في الذكرى الستين لعيد الاستقلال والشباب

الجزائر تستكمل خطوات بنائها الداخلي وتطمح للريادة الإقليمية

الجزائر تستكمل خطوات بنائها الداخلي وتطمح للريادة الإقليمية

📌 مبادرة “لمّ الشمل” مهمة لبناء جبهة داخلية

📌 الجزائر عادت بقوة إلى الساحة الدبلوماسية الدولية

📌 للمجتمع المدني دور في رسم السياسة العامة للبلاد

 

حققت بلادنا أشواطا كبيرة، في تجسيد معالم الجزائر الجديدة، بداية بالاستفتاء على الدستور، واستكمال البناء المؤسساتي بإجراء الانتخابات التشريعية والمحلية، وكذا إنشاء المرصد االوطني للمجتمع المدني، الذي يعد شريكا أساسيا في رسم السياسة العامة للبلاد، وبذلك فتح الباب أمام الشباب للمشاركة في الحياة السياسية، واعتلاء المراكز العليا، وحاليا يعكف الرئيس عبد المجيد تبون، على إجراء حوار مع الأحزاب السياسية، في مبادرة “لمّ الشمل”، وهذا كله لبناء جبهة داخلية قوية، خاصة أمام الظروف الدولية المحيطة بنا، ما يتطلب الحيطة والحذر، وبالتزامن مع الاحتفال بعيد الاستقلال المصادق لـ5 جويلية 2022، وأمام السياسة الرشيدة التي انتهجتها بلادنا، وموقعها الجيواستراتيجي المهم، أصبح للجزائر دور مهم في الساحة الدولية.

 

مبادرة “لمّ الشمل” خطوة ضرورية لبناء جبهة داخلية متماسكة

أسباب مبادرة لم الشمل في الجزائر | عربي بوست

شرع رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، بعد انتخابه في وضع معالم الجزائر الجديدة، وتطبيق برنامجه الانتخابي، الذي وعد به خلال حملته، بداية بالتصويت على الدستور وإجراء الانتخابات التشريعية والمحلية، حيث فتح المجال واسعا أمام الشباب للوصول إلى المراكز العليا وبالتالي إشراكهم في الحياة السياسية، كما أسس السلطة المستقلة للانتخابات، للإشراف على إجراء الانتخابات بكل شفافية ونزاهة.

ويشرع الرئيس حاليا، في عقد العديد من اللقاءات مع الأحزاب السياسية، سواء كانت معارضة أو موالية، والتي تدخل في إطار مبادرة “لمّ الشمل” التي انطلق الترويج لها من قبل شخصيات وأحزاب سياسية مختلفة، حيث تحدث الرئيس خلال تواجده بتركيا عن المبادرة، وتحسن الوضع المالي للبلاد ورغبة الجزائر في اقتحام الأسواق الإفريقية بمرافقة تركية. واعتبر الرئيس تبون، الخطوة ضرورية، بهدف تكوين جبهة داخلية متماسكة، لتجسيد المبادرة، معلنا عن انعقاد “لقاء شامل للأحزاب في الأسابيع المقبلة” وذلك بعد اللقاءات الفردية التي أجريت مؤخرا مع قادة الأحزاب، التي سمحت بمناقشة وتقييم العديد من القضايا.

 

أحزاب سياسية تثمن المبادرة

وقد عبر رئيس حزب جبهة المستقبل، عبد العزيز بلعيد، خلال استقباله من طرف رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، عن أمله في نجاح مبادرة “لمّ الشمل”، مؤكدا على ضرورة “فتح حوار حقيقي ومنظم لكافة الفاعلين في الطبقة السياسية، لكون الجزائر تحتاج إلى الاستقرار والأمن، مضيفا بأن الرئيس متفهم حقيقة للجو السياسي الذي يسود في البلاد.

وبدوره، أوضح رئيس حزب الفجر الجديد، الطاهر بن بعيبش، لدى استقباله من الرئيس، أن مبادرة لمّ الشمل طموحة وتحتاج إلى الدعم والمساندة، والرئيس يحمل مشروعا طموحا يحتاج إلى الدعم والمساندة، كما يعي جيدا العراقيل التي يمكن أن تعترض تطبيق هذا المشروع. أما رئيسة حزب تجمع أمل الجزائر، فاطمة الزهراء زرواطي، التي التقت بالرئيس، فأكدت بأن الجزائر بحاجة اليوم إلى مبادرة لمّ الشمل، وتكوين جبهة داخلية قوية، لمواجهة مختلف التحديات، مثمنة  خطوة فتح حوار، الذي يُعنى بكافة انشغالات المواطنين. هذا ويحضّر رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، لعقد طاولة مستديرة موسعة مع مجموع قادة الأحزاب السياسية، بالتزامن مع الاحتفالات المخلدة لذكرى عيد الاستقلال، ويأتي ذلك بعد اللقاءات التي أجرها مع قادة أحزاب سياسية من الموالاة والمعارضة، في إطار ما وصفه بـ”مبادرة لمّ الشمل الضرورية من أجل تكوين جبهة داخلية متماسكة”. وكان قد التقى حتى الآن قيادات تسع هيئات جزائرية، هم الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني أبو الفضل بعجي، ورئيس جبهة المستقبل عبد العزيز بلعيد، والأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي الطيب زيتوني، ورئيس حركة البناء الوطني عبد القادر بن قرين، إضافة لاحزاب المعارضة، ورئيس المرصد الوطني للمجتمع المدني، عبد الرحمن حمزاوي، وكذا الدبلوماسي السابق عبد العزيز رحابي.

