إن ظهور فكرة الاستشهاد في الإسلام أدت إلى تطلع كل المسلمين الصادقين والإيمان بالموت في سبيل الله ، وهكذا فإن شعور الشعب الجزائري بالمقدسات هو الذي جعل ثورته معركة مقدسة والتي كان فيها الجزائري يقاتل من أجل استقلال وطنه وهو على وعي تام بعروبته وإسلامه، فالشهيد مناضل مؤمن بدينه ووطنه وبقدسية النضال وإن مات موتة الشهداء الكرام فإنه كان على استعداد وللقاء ربه. وهذا ما ترجمه أحمد زبانة في وصيته، التي كتبها بالسجن قبل إعدامه، ذكر فيها بأن ” الموت في سبيل الله حياة لا نهاية لها، وما الموت في سبيل الله إلا واجب وقد أديتم واجبكم، فلا تبكوني، بل افخروا بي”. وهو الموقف نفسه الذي عبر عنه الشهيد العربي بن مهيدي قبل إعدامه عندما قال ” إننا نؤمن بالجمهورية الجزائرية ولئن مت فإن هناك آلافا من الجزائريين سيأتون بعدي لمواصلة الكفاح من أجل عقيدتنا وديننا”. وهذا ما يجمع عليه المجاهدون الجزائريون إلى هذا الإيمان العميق، إقداما عجيبا على الموت وطلب الشهادة، لا تردهم عن غايتهم رغبة في الحياة، أو تعلق بملذة من ملاذ الحياة، بل إنهم واجهوا العدو في ثبات، واستطاعوا بتفانيهم في أداء الواجب، كتابة أروع قصص البطولة والتضحية، ولذلك فليس من تجاوز للحقيقة عندما يوصف جيش التحرير الوطني بأنه الممثل الوحيد للقيم الأخلاقية وأن يرفض كل اعتبار يؤدي إلى الانفعال أو التأثر نتيجة حب الذات، بل عليه أن يكون طاهرا وصريحا ومخلصا . حيث تبقى قيم وأخلاق ومعاني الثورة المجيدة هي الرصد الضخم، الذي تحلى به المجاهدون، عاشوه بالإيمان والإرادة والأمل مدة سبع سنوات ونصف ملتحمين بالشعب في ثورة تحريرية شاملة، فثورة نوفمبر جاءت لتخرج الجزائر من الجهل والظلم والظلام إلى حياة ينعم فيها بالكرامة والحرية في ظل الجزائر العربية المسلمة، ووحدت بين أبناء الأمة بدون أي اعتبارات، لا عربي ولا بربري كلهم كالجسد الواحد تحت راية ” لا إله إلا الله محمد رسول الله”.
مذكرة تخرج – جامعة تيارت-



