعار خيالية، على غرار البطاطا والطماطم التي سوقت بقرابة 170 دينار، مبديا أسفه من ظاهرة التهافت على بعض المواد الاستهلاكية، ما أدى إلى غلائها، موضحا أن هذه الظاهرة ترتبط بسلوك الفرد وكذا الجوانب الأخلاقية والضمير المهني للتجار.

 

زيادة هامش الربح لدى الموزعين هو حل ظرفي

وبخصوص زيادة هامش الربح لدى موزعي الحليب، قال بريش، أن هذا القرار هو بمثابة حل مؤقت، رغم أن قلة منتوج الحليب المدعم في السوق يرجع إلى نقص هامش الربح لدى الموزعين، منوها أن الحل الأمثل يكمن في التفكير نحو الانتقال من الدعم المعمم إلى الدعم الموجه وبالتالي رفع الدعم على هذه السلع، ومن ثم فتح سوق المنافسة للقضاء على الاحتكار.

وقال بريش في سياق حديثه، عن اقتراح رفع هامش الربح لدى الموزعين أنه: “باعتبار أن منطق التاجر هو الربح وبالتالي فإن هذه الزيادة تحفز الموزعين على العمل على توصيل المادة وتوفيرها بالكميات المطلوبة”، مؤكدا أن مشكلة المواد المدعمة ترجع إلى سياسة الدعم، خاصة وأن نقصها يرجع إلى غياب المنافسة واحتكارها من طرف فئة منحهم القانون هذه الوضعية الاحتكارية، على حد قول المسؤول.

 

استقرار أسعار الزيت والحليب مرتبط بفتح مجال المنافسة

وأكد المتحدث، أنه لو يتم فتح سوق الزيت لاستقر سعره في مستوى معين، ونفس الأمر ينطبق على الحليب وباقي المواد المدعمة، كون أن المنافسة تفرض الاستقرار في السوق، على حد تعبيره.

 

مسألة الدعم معقدة ويجب إيجاد أنظمة معلوماتية قابلة للتحيين

كما اعتبر المسؤول، أن مسألة الدعم تعد مسألة معقدة وتتطلب دراسة معمقة، قائلا: “لقد تم على مستوى المجلس الشعبي الوطني إجازة المادة 190 من قانون المالية 2022، والتي تخول لنا التفكير في إيجاد جهاز يعنى بإعادة النظر في كيفية توجيه الدعم، وما هي الفئات المعنية بهذا القرار”.

وواصل المتحدث قائلا أن “قضية توجيه الدعم للفئات المستهدفة مرتبط بالعمل الجاد للجنة المكلفة بدراسة الملف وباقي القطاعات، ولعل تأخر القيام بالإحصاء العام للسكان، سيؤدي مع الأسف إلى تأخر إيجاد أرضية وبنك معطيات للجماعات المحلية، تمكن من معرفة عدد العائلات المعوزة والطبقة الدنيا وإيجاد الأنظمة المعلوماتية القابلة للتحيين”.

 

أيُّ فتح لحجم معين من استيراد السيارات لن يلبي طلب السوق المتراكم

كما أوضح الخبير الاقتصادي، أنه كل ما طالت مدة تأجيل الفصل في عملية المصادقة على دفتر الشروط الخاص باستيراد السيارات كلما تعقد الملف أكثر، مضيفا أن السوق المحلية محتاجة لأكثر من 200 ألف سيارة سنويا.

