بعد استقلال من مُستعمر وآخر من عصابة

“الجزائر الجديدة” التي يريدها الجزائريون… التعليم، الشغل والسكن..”آمال شعب” و”تحدي رجال”

“الجزائر الجديدة” التي يريدها الجزائريون… التعليم، الشغل والسكن..”آمال شعب” و”تحدي رجال”

يراهن الجزائريون في ظل الجزائر الجديدة أن تضخ دماء جديدة في عديد القطاعات خاصة التعليم والسكن والشغل لما شهدته من فوضى في التسيير من جهة، وبيروقراطية ومحاباة من جهة أخرى.

ويرتكز بناء الجزائر الجديدة في شقها الاجتماعي على جانب التنمية البشرية وتحسين الإطار المعيشي الاجتماعي والاقتصادي للمواطن، من خلال التركيز على ملفات أولوية كتطوير قطاع السكن وحل أزمته نهائيا، فضلا عن تحسين جودة التعليم وإصلاح منظومته، بالإضافة إلى العمل على امتصاص البطالة من خلال توفير مناصب شغل جديدة ودائمة، كما يشمل أيضا رفع ودعم القدرة الشرائية وترقية الحق في الحصول على الضروريات من ماء وكهرباء وغاز.

وبالحديث عن السكن، فالمتتبع لهذا القطاع يلاحظ أنه ما يزال يعد مشكلا يؤرق المواطنين والمسؤولين على حد سواء، وعلى الرغم من اختلاف وتنوع الصيغ منذ نهاية العشرية السوداء إلى غاية حراك 22 فيفري 2019 على غرار “عدل1″ و”عدل 2″ و”LPA” و”lpp” و”lsp” والسكنات الاجتماعية والسكن الريفي والصيغة الجديدة LLP، إلا أن مسلسل مشكل السكن في الجزائر ما يزال مستمرا ومتواصلا.

سياسة عمرانية حقيقية

ومنذ انتخابه رئيسا لـ “جزائر جديدة”، أعلن الرئيس تبون أنه خلال عهدته الرئاسية سيركز في قطاع السكن على “ضمان حق المواطن في سكن لائق”، من خلال تنفيذ برنامج جديد يضم مليون وحدة سكنية بمختلف الصيغ وتسليم مليون ونصف مليون وحدة.

ووفق ما أكده الرئيس تبون في كل مرة سواء خلال حملاته الانتخابية أو خلال لقاءاته الدورية مع وسائل الاعلام أو في اجتماعاته الرسمية، فإن قطاع السكن يتجه نحو تطبيق “سياسة عمرانية حقيقية” تأخذ في الاعتبار المعايير المعمارية وتحافظ على التراث، كما تمنح فيها الأولوية للأسر ذات الدخل الضعيف.

وتتمحور هذه السياسة الجديدة حول “تكثيف إنجاز السكنات من خلال تعبئة وتوجيه ناجع للموارد المالية واستكمال البرنامج الجاري وإطلاق برنامج جديد يخص إنجاز مليون وحدة سكنية بمختلف الصيغ للفترة 2020-2024، إضافة إلى تسليم مليون ونصف مليون وحدة سكنية في آفاق 2024”.

كما تهدف السياسة الجديدة إلى القضاء النهائي على البيوت القصديرية ومنع تجددها، فضلا عن وقف نزوح السكان من الأرياف نحو المدن الكبرى من خلال إنشاء “مدن الضواحي”.

الأولوية للسكن حسب الرئيس

وبالعودة إلى برنامج الرئيس الحالي بخصوص قطاع السكن، فقد سبق وأن وعد بأنه سيكون “أولوية مطلقة” ويحل الأزمة نهائيا وضمان الحصول على سكن لائق عبر صيغ مكيفة مع منح الأولوية للأسر ذات الدخل المنخفض.

كما أن الرئيس الحالي تبون يعد الشخص الأكثر إلماما بوضعية هذا القطاع الذي شغله لسنوات بصفته وزيرا سابقا، وكان له الفضل في إنجاز واستكمال مشاريع مهمة بالقطاع.

وبالرجوع إلى تصريحات الرئيس، فقد جعل ملف السكن من أولوياته الاجتماعية، إذ أكد أن العاصمة والمدن الكبرى أصبحت مكتظة بالبنايات، وهذا ما يفرض البحث عن بدائل أخرى كون البناء فيها أصبح صعبا وضرورة التوجه نحو التجمعات الجديدة وبقوانين جديدة خارجها. كما تطرق إلى البناء الريفي الذي هُمش طيلة عقود من الزمن لما تحمله من تبعات الاستعمار والعشرية السوداء والأزمة الاقتصادية.

وينتظر آلاف الجزائريين أن تكون بداية الجزائر الجديدة ذكرى للاستلام المكثف لمختلف الوحدات السكنية والتجهيزات العمومية المرافقة لها بالنظر لحجم البرامج قيد الانجاز، خاصة وأن الكثير من المواطنين يتطلعون إلى غد أفضل بعدما أنهكتهم تكاليف الكراء والغلاء المعيشي.

