نحو تحول طاقوي مستدام لتعزيز الاقتصاد الوطني

الجزائر تتوسع في الطاقة الشمسية والرياح باستثمار 2 مليار دولار

الجزائر تتوسع في الطاقة الشمسية والرياح باستثمار 2 مليار دولار
  • مستقبل الجزائر كمصدر رئيسي للطاقات النظيفة


 

تشهد الجزائر تحولا استراتيجيا في مجال الطاقات المتجددة، حيث أعلنت الحكومة عن استثمارات تقدر بـ2 مليار دولار لتطوير مشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.

وتأتي هذه المبادرة ضمن خطة طموحة تهدف إلى تنويع مصادر الطاقة، تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، وتعزيز دور الجزائر كمصدر رئيسي للطاقة النظيفة في المنطقة.

 

الحاجة إلى التحول الطاقوي

تعتمد الجزائر بشكل أساسي على الغاز الطبيعي في إنتاج الكهرباء، حيث يغطي الغاز حوالي 98 بالمائة من احتياجاتها الكهربائية. ومع تزايد الطلب المحلي على الطاقة وارتفاع التحديات البيئية والاقتصادية، بات من الضروري التوجه نحو مصادر طاقة أكثر استدامة. تمتلك الجزائر واحدة من أعلى معدلات الإشعاع الشمسي في العالم، مما يجعلها مثالية لاستغلال الطاقة الشمسية. كما تتميز بعض مناطقها، مثل الهضاب العليا والسواحل، بسرعة رياح مناسبة لإنشاء مزارع الرياح. هذه العوامل تجعل الطاقات المتجددة خيارًا استراتيجيًا لتعزيز الأمن الطاقوي وتحقيق التنمية المستدامة.

 

مشاريع الطاقة الشمسية

خصصت الحكومة الجزء الأكبر من هذه الاستثمارات لإنشاء محطات طاقة شمسية بقدرة إجمالية تصل إلى 3 جيغاواط، موزعة على عدة ولايات تمتلك أعلى معدلات الإشعاع الشمسي، مثل أدرار، ورقلة، تمنراست، بشار، غرداية، الوادي. هذه المشاريع ستعمل على توليد الكهرباء باستخدام أحدث تقنيات الألواح الكهروضوئية، مع دمج حلول تخزين الطاقة لضمان استمرارية الإمداد الكهربائي حتى بعد غروب الشمس.

 

مشاريع طاقة الرياح

إلى جانب الطاقة الشمسية، تخطط الجزائر لإنشاء مزارع رياح بقدرة 500 ميغاواط، سيتم توزيعها في المناطق التي تمتلك سرعات رياح مناسبة، مثل الهضاب العليا “باتنة، الجلفة، تبسة” والسواحل الشمالية مثل “مستغانم، ووهران”. كما سيتم تنفيذ هذه المشاريع بالتعاون مع شركات دولية متخصصة في تصميم وتشغيل توربينات الرياح، مما يساهم في نقل التكنولوجيا وتعزيز القدرات المحلية.

 

آليات التمويل والشراكات الاستراتيجية

سيتم تمويل هذه الاستثمارات من خلال عدة مصادر، منها التمويل الحكومي: عبر الصندوق الوطني للطاقات المتجددة وكفاءة الطاقة. شراكات مع القطاع الخاص: حيث سيتم تشجيع الشركات الوطنية والدولية على الاستثمار عبر عقود الامتياز. التمويل الأجنبي: الجزائر تجري محادثات مع مؤسسات مالية دولية للاستفادة من القروض الميسرة والتمويل الأخضر.

 

أهداف الحكومة..

تسعى الحكومة من خلال هذه المشاريع إلى تحقيق مجموعة من الأهداف الاستراتيجية، أبرزها تقليل استهلاك الغاز الطبيعي: مما يسمح بتوجيه كميات أكبر من الغاز نحو التصدير، وزيادة العائدات الوطنية.

خفض انبعاثات الكربون: بما يتماشى مع التزامات الجزائر الدولية في اتفاقية باريس للمناخ.

تعزيز الأمن الطاقوي: عبر تنويع مصادر الطاقة وتقليل الاعتماد على مصدر واحد.

خلق فرص عمل جديدة: في مجالات الهندسة، التصنيع، الصيانة، والتركيب.

التحضير لتصدير الكهرباء الخضراء: نحو أوروبا، التي تسعى إلى استيراد الطاقة المتجددة لتقليل انبعاثاتها.

 

التحديات والرهانات المستقبلية

رغم الفرص الكبيرة التي توفرها هذه المشاريع، إلا أن الجزائر تواجه عدة تحديات يجب التغلب عليها لضمان نجاح الانتقال الطاقوي، ومن أبرزها: تطوير البنية التحتية الكهربائية

كما تحتاج شبكة نقل وتوزيع الكهرباء إلى تحديثات كبيرة لاستيعاب الطاقة المنتجة من المصادر المتجددة وضمان استقرار الإمداد.

 

تحسين البيئة الاستثمارية

يجب تسهيل الإجراءات الإدارية والبيروقراطية لتشجيع المستثمرين الأجانب والمحليين على الدخول في قطاع الطاقات المتجددة.

 

نقل التكنولوجيا وبناء القدرات المحلية

ومن الضروري تعزيز الشراكات مع الجامعات ومراكز البحث لتطوير الكفاءات الوطنية في مجال الطاقات المتجددة، والحد من الاعتماد على الخبرات الأجنبية.

 

ضمان التمويل المستدام

أين يجب توفير آليات تمويل طويلة الأمد تضمن استمرارية المشاريع وتوسعها في المستقبل لأن هذه الاستثمارات تمثل خطوة حاسمة نحو مستقبل طاقوي أكثر استدامة في الجزائر. ومع التنفيذ الناجح لهذه المشاريع، يمكن للبلاد أن تصبح أحد اللاعبين الرئيسيين في سوق الطاقة المتجددة على المستويين الإقليمي والدولي، مما يعزز مكانتها كدولة رائدة في التحول الطاقوي.

إيمان عبروس