وقال بريش، أن الطلب يتراكم على سوق السيارات، حيث أن بعض الأشخاص لم تكن لديهم الحاجة في وقت سابق للسيارة في حين وبعد مرور سنة أو سنتين صارت لديهم رغبة في اقتنائها، مبرزا أن أيًّ فتح لحجم معين من استيراد السيارات لن يلبي طلب السوق الجزائرية من السيارات الجديدة، مما سينتج عنه استمرار في ارتفاع الأسعار، والتي لا تخدم الطبقة الوسطى. كما استطرد البروفيسور قائلا: “إن ملف استيراد السيارات أخذ أكثر مما يلزم، وما كان ينبغي اليوم أن نعيش هذه الوضعية، سيما وأن قضية استيراد السيارات هي قضية تجارية بحتة، والمقاربة كانت خاطئة منذ أن أوكلت العملية لوزارة الصناعة، في حين أنه كان من المفترض أن توكل المهمة لوزارة التجارة، ووزارة الصناعة تتدخل في المجال التقني لما يتم استيراد السيارات عبر مراقبة الجوانب التقنية لملف السيارات من خلال مهندسي المناجم”. وأضاف بريش، أن توقيف استيراد السيارات الجديدة ولّد ظاهرة أخرى تتمثل في تقادم الحظيرة الوطنية للسيارات، مما زاد من تكلفة صيانة السيارات وعدم تمكن من تلبية حاجيات السوق الداخلية من قطع الغيار، نتيجة تأثيرات جائحة كورونا وارتفاع تكاليف الشحن، وبالتالي بات مشكل استيراد السيارات عبارة عن مشكل معقد يصعب حله. ودعا الخبير الاقتصادي، إلى ضرورة التسريع في إعداد دفتر الشروط ومنح الاعتمادات للمتعاملين الذين تتوفر فيهم الشروط، بغية الشروع في جلب السيارات مباشرة.

 

الاقتصاد الجزائري يسجل أعلى معدل نمو برقم يفوق الـ4 بالمائة في الثلث الأخير من 2021

أوضح الخبير الاقتصادي، البروفيسور عبد القادر بريش، عند نزوله ضيفا على “الموعد اليومي” أن الواقع الاقتصادي في الجزائر حاليا سجل تحسنا ملحوظا في الثلاثي الأخير من سنة 2021 وخلال الثلاثي الأول للسنة الجارية 2022 ويبقى التحسن مستمر من خلال عدة مؤشرات في حجم المشاريع الاستثمارية التي تم إطلاقها بفضل عزم وإرادة وتوصيات وحرص السيد رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، من خلال إطلاق المشاريع الاستثمارية التي كانت معطلة وتأثيرها على الجانب الإنتاجي والصناعي وإنتاج السلع وتوفير الخدمات والتقليل من فاتورة الاستيراد، إلى جانب خلق الوظائف في حدود 50000 وظيفة والقضاء على البطالة، ومن جهة أخرى عودة الوتيرة الطبيعية للحياة الاقتصادية في الجانب الفلاحي والأنشطة الاقتصادية، ما جعل الاقتصاد الجزائري يسجل أعلى معدل نمو في الثلث الأخير من السنة المنصرمة برقم يفوق الـ4 بالمائة وهو رقم مشجع، مضيفا أن وتيرة النشاط الاقتصادي متواصلة خلال هذه السنة 2022، خاصة مع زيادة الطلب على البترول وارتفاع سعره معتقدا أن الخروج من جائحة كورونا عالميا وعودة النشاط الاقتصادي والنمو العالمي ترك كل المتعاملين الاقتصاديين يحاولون استدراك وتعويض الخسائر التي تحملتها دولهم ما دفع إلى كثرة الطلب على البترول في الأسواق الدولية، ضف إلى ذلك حرب روسيا مع أوكرانيا التي دفعت هي الأخرى برفع أسعار البترول. وحسب المؤشرات، فإنه سيكون هناك استمرار في ارتفاع أسعار البترول في الأسواق الدولية في الأيام والأشهر القادمة نتيجة الحروب.

