يعرف استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي من فئة نماذج اللغة العميقة مثل “شات جي بي تي” وغيره استخداما واسعا في الأوساط التعليمية الجزائرية بين الطلاب من مختلف الفئات العمرية والمراحل الدراسية.
يتنوع استخدام الطلاب وحتى التلاميذ لـ “شات جي بي تي” بين من يستعين به على شرح المواد الدراسية وحتى تلخيصها وبين السعي للحصول على الإجابة عن بعض الأسئلة.
يقول المختصون في الشأن التربوي والتعليمي إن استعمال هذه التقنية يحمل أبعادا إيجابية، حيث تُمكن الطلبة من الوصول السريع إلى المعلومات، وتبسيط المفاهيم العلمية المعقدة، وتنظيم الأفكار بشكل أفضل، مما قد يساهم في تنمية مهاراتهم في البحث والتعلم الذاتي، ومع ذلك يرى الخبراء أن هذا الاستعمال لا يخلو من مخاطر وسلبيات، أهمها ضعف مهارات التحليل والنقد عند الطلبة في حال اعتمادهم المفرط على الذكاء الاصطناعي، إضافة إلى إمكانية الانزلاق نحو النقل الحرفي أو التوقف النهائي عن التفكير
ومحاولة البحث بل التوجه المباشر نحو الحل، حيث يخشى الخبراء حدوث ما أسموه بـ “الكسل المعرفي”، حيث يمكن أن يؤدي الاعتماد المفرط على تطبيقات الذكاء الاصطناعي إلى ظاهرة “الاستعاضة المعرفية”، أي اعتماد الطلبة على الإجابات الجاهزة بدل تطوير مهاراتهم في التفكير النقدي والكتابة اليدوية والفهم العميق.
“شات جي بي تي” بعيون المعلمين
أكد معلمون في عدة مدارس ابتدائية ومتوسطة فضّلوا عدم نشر أسمائهم، أنهم غير ملمين بتقنية «شات جي بي تي» وبطبيعة عملها، وكيفية الحصول على المعلومات من خلالها، ومجاراتها، فيما أكد آخرون أنهم يعرفون التعامل معها، فيما اتفق جميعهم على تمكنهم من تمييز الطالب إذا كان قام بكتابة التقارير أو حل الواجبات المكلف بها بنفسه وبجهده الخاص، أو استعان بغيره، سواء ولي أمره أو مواقع البحث الشهيرة من خلال مهارات يمتلكها. وأكدت معلمة لغة عربية أن رصد الطلبة الذين يقومون باستخدام تقنية «شات جي بي تي» أمر يصعب على المعلم تمييزه، خصوصاً أن الطالب حين يكلف بحل الواجب المنزلي أو إعداد تقرير عادةً ما يقوم بحله في المنزل، ما يضع المسؤولية على أولياء الأمور المكلفين بضرورة رفع وعي أبنائهم التقني، وتحديد المواقع الإلكترونية والتقنيات التي يبحثون فيها للإجابة عن الأسئلة التي يواجهون صعوبة في حلها أو كتابة التقارير، لحمايتهم من مواقع غير آمنة ومعرّضة للاختراق.
“شات جي بي تي”.. المنقذ والرفيق خلال المشوار الدراسي
وحول هذا الموضوع، قال لنا “عادل. ك” مقبل على شهادة البكالوريا إن هذه التقنية أصبحت جزءا أساسيا من استراتيجيته الدراسية، سواء في حل الواجبات المنزلية أو التحضير للامتحانات، مشيرا إلى أنها سهلت عليه فهم الدروس من خلال تقديمها بطريقة تفصيلية، بعد أن كانت تشكل تحديا له.
وهو نفس ما ذهبت إليه زميلته التي قالت إنها تلجأ إلى “الشات جي بي تي” كلما وجدت صعوبة في مراجعة المواضيع المعقدة، كطرح أسئلة تتعلق بمادة العلوم الطبيعية مثلا، وقد وجدت فيه شرحا بسيطا ومفيدا، وحققت نتائج أحسن في الامتحانات.
من جهته، أشار طالب آخر إلى أن ما يقدمه “الشات جي بي تي”، من خدمات معرفية وتفاعلية، يعزز مهاراته الأكاديمية من خلال تسهيل الوصول إلى المعلومات بدقة وسرعة، إضافة إلى التحضير للامتحان بإجابات نموذجية سهلة، داعيا الطلبة إلى ضرورة استخدامه بوعي حتى لا يقعون في الغش الأكاديمي.
أبعاد إيجابية مُحاطة بمخاطر سلبية
قال الخبراء إن توظيف هذه التقنية يحمل أبعادا إيجابية، حيث تُمكن الطلبة من الوصول السريع إلى المعلومات، وتبسيط المفاهيم العلمية المعقدة، وتنظيم الأفكار بشكل أفضل، مما قد يسهم في تنمية مهاراتهم في البحث والتعلم الذاتي.
غير أن هذا الاستعمال مُحاط بعدد من السلبيات والمخاطر، أهمها ضعف مهارات التحليل والنقد عند الطلبة في حال اعتمادهم المفرط على الذكاء الاصطناعي، إضافة إلى إمكانية الانزلاق نحو النقل الحرفي أو الغش الأكاديمي، وهو ما يهدد جودة البحث الجامعي ومصداقيته.
وكخلاصة للموضوع، يقول المختصون إن الموقف السليم يكمن في التعامل مع “شات. جي. بي. تي” كوسيلة مساعدة لا كبديل عن الجهد البحثي، مع ضرورة وضع ضوابط أكاديمية واضحة لاستعمال هذه التقنية.
ل. ب