ظاهرة شائعة وشائكة في نفس الوقت

“البوصفاير”.. التشخيص الصحيح للعلاج الشافي

“البوصفاير”.. التشخيص الصحيح للعلاج الشافي

يعتقد الغالبية أن إصابة الرضيع باليرقان هو مجرد استجابة فسيولوجية طبيعية للتغيرات التي تحدث للمولود في أيامه الأولى، ومن الناحية الطبية فإن هذا الاعتقاد صحيح لفئة معينة فقط من المواليد، ولكنه في المقابل غير صحيح لدى فئات أخرى.

ويرجع الأطباء حدوث اليرقان الفسيولوجي في اليوم الثاني من الولادة، إلى عاملين رئيسيين، أولهما هو التغير الجذري في الدورة الدموية بعد الولادة، حيث يكون عدد خلايا الدم الحمراء أثناء الحمل للجنين عاليًا، وبالتالي خضاب الدم، إلا أن الجسم بعد الولادة يصبح في غنى عن هذا الكم من الخلايا التي تبدأ تتحلل وتنتج كميات عالية من خضاب الدم الذي يتحلل بدوره منتجًا للمادة الصفراء التي تسمى علميا مادة “بيليروبين” التي تتطلب لإخراجها جاهزية وظائف الكبد حتى يتم طردها في البول والبراز، وإذ أن الكبد لدى حديثي الولادة غير مستعد وظيفيًا لاستيعاب هذا الكم من الخضاب، فإننا نجد هذه النسبة العالية من اليرقان تحدث لدى حديثي الولادة.

 

أسباب أخرى

وأوضح المختصون أن ما يجدر ذكره هنا أنّ هذه التغيرات الفسيولوجية ليست بالضرورة سببًا مباشرًا لحدوث اليرقان، إذ يمكن أن يحدث اليرقان لأسباب مرضية أخرى منها: تكسر خلايا الدم لأي سبب كان على مستويات عدة منها ما يتعلق بغشاء الخلية نفسها ومنها ما يتعلق ببعض الأنزيمات التي تفتقر إليها هذه الخلايا كما في حالات أنيميا الفول على سبيل المثال، أو أن يكون بسبب تكوين مضادات تعمل على تكسير خلايا الدم الحمراء بسبب عدم تطابق فصائل الدم بين الجنين والأم. وهنا تجدر الإشارة أيضا إلى سببين شائعين، هما:

– السبب الأول، يحدث كون فصيلة دم الأم O وفصيلة الجنين A أو B بغض النظر إذا كانت سالبة أو موجبة. وهنا تجدر الإشارة إلى أن هذه الحالة الأولى لا تحدث بالضرورة في جميع المواليد المنطبقة عليهم شروط حدوث المرض إذ تحدث في 20 إلى 30 في المائة فقط منهم.

– السبب الثاني، يحدث كون فصيلة دم الأم سالبة في حين أن فصيلة دم الجنين موجبة. وهذه الحالة الثانية لا تحدث في المولود الأول على الإطلاق.

ومن أهم ما يجب التنويه عنه أن اليرقان الذي يحدث في اليوم الأول من الولادة لا يعد من النوع الفسيولوجي، بل إنه إجراء مزيد من الفحوصات لتحديد السبب وقد يستدعي تدخلات علاجية قد تصل إلى تغيير الدم للمولود بشكل كامل.

وهنالك أخطاء شائعة لدى أفراد المجتمع ومعتقدات سائدة وخاطئة أيضا لدى فئة كبيرة منهم، نذكر منها على سبيل المثال الآتي: أن الغالبية العظمى يتهاونون في علاج اليرقان عند حديثي الولادة لحد الإهمال، إذ أنهم يجهلون الأنواع المرضية منه. كما يعتقد البعض أن مجرد تعريض المولود لأشعة الشمس أو للإضاءة المنزلية كاف لعلاجه، وأنه يقوم مقام العلاج الضوئي المقنن بالمستشفيات، وكذلك قد يعمد البعض إلى إرضاع المولود كميات من محلول السكر معتقدين بأنها تقوم على طرد المادة الصفراء من الجسم.

 

توصيات علاجية

ويذكر المختصون عددا من التوصيات العلاجية أهمها ما يلي:

* عدم التهاون بوجود أعراض اليرقان لدى المولود خاصة وإن ظهرت في اليوم الأول من الولادة.

* ضرورة استمرار الرضاعة بل بالإكثار منها للمساعدة على طرد المادة الصفراء من الجسم.

* لا يوجد أي خيار آخر للتأكد من مستوى المادة الصفراء دون إجراء فحص الدم للتأكد من مستوى المادة الصفراء بنوعيها المباشر وغير المباشر.

* يجب على الوالدين تفهم قلق الأطباء وإعطاء المولود فرصة للتأكد من عدم وجود أي عامل خطورة مرضي لدى المولود وراء ظهور علامات اليرقان عليه رغم أن اليرقان الفسيولوجي هو السائد في الغالبية العظمى ولا يستدعي التدخل العلاجي. وقد يستمر اليرقان لمدة أسبوعين كحد أقصى.

وفي حال استمرت الأعراض لفترات أطول، فإنه يجب استشارة طبيب أطفال مختص للتأكد من التشخيص الدقيق.

أما عن المضاعفات فيقول الأطباء إن “من أهم المضاعفات التي يجب الإشارة إليها أنه عند ارتفاع مستوى المادة الصفراء بالجسم، قد تصل هذه المادة إلى مناطق معينة من الدماغ مما يؤدي إلى إعاقات حركية مستديمة فضلاً عن فقدان السمع بشكل نهائي”.

 

ق. م