تسير الجزائر بخطى ثابتة نحو تطوير بيئة ريادة الأعمال، من خلال إطلاق مبادرات داعمة للمؤسسات الناشئة، وتوظيف أحدث التقنيات، وتعزيز الشراكات القطاعية، بهدف بناء اقتصاد قائم على المعرفة والابتكار. وقد شهد الأسبوع الأخير سلسلة من الفعاليات التي عكست هذا التوجه، شملت إشراك كفاءات الجالية الجزائرية، تطوير الذكاء الاصطناعي، دعم الملكية الفكرية، تعزيز الشراكات مع القطاع الفلاحي، إطلاق برنامج “تمكين”، وأخيرًا الدفع الإلكتروني كعامل أساسي في دعم الاقتصاد الرقمي.
إشراك كفاءات الجالية الجزائرية في دعم ريادة الأعمال

وخلال ندوة افتراضية نظمها المجلس الأعلى للشباب، شدد السيد نور الدين واضح، وزير اقتصاد المعرفة والمؤسسات الناشئة والمؤسسات المصغرة، على أهمية استغلال كفاءات الجالية الجزائرية لدعم بيئة الأعمال في البلاد، حيث أكد أن الخبرات الجزائرية بالخارج يمكن أن تساهم في نقل المعرفة، تعزيز القدرات التنافسية، وتطوير الحلول التكنولوجية. كما تم اقتراح إنشاء منصات للتواصل بين رواد الأعمال الجزائريين في الداخل والخارج، بهدف تبادل الخبرات والاستفادة من التجارب الناجحة. ودعا الوزير، إلى توفير تحفيزات خاصة للجزائريين الراغبين في الاستثمار في بلدهم، من خلال إعفاءات ضريبية، تسهيلات إدارية، ومرافقة خاصة للمشاريع الريادية.
الذكاء الاصطناعي.. رهان الجزائر للمستقبل
وأكد الوزير خلال افتتاح منتدى CTO FORUM، أن الجزائر تمتلك رؤية واضحة في مجال الذكاء الاصطناعي، مدعومة بإرادة سياسية قوية تهدف إلى جعل البلاد رائدة في إفريقيا. وأوضح أن الحكومة تعمل على خلق بيئة داعمة للشركات الناشئة المتخصصة في الذكاء الاصطناعي، من خلال توفير تمويلات تحفيزية ومرافقة قانونية. كما شدد على ضرورة تمكين الشركات الناشئة من تصدير حلولها نحو الأسواق الإقليمية والدولية، بما يساهم في تنويع الاقتصاد الوطني، حيث تم الإعلان عن خطط لدعم الابتكار في مجالات الصحة، النقل، والطاقة باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي.
الملكية الفكرية.. دعامة أساسية لحماية الابتكارات
وفي ندوة احتضنها قصر الثقافة، تم تسليط الضوء على أهمية حماية الملكية الفكرية باعتبارها أحد العوامل الأساسية لضمان استدامة المشاريع الناشئة، حيث ناقش الخبراء أهمية تبسيط إجراءات تسجيل براءات الاختراع، لضمان حماية الأفكار المبتكرة. كما تم اقتراح إنشاء هيئة متخصصة لمتابعة تطبيق قوانين الملكية الفكرية، وتقديم استشارات قانونية للمبتكرين وأصحاب الشركات الناشئة. ودعا المشاركون إلى تعزيز التعاون بين الجامعات ومراكز البحث لضمان تحويل الأبحاث العلمية إلى مشاريع ريادية ذات قيمة اقتصادية.
تعزيز الشراكة بين المؤسسات الناشئة والقطاع الفلاحي

أما في اللقاء الذي جمع وزير اقتصاد المعرفة ووزير الفلاحة، تم استعراض أحدث الابتكارات التكنولوجية التي قدمها رواد أعمال جزائريون لتحسين الإنتاج الزراعي. أين تضمنت الحلول المطروحة تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات الزراعية، أنظمة الري الذكي، وتطبيقات لتتبع المحاصيل. وتم الاتفاق على إطلاق ورشات تدريبية للفلاحين لتمكينهم من استخدام هذه التكنولوجيا بفعالية، حيث أكد الوزير أن دعم الرقمنة في القطاع الفلاحي سيساهم في تحسين الإنتاجية وتقليل التكاليف، مما يعزز الأمن الغذائي في الجزائر.
إطلاق برنامج “تمكين” لدعم التمويل الموجه للمؤسسات الناشئة

أين أعلنت الوزارة عن إطلاق برنامج “تمكين”، الذي يهدف إلى تطوير منظومة القرض المصغر من خلال تكوين وتأطير الشباب الراغبين في إطلاق مشاريعهم الخاصة. أين تم التعاون مع منظمة العمل الدولية لتدريب 25 مؤطرًا، يكون دورهم نقل المعرفة إلى مختلف الولايات. كماأكد الوزير أن البرنامج يركز على المشاريع الابتكارية، بدلًا من التركيز على القطاعات التقليدية التي أصبحت مشبعة كما سيتم تقييم أثر البرنامج بشكل دوري لضمان تحقيق الأهداف المرجوة في دعم ريادة الأعمال.
الدفع الإلكتروني.. أولوية لتعزيز الاقتصاد الرقمي
وفي اجتماع بين ممثلي بنك الجزائر والفاعلين في مجال الدفع الإلكتروني، تم التأكيد على أن تعميم وسائل الدفع الرقمي أصبح ضرورة اقتصادية ملحة، حيث شدد الوزير على أن الاقتصاد الرقمي لا يمكن أن يزدهر دون حلول دفع إلكترونية متطورة، مما يتيح للمؤسسات الناشئة العمل بفعالية أكبر. كما تم الاتفاق على تقديم تحفيزات ضريبية للشركات التي تعتمد على الدفع الإلكتروني، بالإضافة إلى إطلاق حملات توعوية للمستهلكين. و ناقش المجتمعون سبل تعزيز أمن المعاملات الإلكترونية لضمان ثقة المستخدمين في هذه المنظومة الجديدة.
نحو بيئة ريادية مستدامة ومبتكرة

أين تعكس هذه المبادرات التزام الجزائر بتطوير بيئة ريادة أعمال قوية، قائمة على الابتكار والتكنولوجيا، ومبنية على شراكات فاعلة بين القطاعين العام والخاص، حيث يتمحور التوجه الجديد حول تمكين المؤسسات الناشئة، دعم البحث والتطوير، وتحفيز الاقتصاد الرقمي، بهدف تحقيق نمو اقتصادي مستدام. كما يتوقع أن تسهم هذه الجهود في جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، خاصة في القطاعات التكنولوجية المتطورة. ويمثل إشراك الكفاءات الجزائرية بالخارج، وتعزيز الشراكات القطاعية، والتحول نحو الرقمنة خطوات حاسمة نحو بناء اقتصاد تنافسي قائم على المعرفة. حيث تؤكد هذه الخطوات أن الجزائر تسير نحو مستقبل اقتصادي مشرق، حيث يصبح الابتكار وريادة الأعمال محركًا رئيسيًا للتنمية الوطنية.
إيمان عبروس