يستوطن الجبال والوديان

التين الشوكي.. فاكهة برية بدلالة اجتماعية

التين الشوكي.. فاكهة برية بدلالة اجتماعية

ينتظر الكثير من الجزائريين موسم بيع “كرموس النصارى” أو “الهندي”، وهي تسميات جزائرية لفاكهة “التين الشوكي” الذي يستهلكه الجزائريون خلال فصل الصيف.

ويتهافت الناس عموما على شراء هذه النبتة الصيفية، حيث ليس من الغريب مثلا أن ترى في مدن الجزائر والبليدة وعنابة

والشلف وسطيف طوابير طويلة أمام بائع ثمرة الهندي الذي يُعد أفضل وألذ أنواعه هو ذلك الذي ينمو ويثمر بحرية على الجبال، حيث ينعم بأشعة الشمس عكس ذلك الذي يقوم سكان الأرياف بغرسه واستعماله كسياج للحماية في السهول.

تاريخ عريق

كما أنه ولشهرة هذه الفاكهة اللذيذة، انتشرت في الستينات والسبعينات عبارة شهيرة تقول “أياو الهندي كول ودي والموس من عندي” وذلك من أجل جلب الزبائن لهذه الثمرة التي يستطيع كل واحد أن يحصل عليها في “القرى” أو حتى في أعالي الجزائر العاصمة ببوزريعة.

تعدت شهرة هذه الفاكهة الآفاق، حيث لا يختلف اثنان على لذتها من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب حتى وإن كانت تسبب أحيانا إمساكا شديدا.

 

من المكسيك إلى المتوسط

ولكن ما هي أصول هذه النبتة البرية المقاومة للحرارة الشديدة والتي كانت تستعمل في الماضي كسياجات لحماية القرى والبيوت الريفية وبساتين الجزائر العاصمة من الحيوانات مع استعمالها صيفا كفاكهة يسيل لها اللعاب؟

إن أصل ثمرة التين الشوكي من المكسيك وقد تم إدخالها إلى المتوسط من قبل الإسبان، وهو الأمر ربما الذي حدث مع الجزائر، حيث كانت هناك ثمار مختلفة ومفضلة اختفى البعض منها.

وقد أعدّ الرحالة الانجليزي الدكتور توماس شاو في “رحلته إلى ولاية الجزائر في القرن الـ 18” دراسة قيمة وثرية حول الجزائر في تلك الحقبة.

من بين الفواكه التي كان الجزائريون يزرعونها حينها والتي لم تتغير أسماؤها إلى يومنا هذا، ذكر توماس شاو هذه الفاكهة التي تنمو في المناطق المنعزلة حتى في الجزر الساحلية الصغيرة.

كما أشار الكاتب إلى أن “التين الشوكي وهو اسم عربي من أصل بربري (أكربوز) قد تم إدخاله إلى الجزائر عن طريق الغزاة الإسبان، أما الاسم الهندي فيدل بدوره على الأصل الأمريكي علما أن العالم الجديد كان يسمى آنذاك الهند الغربية”.

وتتميز ثمرة التين الشوكي بعديد الفوائد، حيث أن بذورها تعطي زيتا نباتيا ممتازا يستعمل خاصة لعلاج الأمراض الجلدية.

أما الميزة الأخرى لهذه الثمرة فتتمثل في عدم احتوائها على عدد كبير من الحريرات (44 حريرة لـ 100 غ أي 2 % من الطاقة اليومية) إلا أنها تسهم بفعالية في تعزيز الفيتامينات والأملاح في الغذاء.

 

فرصة الراغبين في ربح المال

من جهة أخرى، يعتبر دخول موسم التين الشوكي، فرصة بالنسبة للأطفال الصغار وكذا الشباب الذين يسعون إلى جمع المال عن طريق بيع كميات كبيرة من هذه الفاكهة الغريبة، وهذه حالة وادي الصومام على سبيل غيرها من المناطق، حيث يقطف الشباب يوميا في الصباح الباكر، كميات معتبرة من التين الهندي، ويضعونها في دلاء لبيعها على حواف الطرقات، خاصة الطريق الوطني رقم 26 الذي يعبر هذه المنطقة من الشمال إلى الجنوب.

وفي بلدية تازمالت مثلا، يعد تسويق التين الهندي أمرا شائعا، حسب السيد بعلامي قاطن بالمنطقة، حتى أنه في الآونة الأخيرة تم، على حواف الطريق الوطني رقم 26، معاينة إنشاء عدد من نقاط بيع مخصصة لهذه الفاكهة الموسمية، نقاط بيع غالبا ما يعمل بها أطفال صغار ومراهقون وفي بعض الأحيان شباب، أدركوا المكانة التي يحظى به التين الشوكي لدى الأسر وأخذوا ذلك بعين الاعتبار، وعليه يقومون بوضع الفاكهة الشهية في دلاء للفت أنظار أصحاب المركبات، الذين غالبا ما يعجزون عن مقاومة رغبتهم في هذه الفاكهة الشهية فيترجلون من سياراتهم من أجل اقتنائها.

ويعتبر هذا الموسم فرصة للربح، فيحدد كل بائع السعر الذي يريد بيعه به وفي هذا السياق صرح أحد سائقي المركبات الذين استفسروا عن الأسعار “أليست هذه فرصة من ذهب لجمع المال؟”، ولم تتباين أجوبة معظم البائعين الصغار الذين هم في الحقيقة تلاميذ متمدرسون في عطلة، إذ صرح غالبيتهم، أنهم في عطلة صيفية لمدة ثلاثة أشهر، وعليه فالبقاء من دون القيام بأي شيء، ورؤية الوقت يمضي دون استغلاله بما يفيدنا ليس بالأمر الجيد.

ق.م