الجزائر تحيي اليوم العالمي بدون تبغ.. 4 ملايين مدخن بالجزائر و8 ملايين وفاة سنويا عبر العالم

الجزائر تحيي اليوم العالمي بدون تبغ.. 4 ملايين مدخن بالجزائر و8 ملايين وفاة سنويا عبر العالم

تحيي، الجزائر، اليوم وككل بلدان العالم، اليوم العالمي بدون تدخين أو ما اصطلح على تسميته عالميا باليوم العالمي لمكافحة التبغ، وهو مناسبة عالمية أقرتها الدول الأعضاء في منظمة الصحة العالمية سنة 1987 وفرصة للحديث عن مضار هذه الآفة التي تنخر جسد المجتمع بكل فئاته، فابتداء من الطفولة إلى المراهقة مرورا بمرحلة الشباب، ووصولا إلى الكهولة وإذا أطال الله العمر إلى الشيخوخة، تجد السيجارة لنفسها مكانا بين أيدي الذكور والإناث أيضا.

يعد 31 ماي، فرصة للحديث أو التذكرة على الأقل بمخاطر الآفة وتبعاتها الصحية الوخيمة والقاتلة، كما يُرجى من خلال هذه المناسبة لفت انتباه والنظر العالميين نحو الآثار السلبية والضارة للتبغ والتدخين وآثاره السيئة على الصحة العامة وتذكير الشعوب بالمخاطر التي يسببها التدخين سواء على حياة الأفراد أو على النواحي الاقتصادية للأسر والمجتمعات معا أو حتى على الثروات الغابية والمحاصيل الزراعية التي تتعرض للحرائق بفعل لفافة تبغ يلقيها عابث لا مبالي، وجاء شعار هذه السنة “نعم للتحذيرات الصحية المصورة على علب التبغ…. لا للعبارات المضللة”.

حيث تركز حملة مكافحة التدخين لهذا العام على مكافحة وباء التدخين من خلال تشجيع استخدام الصور البغيضة التي تعكس واقع المدخنين.

 

التدخين بعيون مدمنيه

“الموعد اليومي” قامت بجولة استطلاعية في العديد من شوارع العاصمة لمعرفة آراء المدخنين حول هذه الظاهرة.

محمد 23 سنة، بائع بمحل لبيع الجرائد والعطور يقول “أنا أدخن منذ حوالي 10 سنوات تقريبا، فلطالما تملكتني الرغبة في التجربة، خاصة وأن أصدقائي كلهم يدخنون، في البداية كنت أدخن معهم حيث يتركون لي قليلا منها في الأخير، وشيئا فشيئا أصبحت أشتري علب السجائر لوحدي، لأجد نفسي اليوم أدخن أزيد من علبة ونصف من السجائر يوميا”، كما أكد لنا محمد على أنه لا يبيع السجائر إدراكا منه للخطورة التي تشكلها على صحة الأفراد.

وغير بعيد عن محمد، وبالصدفة رأينا علي شاب في مقتبل العمر، لديه جسم رياضي، أين أنهى لتوه سيجارة وأشعل أخرى، اقتربنا منه وسألناه عن سبب ذلك، فأجابنا قائلا كثرة المشاكل التي لا تنتهي، هي التي جعلتني أدخن علبتين من السجائر في اليوم، أعلم أن هذا يشكل خطرا على صحتي إلا أنني لا أستطيع أن أمنع نفسي عن التدخين، ففي بعض الأحيان أجد نفسي أبحث عن السجائر في ساعة متأخرة من الليل.

عمي العربي هو الآخر كان جالسا بالطاولة المجاورة لهم، رجل في العقد السادس من عمره، نحيف الجسد كان يسعل بشدة ولا يتوقف، حتى خيل لنا أنه سيموت من جراء ذلك، أخبرنا أنه يعاني من العديد من الأمراض بسبب التدخين قائلا: “أنا أدخن منذ أن كنت في الحادية عشرة من عمري، بسبب مخالطتي لأصدقاء السوء، وصل بي الأمر إلى أن دخنت من علبة ونصف إلى علبتين يوميا، أنا اليوم أعاني من الكثير من الأمراض، وقد نصحني الأطباء في العديد من المرات بأن أقلع فورا عن التدخين، حاولت ذلك لكنني لم أفلح، وقد بذلت جهدا كبيرا حتى أصبحت أدخن 5 أو 6 سجائر في اليوم”.

