استشارات طبية… هل العلاج النفسي علاج وهمي كما يدعي البعض ؟

استشارات طبية… هل العلاج النفسي علاج وهمي كما يدعي البعض ؟

 

السؤال

ذهبت إلى الطبيب النفسي، وقال: إن مرضي هو اضطراب القلق العام المزمن، وكتب لي دواء “…” ، ولكن عندما استخدمته لمدة أربعة أشهر تقريبا لم أشعر بأنني تحسنت، علما أنني زدت الجرعة كما طلب مني الطبيب، ولكن لم أستفد، فهل يمكنني أن استخدم “…” بدلا منه ؟ آمل أن تنصحوني؛ لأنني لا أستطيع في هذه الأيام الذهاب إلى الطبيب النفسي بسبب ظرف مادي صعب أمر به حاليا.

وهل الدواء النفسي مجرد مخدر ولا يعالج؟ لأن هناك من يقول: يسبب الإدمان، ومن يقول: تصبح حالة المريض أسوأ بعد التوقف عن العلاج، ومن يقول: إن تأثير علاج الأدوية النفسية المضادة للقلق والاكتئاب والوسواس القهري واضطراب الهلع ذات تأثير وهمي، وإن آلية علاج هذه الأدوية النفسية تساعد فعلا وينجح تأثيرها الوهمي – على حسب زعمهم – من خلال التفاعل المبالغ فيه لدماغ المريض تجاه تلك الأدوية الوهمية؟

خالد.ص

الجواب

هناك كثير من الشائعات والأمور غير الصحيحة عن الأدوية النفسية، ومنها الأشياء التي ذكرتها.

أولاً: الأدوية النفسية كلها ليست شيئا واحدا لكي نُجملها ونتكلّم عنها كأنها دواء واحد أو فصيل واحد، الأدوية النفسية تتكوّن من مجموعات رئيسية: مضادات الذهان، مضادات الاكتئاب، مثبتات المزاج، ثم المهدئات الصغرى، والمنوّمات.

المجموعة الأولى والثانية والثالثة أو الفصائل الثلاثة من الأدوية (مضادات الذهان، مضادات الاكتئاب، مثبتات المزاج) لا تسبب الإدمان على أي حال من الأحوال، وهي ليست أدوية مُخدرة، هي تُعالج الاكتئاب والذهان والاضطراب الوجداني، وكل هذه الأدوية قبل أن يتم التصديق عليها لاستعمالها مرَّت بتجارب عديدة ودراسات مُحكّمة ومستفيضة من قِبل هيئات للرقابة الدولية عالية، ولذلك هذه الأدوية تُعالج الأمراض ولا تُسبب زيادة في أعراض المرض.

بعض المرضى قد لا يستجيبون لأدوية بعينها، وقد لا يستجيبون للعلاج أصلاً، ولكن هذا أصلاً ليس راجعًا لمشكلة في الدواء، ولكن راجعًا للأمراض النفسية.

وعندما يترك المريض الدواء وترجع الأعراض مرة أخرى فهذا أيضًا مرتبط بطبيعة الأمراض النفسية نفسها التي معظمها يكون مزمنًا ويحتاج إلى استعمال الدواء لفترة طويلة قد تكون طيلة العمر، ولذلك عندما يتوقف عنها الشخص تظهر الأعراض مرة أخرى.

أمَّا بخصوص أن لها تأثير وهمي: فهذا أيضًا ليس له مجال من الصحة، كلّ الأدوية – سواء كانت نفسيّة أو غير نفسيّة – لها بُعد نفسي في الشفاء ولكن هذه نسبة مُحددة لكلِّ الأدوية، وليست قاصرة على الأدوية النفسية، وعندما يتمُّ تجارب هذه الأدوية عادة التجربة تكون بين الدواء المعني ودواء آخر شكله شكل الدواء الأول، وتتمُّ المقارنة في عيِّنات لا يعرفها إلَّا الباحث، ويتمُّ النظر هل الأدوية المشابهة لها شكلاً تُحدثُ نفس الآثار أم الأدوية هي التي تؤدي إلى تحسُّن المريض، وكل التجارب أثبتت أن الأدوية هي التي تؤدي إلى تحسُّن المريض وليست الأدوية التي تشبهها في الشكل وفي اللون.

أمَّا عن سؤالك – أخي الكريم – فطبعًا لا بد من متابعة الطبيب، لأنه صرف لك دواء ولم تستفد منه.

د/ عمر. ش