يتعرض الكثير من الأبناء للضرب، سواء في الشارع أو المدرسة وهو أمر منتشر ومُتوقع، لكن غير المتوقع هو رد فعل الأولياء الذي يختلف من عائلة لأخرى حسب ثقافتها ونمط تفكيرها، لكن الغالب هو تحريض الطفل على الرد بقوة وضرب من يضربه واسترجاع حقه بيده.
تعيش الأمهات ضغطا متواصلا بسبب مشاكل الأبناء خاصة تلك التي يتعرض طفلها للضرب من الأطفال الآخرين دون أن يستطيع الدفاع عن نفسه فيلجأ إليها، لتجد نفسها في صراع بين أخذ الحق بالقوة وتشجيعه على ضرب من يضربه أو تبني موقف اللباقة والأدب وأن العقل والحوار من يحل المشكلة، كما يجد الأطفال أنفسهم بين صراع بين أن يكون الأضعف المُتنمَّر عليه، وبين أن يكون المتنمِّر العنيف الذي يخشاه الجميع.
العنف داخل المدارس
كثيرا ما نسمع قصص العنف المدرسي من أولياء الأمور، ويحمل العديد من الأخصائيين الاجتماعيين في المدارس مئات الشكاوى التي تتكرر سنويًا، من حالات التنمر والعنف بين التلاميذ التي لم تعد تقتصر على شجارات بالأيدي بين التلاميذ، بل وصلت في بعض الحالات لاستعمال الآلات الحادة.
وحسب ما روته لنا مستشارة تربوية في متوسطة بالعاصمة أن الفروق الجسدية بين الطلاب في المراحل المختلفة هي الوسيلة الأكثر استخدامًا في التنمر، والذي لا يختلف كثيرًا بين الذكور والإناث، وربما تختلف النتائج وشكل المشكلة، لكنها في الأساس واحدة، حيث يتم استهداف التلميذ الأضعف والأقل حجمًا، خاصة إذا كان يتميز بتفوق دراسي أو مظهري أو مادي، فهو في هذه الحالة “ضحية مثالية” للمتنمرين من زملائه، خاصة وأن أغلبهم لا يستطيعون رد العنف، حتى يتطور الأمر إلى اشتباكات داخل المدرسة تنتهي بحضور أولياء الأمور وربما بتصعيد إلى مستويات أعلى.
هل مواجهة الضرب بالضرب هي الحل؟
وجد باحثون مشاركون في دراسة اجتماعية، أن ظاهرة العنف في المدارس تنبع من العنف الأسري في المنزل، سواء تعرض له الطفل مباشرة أو شاهده يحدث لأحد المقربين منه في بيئته الأسرية. وتُعد “نظرية التعلم الاجتماعي” من أكثر النظريات شيوعًا في تفسير العنف المدرسي، حيث يتحول العنف إلى سلوك مكتسب يتعلمه الطفل داخل الأسرة. تفترض هذه النظرية أن الأفراد يتعلمون العنف بالطريقة نفسها التي يكتسبون بها أنماط السلوك الأخرى، وأن عملية التعلم هذه تبدأ من الأسرة. فبعض الآباء يشجعون أبناءهم على التصرف بعنف مع الآخرين في بعض المواقف ويحثونهم على ألا يكونوا ضحايا للعنف.
أولياء لا يقتنعون وآخرون مستاؤون
وعلى الرغم من أن الدراسات جميعها تتبنى نهج الابتعاد عن العنف في المدرسة واللجوء إلى أساليب دفاعية أخرى، فإن هذه الأساليب لا تُقنع بعض الأولياء الذين قال بعضهم إنه لا ينتظر قرار المعلم أو المدير الذي يراه غير مجدٍ إذا تعرض ابنه للضرب، خاصة وأن بعض الأطفال لا يرتدعون بعقوبة المدرسة.
وعلى نقيضه يرى عبد الحميد أنه لا يوافق أبدا أن يبادل التلميذ العنف بالعنف، إلا في حالة الاضطرار، كأن يتعرض لعنف بدني وقع عليه عن عمد، في تلك الحالة عليه رده بشكل مباشر بنفس الطريقة وذات الأثر، لكن الدخول في معارك واهية من أجل إثبات القوة، ذلك هو ما نحاول السيطرة عليه داخل المدارس وخاصة في مراحل المراهقة سيدخلنا في مشاكل كبيرة قد تخرج عن السيطرة.
الأسرة والمدرسة.. مسؤولان عن الوضع
يؤكد المختصون على دور الأسرة والمدرسة الكبير في مواجهة العنف داخل المدارس، دون ترك المجال للتلاميذ لوضع حلول لمشكلاتهم بأنفسهم، العنف ليس وليد فكرة التلميذ، بل هو نتاج ما يتعلمه داخل البيت والمدرسة، لذا أساس الحل يجب أن يكون لتلك المؤسسات أولا.
ل. ب