-
الجزائر في السكة الصحيحة نحو اقتصاد مستدام.. قاطرة النمو تتسارع
-
التركيز على تحقيق الأمن الغذائي من خلال استراتيجية متكاملة في القطاع الفلاحي
تسعى الجزائر بشكل حثيث إلى تحفيز النمو الاقتصادي المستدام من خلال اعتماد مجموعة من الإصلاحات الاقتصادية التي تتماشى مع أهدافها الاستراتيجية على المدى البعيد.
في إطار هذه الاستراتيجية، تسعى الجزائر إلى تعزيز الإنتاج الوطني، والرفع من حجم الصادرات خارج قطاع المحروقات، ودخول أسواق جديدة عبر استثمارات حقيقية في مختلف القطاعات الاقتصادية .وقد حدد رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، ملامح هذه الاستراتيجية خلال السنوات القادمة، مستندًا إلى رؤية شاملة تهدف إلى تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز التنوع الاقتصادي.
الإصلاحات الاقتصادية والخطط المستقبلية:

أوضح رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، في إطار سياسته الاقتصادية أن الجزائر تعمل على تنفيذ مجموعة من الإصلاحات التي تهدف إلى دفع عجلة التنمية. وتشمل هذه الإصلاحات تحديث النظام المالي، تقوية المؤسسات الاقتصادية، وتحسين مناخ الأعمال من خلال استثمارات استراتيجية ورفع كفاءة التعليم والتدريب المهني. من خلال ذلك، تسعى الجزائر إلى ضمان تنويع اقتصادها وتخفيف الاعتماد على صادرات المحروقات. في هذا السياق، تبرز خطة الانتعاش الاقتصادي التي وضعها الرئيس تبون والتي تركز على الشراكة والتشاركية في رسم السياسات، بما يعزز الاستدامة المالية ويدعم القطاعات الحيوية مثل الصناعة والفلاحة. كما أن الجزائر تركز على تحقيق الأمن الغذائي من خلال استراتيجية متكاملة في القطاع الزراعي تتضمن دعم الإنتاج المحلي والحد من الاستيراد.
أداء اقتصادي قوي في 2024:

أبرز البنك الدولي في تقريره عن الوضع الاقتصادي في الجزائر لخريف 2024 الأداء الاقتصادي الجيد للبلاد، حيث حقق الاقتصاد الجزائري نموًا بلغ 3.9 بالمائة في النصف الأول من 2024. وأشار التقرير إلى أن هذا النمو كان مدعومًا بتطور القطاع الفلاحي، حيث شهدت الجزائر “تحسنًا ملحوظًا” في استقرار الأسعار وانخفاض التضخم إلى 4.3 بالمائة. كما سجل القطاع غير الاستخراجي نموًا قويًا، مما يعكس التحسن في أنشطة الإنتاج غير المرتبطة بالموارد الطبيعية مثل الزراعة والصناعة. وأشار البنك الدولي، إلى أن النمو الاقتصادي الجزائري كان مستدامًا بفضل الإصلاحات الاقتصادية التي شملت تحسين استثمارات القطاع الخاص وزيادة الإنتاج المحلي في القطاعات غير الاستخراجية. كما توقع البنك الدولي، استمرار انتعاش النمو الاقتصادي في الجزائر خلال السنوات القادمة، خاصة مع التعافي المتوقع في قطاع المحروقات.
الفلاحة.. أولوية الأمن الغذائي وتحقيق الاكتفاء الذاتي

تعتبر الفلاحة، أحد أهم القطاعات التي تركز عليها الجزائر لتحقيق الأمن الغذائي، وهو ما أكده رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، في تصريحات سابقة. فقد أكد أن الجزائر جعلت من الأمن الغذائي أولوية استراتيجية في إطار الحفاظ على السيادة الوطنية. في ظل التحديات الاقتصادية والبيئية العالمية، تركز الجزائر على تحقيق اكتفاء ذاتي من المنتجات الزراعية الأساسية وتوسيع قاعدة الإنتاج المحلي لتلبية احتياجات السوق الوطني.
استراتيجية الأمن الغذائي والتنمية المستدامة
في إطار تحقيق الأمن الغذائي، أطلقت الجزائر استراتيجية وطنية تهدف إلى تعزيز الإنتاج المحلي من المحاصيل الزراعية الأساسية مثل الحبوب، البطاطا، الطماطم، والفواكه. ومن بين أولويات هذه الاستراتيجية، الحد من الاعتماد على الاستيراد وتحفيز الفلاحين على زيادة الإنتاج المحلي باستخدام تقنيات زراعية حديثة ومستدامة. وقد تم تخصيص موارد كبيرة لدعم الفلاحين من خلال توفير الدعم المالي والإعانات، وتوفير تقنيات حديثة لتحسين المحاصيل وزيادة الإنتاجية. ومن بين أحد أبرز المشاريع الزراعية التي تم التركيز عليها، هو مشروع استغلال المياه المستعملة في الزراعة، حيث تم تطوير تقنيات الري الحديثة التي تسهم في تحسين استخدام الموارد المائية في المناطق الجافة، وخاصة في الجنوب الجزائري. كما تسعى الجزائر، إلى تطوير الزراعة المستدامة من خلال تعزيز تقنيات الزراعة البيئية التي تحترم التنوع البيولوجي وتقلل من التأثيرات السلبية على البيئة.
الاكتفاء الذاتي وتوسيع الاستثمارات الزراعية