في حين كان لحكيم 33 سنة، رأي آخر “نعم كنت أدخن، ولكني أقلعت عنه منذ 6 سنوات، فالفرد لابد له أن يبدأ بنفسه، فأنا أقلعت عن التدخين بعد 13 سنة، ويجب ألا يقتصر الكلام على كونه يقتل أو لا، بل يجب البدء في مكافحته من الأسرة، فأنا تعلمت التدخين عن طريق والدي، الذي كان يدخن داخل البيت وعلى مرأى منا، حيث كان يشتري في كل مرة (كرتوشة) من السجائر ويضعها في البيت، فكنت دائما أسرق له علبة أو علبتين، أحاول تقليد أبي لأدخل في مصاف الكبار وأبدو مثلهم، فلطالما كنت أدخن أمام أصدقائي حتى أبدو رجلا في نظرهم، ولكنني اليوم الحمد لله فقد أقلعت عن التدخين لما أحسست بإرهاق وتعب جسدي من جرائه، أما السبب الآخر الذي جعلني أقرر حقا التخلي عنه، هو صديقي المقرب مني والذي أصبح يرفض أن يشرب من الكأس التي أشرب منها أنا… فأحسست بنوع من الحقد تجاه نفسي”.

هي شهادات حية من عمق مجتمعنا، تستدعي دق ناقوس الخطر، وضرورة مكافحة الظاهرة التي تفاقمت بشكل كبير في الجزائر، خاصة أمام اللاوعي واللا مسؤولية المطلقة لمعظم المدخنين التي تجعل منهم رُوّاد الأماكن العمومية وبامتياز في التدخين أمام الملأ، بعدم اكتراثهم بصحتهم ولامبالاتهم بالمحيطين بهم حتى أقرب الناس إليهم من الأفراد غير المدخنين.

 

الإكماليات والمتوسطات وبداية الرحلة

تعرف الأوساط المدرسية، خاصة الإكماليات، انتشارا مفزعا لواحدة من السموم التي تنخر أجسام المراهقين، حيث أن أغلب الذكور المدخنين والذين لا يتعدى سنهم 16 سنة، يجدون فيه تعبيرا عن الرجولة، بالإضافة إلى عوامل أخرى على غرار التقليد وحب الاستكشاف. فحسب علماء النفس، يعتبر المراهقون التدخين وسيلة ناجحة من وسائل تحقيق الذات والتمرد على النفس وعلى الأسرة والمجتمع ككل، ذلك أن شـعور المراهق بالإحباط وعدم القدرة على تغيير الواقع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي يؤدي إلى تميز نفسية المدخن بالتوتر، القلق، الاكتئاب، الانهيار، الخوف، الملل وضعف الشخصية وانفصالها، كما يمكن أن يكون التدخين نتيجة: لإثبات الذات، تخفيف وطأ المتاعب والمشاكل النفسية والتعويض عن الخجل، وهذا ما يمكن ملاحظته أمام العديد من الإكماليات والمتوسطات وفي بعض الأحيان الإبتدائيات، حيث نشهد أعدادا كبيرة من المراهقين وهم يداعبون السجائر بأصابعهم الغضة وكلهم نشوة في استظهار رجولة هشة أتعبتها مفاهيم خاطئة عن الحياة في عدم وجود المعين أو عدم قدرته على تحمل المسؤولية في زمن اشتركت في تربية الأبناء مختلف العوامل.

4 ملايين مدخن في الجزائر

أكد المدير المكلف بالأمراض غير المتنقلة بالمديرية العامة للوقاية وترقية الصحة بوزارة الصحة، البروفيسور يوسف طرفاني، إحصاء أزيد من 4 ملايين مدخن بالجزائر، فيما كشفت المنظمة العالمية للصحة عن 8 ملايين وفاة سنويا بسبب التدخين.

وأكد المدير المكلف بالأمراض غير المتنقلة بالمديرية العامة للوقاية وترقية الصحة بوزارة الصحة، البروفيسور يوسف طرفاني في تصريح للقناة الإذاعية الأولى، بمناسبة إحياء اليوم العالمي لمكافحة التدخين المصادف لـ 31 ماي من كل سنة، أن مختلف التحقيقات التي قامت بها وزارة الصحة، أظهرت أن نسبة 16 بالمائة لدى الفئة العمرية ما بين 18 و65 سنة يتعاطون التدخين ونسبة 8 بالمائة يستهلكون مادة “الشمة”.

وفي هذا الإطار، كشف المتحدث ذاته في وقت سابق أن الوزارة بصدد إعداد دليل للتكفل بالمدمنين على التدخين وتشجيعهم على التخلي عن هذه الآفة، مشيرا إلى أن تفشي فيروس كورونا وخضوع المجتمع إلى الحجر المنزلي مع غلق بعض متاجر التبع خلال فترات الحجر الصحي أدى إلى انخفاض عدد المدخنين من جميع الفئات.

وأضاف قائلا: “إن تقليص استيراد مادة التبغ ومضاعفة الرسوم على هذه المادة كان له أثر كبير على دخل المدمنين وأدى إلى انخفاض عددهم”.

 

التدخين يقتل 8 ملايين شخص سنويا

وفي سياق ذي صلة، أكدت منظمة الصحة العالمية، في تقرير لها، أن صناعة التبغ واستهلاكه في كل عام تكبد خسائر في الأرواح تزيد عن وفاة 8 ملايين شخص، وفقدان 600 مليون شجرة و200 ألف هكتار من الأراضي، وخسارة 22 مليار طن من المياه وانبعاث 84 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون.

وكشف التقرير، الذي يحمل عنوان “التبغ: تسميم كوكبنا”، عن معلومات جديدة حول مدى الضرر والخطر الذي تلحقه صناعة التبغ بالبيئة وبصحة الإنسان على حد سواء، وذلك بمناسبة اليوم العالمي للامتناع عن التدخين الذي تحتفل به وشركاؤها في كل مكان في 31 ماي من كل عام.

ووفقا للتقرير، فإن بصمة الكربون نتيجة صناعة التبغ ومعالجته ونقله تعادل خمس انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناجمة عن صناعة الطيران التجاري كل عام، وهو ما يؤدي إلى زيادة الاحتباس الحراري.

وفي هذا الإطار، قال الدكتور رويديجر كريش، مدير تعزيز الصحة في المنظمة: “إن منتجات التبغ هي أبرز المخلفات في هذا الكوكب، حيث تحتوي على أكثر من 7 آلاف مادة كيميائية سامة تترسب في البيئة عند رميها”، مضيفا: “أن هناك نحو 4،5 تريليون من مرشحات السجائر التي تلوث محيطاتنا وأنهارنا وأرصفة المدن والحدائق والتربة والشواطئ كل عام”.

ودعت المنظمة جميع دول العالم إلى سرعة اتخاذ خطوات فعالة وذات مسؤولية أكثر لدوائر صناعة التبغ عن الدمار الذي تسببه، والتقليل من منتجات السجائر الإلكترونية التي تساهم في تراكم التلوث بالمواد البلاستيكية، لاحتوائها على جسيمات بلاستيكية دقيقة، وتقديم الدعم لمزارعي التبغ في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل للانتقال إلى محاصيل مستدامة بدلا من زراعة نباتات مميتة وإزالة الغابات، وتطبيق ضرائب قوية على التبغ (يمكن أن تشمل أيضا ضريبة بيئية)، وعرض خدمات الدعم لمساعدة الأفراد على الإقلاع عن التدخين.

ل. ب