الجزائر – أكد مدير المركز الجزائري للدراسات القانونية المحامي لحسن تواتي، الاثنين، أن ضرب رؤوس العصابة سيؤدي إلى نوع من الردع العام للمسؤولين الفاسدين على المستويات الدنيا.
ولدى نزوله على برنامج ضيف الصباح للقناة الأولى، قال تواتي إنها المرة الأولى في تاريخ الجزائر التي نرى فيها مثل هذه الأسماء التي كانت ترعب وتأمر وتنهى دون محاسبة أو رقيب، ولم يكن أحد يجرؤ حتى على ذكر أسمائهم ولو سرا، لذلك أعتقد أنها خطوة إيجابية ومهمة جدا نحو جزائر أفضل لا أحد فيها فوق القانون.
وأوضح أن رموز العصابة في الإدارة هم سبب الفساد لأنهم وفروا الظروف لرجال الأعمال لاقتراف أفعالهم، ولذلك طالب الحراك برفع سقف مكافحة الفساد لأنه يعرف بأن رجال الأعمال مجرد بيادق في يد مسؤولين كبار وفروا لهم الحماية لارتكاب أفعالهم، والدليل كشفته في قضية الإطاحة بالوزير الأول الأسبق عبد المجيد تبون الذي أطاح به هؤلاء الرجال المتنفذون بدعم من رموز الفساد.
وشدّد المتحدث على أن المواطن يريد رؤية مكافحة الفساد تطال المسؤولين في الإدارات المحلية في مختلف القطاعات، معربا عن أسفه لوجود قبول اجتماعي للفساد في فترة حكم الرئيس السابق، مشيرا إلى أن هذا الوضع يجب أن لا يستمر عبر تفعيل مبدأ الجزاء والعقاب بطريقة عادلة.
ويعتقد المحامي لحسن تواتي أن مكافحة الفساد مهمة صعبة بسبب ترسانة القوانين المهترئة التي أشرف عليها بعض رجال العصابة.
وقال في هذا الشأن: للأسف المنظومة القانونية بالجزائر لا تسمح بمحاكمة الفساد بالشكل المطلوب، لأن هذه القوانين أعد غالبيتها أحمد أويحيى منذ كان وزيرا للعدل، وظل يتابعها حتى عندما عاد لرئاسة الحكومة لأنه يعلم جيدا هذا الأمر. لذلك يجب إعادة النظر في المنظمة القانونية الفرانكفونية التي لا تسمح للقاضي بأن يكون سيدا في قراراته، لأن العصابة لا تزال تحكم عبر أذنابها من خلال التعيينات في كثير من المواقع والمؤسسات، والدليل ما نشرته إحدى الموظفات في مطار هواري بومدين عن الفساد في هذه المنشأة. عندما يعاد النظر في المنظومة القانونية سيتم معها إعادة النظر في التعيينات التي هي مربط الفرس.
السلطات استجابت لأغلب مطالب الحراك رغم تشكيك أذناب العصابة
وبحسب المتحدث فإن إصرار العصابة وأذنابها على اختلاق ذرائع واهية في كل مرة لعدم الذهاب للانتخابات الرئاسية إنما هدفها توجيه الرأي العام وبث اليأس في نفوس المواطنين، من أجل إدخال البلاد في نفق مظلم وتحقيق أجندة خاصة بها، موضحا أن العصابة وأذنابها لا يشككون في عمل العدالة والقضاء، لكنهم يريدون توجيه الرأي العام وإحداث نوع من اليأس والقنوط لدى الرأي العام.
وقال: إنه رغم أن السلطات استجابت لأغلب مطالب الحراك الشعبي من اعتقال رموز العصابة والفساد ومراجعة قانون الانتخابات وإنشاء سلطة لمراقبتها وتحييد الإدارة، إلا أن ذلك لم يعجبهم.. إنهم لا يقبلون بأي شيء لا يخدم مصالحهم، فعندما تم الشروع في اعتقال رجال الأعمال قالوا لماذا لا يعتقل السعيد بوتفليقة وتوفيق؟ وحين اعتُقل هؤلاء قالوا إنها عملية انتقامية وتصفية حسابات. وعندما اعتُقل رؤساء الحكومات السابقون ووزراء ونواب قالوا ليس أوانها. وعندما وضع أغلب العصابة في السجن قالوا لا نريد ذلك بل نريد الأموال التي نهبوها. يعني تسببوا في تضييع 7 أشهر ويريدون البقاء على هذا الحال ودخول 2020 دون رئيس جمهورية، وحينها ستدخل الجزائر نفقا آخر لتحقيق أجندتهم الخاصة.
واعترف المتحدث بوجود نقائص في الدولة، مستطردا بأنه تم الاستجابة لكثير منها، مشيرا إلى أن هؤلاء لا يريدون الذهاب إلى الانتخابات الرئاسية، محذرا أنه إذا لم نذهب إلى سندخل في نفق مظلم وما لا يحمد عقباه.
وتساءل تواتي: هل يعقل أن نبقى دون رئيس طيلة 7 أشهر؟ مؤكدا أنه كلما كان وجود رئيس شرعي منتخب كانت لدينا قوة في التفاوض والتغيير والإصلاحات، لأن عدم وجوده يؤدي بنا إلى تقديم تنازلات وستنزف البلاد أكثر فأكثر.
وقال لحسن تواتي إن العصابة كانت تبعث اليأس في نفوس الناس خصوصا الشباب لدفعهم إلى عدم المشاركة في الاستحقاقات الانتخابية، وإن حوالي 90 بالمائة من الشباب لم يشاركوا في أي استحقاق انتخابي نظرا لانخفاض درجة الوعي لدى المواطنين.
ودعا تواتي المواطنين وخصوصا الشباب للمشاركة بقوة وإحداث القطيعة مع ممارسات الماضي والمكافحة وحمل مشروع دولة، حتى يكون التفاف شعبي وإفراز رئيس قوي بشعبه.
وبخصوص دور هيئات ومنظمات مكافحة الفساد، قال الخبير القانوني إنها هيئات بلا دور لأنهم جعلوها لذر الرماد في العيون.
ودعا بالمقابل إلى ضرورة تعزيز القوانين الخاصة بمكافحة الفساد التي تعتبر ثقافة يجب أن تنشر في أوساط المجتمع وحماية المبلغين عن الفساد وإصلاح القضاء أولا وإعطائه الصلاحيات الكافية، إضافة إلى تغيير المنظومة القانونية والتركيز على الردع على حسب درجة خطورة الفعل.
ب. أمين