من أجل تحقيق الاكتفاء الذاتي، وضعت الجزائر خطة شاملة لتطوير قطاع الفلاحة في المناطق النائية والجنوبية التي تعاني من شح المياه وصعوبة الوصول إلى الأسواق. تركز هذه الخطة على تحسين مستوى حياة الفلاحين في هذه المناطق عبر توفير الدعم الحكومي وتنظيم حملات توعية حول تقنيات الزراعة الحديثة والري الفعال. كما أن هناك تركيزًا على زيادة الاستثمارات الزراعية في الجنوب الكبير، مع توفير تسهيلات لفتح مشاريع كبيرة في هذا القطاع. بالإضافة إلى ذلك، يشهد القطاع الزراعي في الجزائر توسعًا في مجال زراعة النباتات المقاومة للجفاف، وهو ما يعد خطوة هامة نحو ضمان استدامة الإنتاج الزراعي في مواجهة التغيرات المناخية. حيث تُعتبر هذه الزراعة أساسًا لتحقيق الأمن الغذائي في ظل قلة الموارد المائية، وتساهم في تقليص حجم الاستيراد.
شراكات استراتيجية لتعزيز الإنتاج الزراعي

تسعى الجزائر إلى تعزيز شراكاتها الدولية في القطاع الزراعي، خاصة مع الدول التي تتمتع بخبرات واسعة في مجال الزراعة مثل إيطاليا وقطر، حيث تعاونت الجزائر مع إيطاليا في مشاريع لزيادة الإنتاج الزراعي وتحسين التوزيع في الأسواق المحلية. كما أن التعاون مع قطر يشمل استثمارات في الزراعة المستدامة وتقنيات الري الحديثة، ما يسهم في تعزيز الإنتاج المحلي والحد من الاستيراد.
التحول الرقمي في الفلاحة

في إطار تحديث القطاع، عملت الجزائر على تعزيز الرقمنة في الزراعة عبر إنشاء منصات إلكترونية لربط الفلاحين بالمشترين والأسواق. هذه المبادرة، تساعد على تسهيل الوصول إلى الأسواق وتوفير الشفافية في المعاملات التجارية الزراعية، مما يعزز القدرة التنافسية للمنتجات الجزائرية في الأسواق العالمية.
التحديات التي تواجه القطاع الزراعي

رغم الجهود المبذولة، لا يزال قطاع الفلاحة في الجزائر يواجه العديد من التحديات، أبرزها قلة الموارد المائية، وعدم كفاية البنية التحتية في بعض المناطق الريفية، وتأثر القطاع بالتغيرات المناخية. إضافة إلى ذلك، هناك تحديات تتعلق بتحقيق التنسيق بين مختلف الجهات المعنية في القطاع، مثل الوزارات والمستثمرين المحليين والأجانب.
الفرص المستقبلية لقطاع الفلاحة