 

الرهان على صدور قانون الاستثمار الجديد

وأفاد البروفيسور بريش، أن الصادرات الجزائرية سجلت لأول مرة خارج المحروقات رقما يفوق 4.5 مليار دولار أمريكي، كما عرف الاقتصاد الجزائري نهاية 2021، تحكما بشكل كبير في فاتورة الواردات التي هي في حدود 33 مليار دولار، ما يدل أنه أضحت للجزائر رؤية وإسرار على النهوض والإقلاع الاقتصادي، كما يراهن المتحدث على أن تكون سنة 2022، كما قال، رئيس الجمهورية  السيد عبد المجيد تبون، سنة اقتصادية بامتياز من خلال إطلاق العديد من المشاريع ومحاربة البيروقراطية والعمل على تسهيل مهمة المستثمرين المحليين والأجانب. ومن جهة أخرى، تأسف عن تأخر صدور قانون الاستثمار الجديد الذي يحدد ويعطي رؤية واضحة لبيئة الاستثمار في الجزائر ويمنح الاطمئنان بالنسبة للمستثمر الأجنبي والمستثمر الجزائري، ويوضح أيضا، رؤية الحكومة والقطاعات ذات الأولوية والاستراتيجية وما هي التحفيزات التي يمكن تقديمها للمستثمرين الأجانب لجلب الاستثمارات الأجنبية. وفي ذات السياق، ثمّن ضيف منتدى “الموعد اليومي”، الجولة التي قام بها رئيس الجمهورية، إلى قطر والكويت لاستقطاب المستثمرين من هذه الدول والذين يترقبون قانون الاستثمار الجديد. كما تأسف المتحدث أيضا، عن التأخر في عملية القيام بالإحصاء العام للسكان.

 

ضرورة وضع آليات تنسيقية بين وزارتي التجارة والفلاحة لضبط السوق

وقال البروفيسور عبد القادر بريش، أنه لازلنا بعيدين عن التقييم الحكومي في هذه المرحلة، لأن الحكومة جاءت بمخطط عمل حامل لرؤية وخطوط عريضة كبرى ومحاور أساسية للإصلاحات، مضيفا أن النواب بالمجلس الشعبي الوطني قاموا بتقديم ملاحظاتهم مع مناقشة مخطط عمل الحكومة وتمت المصادقة عليه وهو حاليا قيد التنفيذ ولا نستطيع تقييم أداء الحكومة إلا عند نهاية السنة الجارية.

 

رفع التحديات يكمن في إحداث إقلاع اقتصادي حقيقي

ويعتقد عضو لجنة المالية بالبرلمان، أن التحدي هو كيف لنا أن نصنع اقتصادا قويا وأن نحدث إقلاعا اقتصاديا حقيقيا وكيف يمكننا أن نستغل ما هو متاح من موارد اقتصادية وإمكانات مادية وبشرية ليصبح الاقتصاد الجزائري يعبر عن  الموارد الاقتصادية على المستوى السياحي والفلاحي، مفسرا أن أزمة كورونا أعطت درسا للعالم كله والجزائر جزء من المنظومة العالمية ونبهتنا إلى مسائل حيوية واستراتيجية في مسألة إدارة الدولة وإدارة المجتمع وفي إعادة الترتيب للأولويات ونظرتنا لمفهوم الأمن القومي هو الذي يبنى على الأمن الاقتصادي، منوها أن للجزائر فرصة مواتية لاستغلال الإمكانيات والثروة الطاقوية سواء كانت طاقة أحفرية تقليدية أو طاقة غير تقليدية والطاقة المتجددة، مشددا أيضا، أنه حان الوقت لإعداد وانتهاج استراتيجية ورؤية لتطوير القدرات الإنتاجية والتصديرية للبترول والغاز من حيث الكمية والقدرات للاحتواء على حصص سوقية في سوق الغاز خاصة مع أوروبا.

 

المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي له دور قوي في مرافقة الحكومة

يعتبر الخبير الاقتصادي، أن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أصبح هيئة مدسترة وله مكانته من حيث القوة المؤسساتية، متمنيا أن يلعب هذا الأخير دوره حسب ما هو منصوص عليه في الدستور وأنه هيئة استشارية للحكومة ويقدم لها الرؤيا والحلول في الكثير من المسائل وأنه يقيم السياسات العمومية ويقف على الاختلالات ويقدم كذلك التقارير للجهات المختصة.

زهير حطاب / محمد.و