وفي الجزائر الجديدة يكون من اللازم – في نفس القطاع دائما – تكليف مراقبين بتشديد الرقابة على المقاولين من أجل احترام معايير البناء مع تدعيم المجمعات السكنية بمختلف المرافق وضرورة إيجاد صيغ جديدة لتمويل إنجاز السكنات من أجل تقليص الاعتماد على الخزينة العمومية، إذ تعد من الأولويات الجديدة التي ستضاف إلى ملف السكن، بالإضافة الى ضرورة التوزيع العادل للسكنات بين البلديات، وكذا التفكير في إعادة فتح ملف التعاونيات العقارية ووضع حد للمضاربة في العقار.

جزائر جديدة.. منظومة تربوية جديدة

وفي قطاع التربية، ينبغي أن يرافق بداية الجزائر الجديدة، إصلاح مجال المنظومة التربوية والتعليم العالي والتكوين المهني، وذلك من خلال جعل المدرسة إطارًا للتربية والإيقاظ الفكري للتلاميذ، ومواءمة برامج التكوين بما في ذلك معالجة مشكل تغيير اللغة من مستوى إلى آخر، وهي الأمور التي سبق وأن وعد بها الرئيس تبون في مواعيد سابقة.

أما بالنسبة لمنظومة التعليم العالي، ينبغي أن تكون الجامعة إطارا للتعليم والتنمية والإبداع، من خلال تطوير أقطاب الامتياز في تخصصات معينة، وتحسين أداء نظام التعليم العالي، إضافة إلى تعزيز حصة التكوين التدريبي والمهني، وزيادة معدل استغلال المنح الجامعية في الخارج، ناهيك عن ضرورة تثمين مهنة الأستاذ الجامعي والباحث، وتطوير البحث العلمي والتكنولوجي، إضافة إلى إنشاء المجلس الوطني للبحث العلمي والتكنولوجيات، وإعادة تنظيم الخدمات الجامعية.

امتصاص البطالة وتوفير مناصب شغل

ورغم أن جزائر ما قبل الحراك راهنت على توفير مناصب الشغل والقضاء على البطالة، إلا أن الإجراءات التي كانت تطبق ميدانيا لم تكن ناجعة وفي كثير من الأحيان كانت تسير بصورة جد بطيئة وفق كلام وتصريحات الخبراء والأساتذة، ولهذا ينتظر في الجزائر الجديدة إجراءات عملية ميدانية وملموسة ترجع الثقة في مؤسسات الدولة خاصة ثقة الشباب الذي تعاني فئة منه البطالة.

وتعهد الرئيس الحالي بتشجيع العمل ومكافحة البطالة، بتخفيض نسبتها خاصة بالنسبة للشباب والنساء عن طريق مضاعفة فرص الشغل التي سيتيحها النمو الاقتصادي، وإعادة تنظيم آليات المساعدة على الإدماج المهني والتشغيل، إضافة إلى الإدماج التدريجي في مناصب شغل دائمة للباحثين عن عمل في إطار الوكالة الوطنية للتشغيل (ANEM) وإدراج الشباب المتقدمين لأول مرة بطلب الشغل في إطار خطة دعم التشغيل (DAIP) وكذلك التوظيف في إطار عقود العمل المدعمة (CTA).

كما أكد تبون على دعم إنشاء المشاريع وتحسين أداء الوكالة الوطنية للتشغيل (ANSEJ) والصندوق الوطني للتأمين على البطالة (CNAC)، وتشجيع المؤسسات على توظيف الشباب، إضافة إلى استحداث “إجازة إنشاء المؤسسات” لتعزيز روح المبادرة.

معيشة كريمة في جزائر جديدة

ومن بوادر “الجزائر الجديدة” وفاء الرجال بتعهداتهم والتزاماتهم، وسبق للرئيس تبون وأن تعهد بالعمل على رفع ودعم القدرة الشرائية من خلال ضمان دخل لائق للمواطن عبر مراجعة الحد الأدنى للأجر المضمون، والإعفاء الضريبي التام للمداخيل المنخفضة التي تساوي أو تقل عن 30 ألف دج، وهو ما تحقق في ظرف ستة أشهر.

وينتظر في الجزائر الجديدة ضمان الحق في الحصول على الماء والكهرباء والغاز للجميع دون استثناء، من خلال وضع حد نهائي لانقطاعات المياه وضمان حصول جميع المواطنين على المياه الصالحة للشرب عبر كامل التراب الوطني عن طريق تعبئة ناجعة للموارد المائية وتحسين وترشيد وسائل توزيع واستهلاك المياه، إضافة إلى ضمان حصول جميع المواطنين على الكهرباء والغاز من خلال تسريع تنفيذ البرنامج الوطني للربط بشبكة الكهرباء وتوزيع الغاز، لا سيما في المناطق الجبلية والريفية والصحراوية.

وينتظر أيضا تطوير قطاع النقل وفك العزلة عن المناطق الفقيرة والمهمشة، بضمان حصول جميع المواطنين على خدمات نقل عمومي متاحة وفعالة وعصرية، وإيجاد حل نهائي عبر الوسائل الملائمة للمشاكل المرتبطة بالازدحام المروري في المدن الكبرى، والتكفل الفعلي بالمشاكل المرتبطة بشبكة الطرقات وصيانتها، وكذا سهولة التنقل من أجل تحسين الإطار المعيشي للمواطن ودفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية.