* يعتبره المختصون من أخطر ما قد يواجه الطفل
دقت دراسة نشرتها منظمة الصحة العالمية خلال الثلاثي الأول من هذه السنة، جرس الإنذار بخصوص ارتفاع نسبة التنمر التي يتعرض لها الأطفال حول العالم.
من جهتها، كشفت دراسة أخرى شملت 279 ألف طفل من 44 دولة في مختلف أنحاء العالم، أن 16% من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 11-15 عاما قالوا إنهم تعرضوا للتنمر عبر الأنترنت خلال السنة الماضية.
قال الدكتور أيمن البلشة في حديث نشره “موقع الجزيرة” إن التنمر من أخطر الظواهر في العصر الحالي، لما له من نتائج سلبية مباشرة على شخصية الطفل وقدرته على الاندماج في البيئة الاجتماعية والمدرسية أيضا، وخاصة أنه يؤثر بشكل مباشر على فرص تأكيد الذات وتعزيز الثقة بالنفس، والقدرة على توظيف مهارات الطفل في التفاعل والتواصل والتعلم بشكل اعتيادي.
مشكلات نفسية وسلوكية
وأشار الدكتور في معرض حديثه إلى أن الطفل “المتنمر عليه” يواجه في بعض الحالات العديد من المشكلات النفسية والسلوكية التكيفية لدى الطفل كالانسحاب الاجتماعي أو ما يُعرف بالانطواء، كما يُضاعف الشعور بالوحدة والضعف وعدم القدرة على مواجهة المواقف المختلفة. فيما يصل بعض الأطفال إلى السلوك العدواني تجاه الذات والآخرين. كما يُضعف التنمر العلاقات الاجتماعية وبناء الشخصية الاجتماعية والتأثير على مفهوم الانتماء للجماعة.
بناء الشخصية خير وقاية وتحصين
من جهتها -وعبر ذات الموقع- قالت الباحثة الاجتماعية والنفسية ميساء القرعان، إن درجة تضرر الطفل من التنمر تكون غالبا من خبرات عايشها ضمن نطاق الأسرة أو محيطه القريب، فحساسية الطفل تجاه التنمر تزداد كلما تناقصت لديه الثقة بنفسه، والثقة بالنفس تبنى منذ اليوم الأول للولادة وحتى سن 6 سنوات.
وتلفت الباحثة إلى أن أخطر مرحلة عمرية هي عمر السنتين؛ بمعنى أن يزرع الأهل الثقة بالنفس لدى الطفل منذ ولادته، ويركزون على الإيجابي في شخصيته ولا مانع من اتباع عملية الإيحاء أثناء بداية نوم الطفل بتذكيره أنه ذكي وجميل ومحبوب فهذا ينمي لديه الثقة بالنفس، والتي تشكل سدا منيعا أمام الحساسية من النقد.
وتوافقها الرأي المرشدة النفسية والتربوية جنى زهير الحدق، في اعتبار التنمر من أهم القضايا العصرية التي يواجهها الأطفال والمختصون على حد سواء.
وتلفت المرشدة، في حديثها عبر ذات الموقع إلى أهمية الاهتمام بظاهرة التنمر من خلال الأندية الصيفية التي يشارك بها الأطفال، حيث يجب على المرشد توجيه الطفل المتنمر نحو النشاطات المختلفة لتفريغ طاقته من خلالها.
الأهل.. صمام الأمان لأطفالهم
يؤكد المختصون على دور الأسرة الكبير في مواجهة التنمر، ومن أجل تحقيق النتيجة المرجوة يقدم المختصون النصائح التي يتوجب على الأهل اتباعها لتعليم أطفالهم مواجهة التنمر، وهي:
الوقاية: وذلك من خلال زيادة تأكيد الذات لدى الطفل في المنزل والتركيز بشكل كبير على تعزيز الثقة بالنفس وتطوير كافة مجالات الشخصية الاجتماعية والانفعالية والتواصلية والاستقلالية بشكل مناسب ـ وتمرير الطفل بخبرات نجاح وتزويده بكافة الطرق والأساليب التي يمكن من خلالها التعامل مع المواقف بنجاح.
رفع الوعي: حيث تقوم الأسرة بتزويد الطفل بالمعلومات الضرورية التي تساعد على فهم أنماط العلاقات بين الأفراد والوصول إلى معايير يمكن من خلالها التمييز بين العلاقات الإيجابية والعلاقات السلبية، والقدرة على فهم الآخرين، وطرق الرد عليهم بطريقة مناسبة وضمن الآداب العامة، دون الوصول إلى ارتكاب أخطاء أثناء التعامل معهم أو الإساءة إلى الآخرين.
التوجيه والإرشاد: ويمكن للأسرة في حال تعرض الطفل إلى أي شكل من أشكال التنمر أن تقوم بتقديم التوجيهات والإرشادات للطفل؛ لتعليمه كيفية التعامل مع المواقف والإجراءات التي يجب أن يقوم بها؛ لحماية نفسه من خلال إبلاغ إدارة المدرسة، أو النادي، وبالتحديد المرشدة النفسية أو التربوية بما تعرض له بهدف المساعدة في إيجاد حلول جذرية للتنمر، وضمان عدم تكرار تلك المواقف.
الممارسة والخبرات العملية: بداية يجب على الأسرة أن تطور علاقات إيجابية مع طفلها، والتأكد من قوة تلك العلاقة والروابط الأسرية التي يشعر من خلالها الطفل بأنه في أمان، وأنه يمكن الاعتماد على أسرته في حل المشكلات والمواقف الصعبة التي يتعرض لها، ومن ثم يتم الانتقال إلى تطوير المهارات الاجتماعية للطفل، حيث إن تلك الخبرات والمواقف تساعد في بناء آلية لمواجهة أشكال التنمر، والقدرة على التعامل معها ضمن المواقف المختلفة.
التواصل الفعال: من خلال المتابعة الدورية لحالة الطفل، وخاصة أن هذا يساعد بشكل كبير على تفادي العديد من الآثار النفسية المترتبة على التنمر، ويساعد في اختيار الطرق المناسبة لمواجهة التنمر والتخلص منه ضمن البيئة المدرسية وأثناء التعامل مع الأقران بما يضمن الاستقرار النفسي والانفعالي والاجتماعي للطالب ضمن بيئة آمنة وإيجابية.
ق. م