على الرغم من هذه التحديات، إلا أن هناك فرصًا كبيرة للنمو في قطاع الفلاحة في الجزائر. فمع التوجه نحو تعزيز الاستثمار في المشاريع الزراعية المستدامة وتوسيع قاعدة الإنتاج المحلي، من المتوقع أن يحقق القطاع قفزات نوعية في السنوات القادمة. بالإضافة إلى ذلك، يعكف المسؤولون على تطوير مشروعات كبيرة لزيادة تنوع المحاصيل الزراعية، بما في ذلك المحاصيل الاستراتيجية مثل الحبوب والقطن، والتي تساهم في تقليص حجم الاستيراد من الخارج. وبفضل هذه الاستراتيجيات والجهود المستمرة، تسير الجزائر نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي من المنتجات الزراعية الأساسية، مما يعزز أمنها الغذائي ويساهم في تعزيز الاستقلالية الاقتصادية للبلاد. وفي السنوات القادمة، يُتوقع أن يستمر قطاع الفلاحة في النمو والتطور ليشكل أحد الركائز الرئيسية لتحقيق التنمية المستدامة في الجزائر تم توسيع الجزء المتعلق بالفلاحة ليتضمن مزيدًا من التفاصيل حول السياسات والإجراءات المتبعة، إضافة إلى التحديات والفرص المستقبلية في هذا القطاع.
قطاع الطاقة.. استقرار وأهداف طموحة نحو الاستدامة

يعد قطاع الطاقة أحد الركائز الأساسية في الاقتصاد الجزائري، حيث يشكل إيرادات المحروقات جزءًا كبيرًا من الدخل الوطني. رغم التحديات الجيوسياسية والتباطؤ في النمو الاقتصادي العالمي، استطاع قطاع الطاقة في الجزائر الحفاظ على استقراره، حيث شهدت أسعار النفط الخام ارتفاعًا طفيفًا في 2024. واستمر الإنتاج المحلي من المحروقات عند مستويات ثابتة، مع زيادة في عدد الاكتشافات الجديدة من قبل شركة سوناطراك. فيما يتعلق بالطاقات المتجددة، تسعى الجزائر إلى أن تصبح رائدة في إنتاج الطاقة الشمسية من خلال استثمارات كبيرة في هذا القطاع، حيث تستهدف إنتاج 15 جيغاواط من الطاقة الشمسية بحلول 2030. كما تسعى الجزائر إلى تعزيز قدرتها الإنتاجية في الطاقة الكهربائية من خلال مشاريع ضخمة في مجال تحلية المياه والطاقة المتجددة.
التجارة والصناعة.. تعزيز الاستقلالية الاقتصادية:

تسعى الجزائر إلى تعزيز موقعها في الأسواق العالمية من خلال التوسع في التجارة الداخلية والخارجية.
وفي هذا السياق، أصبحت الجزائر عضوًا كامل العضوية في منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية (ZLECAF)، ما يفتح أمامها فرصًا كبيرة لتوسيع التجارة مع الدول الإفريقية. كما عززت الجزائر علاقاتها التجارية مع جنوب إفريقيا، أكبر اقتصاد في القارة.
أما في مجال الصناعة، فقد حققت الجزائر تقدمًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، حيث نجحت في إنشاء صناعات محلية تلبي احتياجات السوق الوطني مثل صناعة السيارات والآلات. وبفضل الاستثمارات في هذه القطاعات، نجحت الجزائر في تقليص فاتورة الواردات بنحو 40 بالمائة. ويُتوقع أن تستمر هذه الصناعات في النمو خلال السنوات القادمة، خاصة مع دخول استثمارات جديدة من شركات عالمية.
الاستثمار الأجنبي.. شراكات استراتيجية لتحقيق النمو المستدام

تستهدف الجزائر جذب الاستثمارات الأجنبية في مختلف القطاعات، من خلال إرساء بيئة استثمارية ملائمة وتقديم تسهيلات للمستثمرين. وتشمل المجالات المستهدفة، الاستثمار في الفلاحة، الصناعة، الطاقة، والسياحة، وذلك بهدف تعزيز التنوع الاقتصادي وتقليل الاعتماد على المحروقات. وقد بدأت الجزائر في إقامة شراكات مع العديد من الدول والشركات الأجنبية لتحقيق هذه الأهداف. وعلى سبيل المثال، تواصل الجزائر تعاونها مع الشركات الإيطالية في مجال الفلاحة والقطاعات الإنتاجية الأخرى، كما تسعى إلى تعزيز التعاون مع شركاء قطريين في مشاريع متعلقة بالزراعة والصناعة.
تسير الجزائر بخطى ثابتة نحو تحقيق أهدافها الاقتصادية الطموحة من خلال تعزيز التنوع الاقتصادي، وتقليل الاعتماد على قطاع المحروقات، وجذب الاستثمارات الأجنبية. وتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية، وتطوير القطاعات غير الاستخراجية مثل الفلاحة والصناعة، وتعزيز قدرة البلاد على إنتاج الطاقة المتجددة، ستساهم بشكل كبير في تحقيق النمو المستدام وزيادة الاستقلالية الاقتصادية للجزائر.
أ.ر