 

الجيش يدعو للالتفاف حول مبادرة “لمّ الشمل”

أعلنت قيادة الجيش، دعمها لمبادرة الرئيس، عبد المجيد تبون، حول “لمّ الشمل”، داعية جميع أبناء الوطن “للالتفاف حولها”، وجاء ذلك على لسان الفريق سعيد شنقريحة، قائد الأركان الجزائري، خلال كلمة أمام قيادات عسكرية بالمنطقة العسكرية الثانية، حيث قال، أشد على أيدي كافة أبناء الوطن للانخراط بقوة في هذه المبادرة الصادقة، وهي مستلهمة من قيم أمتنا العريقة ومبادئ ثورتنا الخالدة (الثورة التحريرية ضد الاستعمار الفرنسي 1954/ 1962)، وأن “الجزائر الجديدة يشارك في بنائها كل أبنائها المخلصين”.

 

دور الجزائر تعزز أكثر بمجيء الرئيس عبد المجيد تبون

أوضح البروفيسور عبد القادر بريش، لـ”الموعد اليومي”، أن موقع الجزائر في محيطها الجيواستراتيجي، على المستوى الإقليمي والعربي وكذا الدولي، يعد جد مهم ومميز، وتعزز أكثر بعد عودة الجزائر إلى الساحة الدبلوماسية الدولية بقوة، وبما يعرف بدبلوماسية التأثير، حيث بعد مجيء الرئيس عبد المجيد تبون، على رأس الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، حيث تحصل خلال الرئاسيات على 58,15 بالمائة من الأصوات، ليليه بعدها عبد القادر بن قرينة 17.38 بالمائة، وعلي بن فليس 10.55  بالمائة، أضحت الدبلوماسية أكثر صرامة في المواقف التي تدافع بها عن الدول، كالقضية الفلسطينية والصحراوية، كما أنها أصبحت اكثر فاعلية وناشطة، وحاضرة في العديد من الملفات في محيطها الجيواستراتيجي، ويظهر ذلك من خلال ما يحدث حاليا من تحولات نتيجة الحرب الروسية الاوكرانية، التي افرزت عدة متغيرات جديدة خاصة فيما يعرف بالاهتمام الاوروبي بالجزائر، بحكم إمتلاكها مقدرات في مجال الطاقة، أضف لذلك أيضا تمتعها بالإستقرار المؤسساتي، وللقيادة السياسية رؤية واضحة في المسائل الجوهرية، سواء في المجال الجيواستراتيجي والمواقف وكذا العلاقات والمحاور التي تتحرك فيها الدبلوماسية، منها تنويع الشركاء وإقامة هذه العلاقات على أسس احترام السيادة الوطنية، ما جعل ينظر لبلادنا على أساس أنها دولة محترمة ومحايدة، وما يثبت ذلك هو نجاحها في افتتاح الدورة الـ19 للألعاب المتوسطية بمعايير ومقاييس عالمية، وقدراتها على تنظيم مثل هذه التظاهرات الإقليمية والدولية، كما أنها مقبلة على احتضان القمة العربية، في الفاتح نوفمبر من السنة الجارية وكل المؤشرات تلوح لنجاحها.

 

المجتمع المدني شريك فعال في بناء الجزائر الجديدة

المجتمع المدني لعب دورا هاما في نشر الوعي في نفوس الجزائريين

يعد المجتمع المدني شريك فعال في بناء الجزائر الجديدة، سيما من خلال العناية بالتكوين للمنخرطين في العمل الجمعوي عن طريق الدورات التي ينظمها، حتى يكون على وعي ودراية بدور المجتمع ومساهمته في التسيير الراشد للشأن العام، إضافة إلى تنظيم جلسات تشاورية دورية بين السلطات المحلية وفعاليات المجتمع المدني، بتوفر جو من التفاهم والثقة بين الطرفين، والعمل أيضا على فتح فضاء تشاوري بين الجمعيات ومختلف الهيئات العمومية للاستماع لمقترحاتها بخصوص مشاريع التنمية المحلية وإشراكهم في الرقابة عليها، مع إيجاد آلية تنظيمية لتأسيس تنسيقيات جمعوية محلية لترقية ثقافة الديمقراطية التشاركية، بهدف التكفل بجميع الانشغالات باعتماد على خطط وبرامج مشتركة، وذلك كله لخدمة الجزائر. وفي ذات الصدد، اقترحت فعاليات المجتمع المدني استحداث آليات جديدة لتصنيف الجمعيات بما يثري العمل التشريعي الحالي، سواء فيما تعلق بإعداد قانون الجمعيات الجديد خاصة، بتمكينها من مشاريع تمويلية تساعد على الاستمرار في نشاطها، وكذا وإنشاء منصة رقمية تجمع كافة الجمعيات والمتعاملين الاقتصاديين ومؤسسات الدولة، بهدف تكريس الديمقراطية التشاركية وإنشاء مركز للإعلام والتكوين والتدريب على مستوى كل ولاية، يتم تسييره تشاركيا ويعنى بترقية أداء الفعاليات الجمعوية.

 

حمزاوي: المجتمع المدني بمثابة صمام أمان

وبدوره أكد رئيس المرصد الوطني للمجتمع المدني، عبد الرحمن حمزاوي، أن الكثيرين يراهنون على دور الجزائر في اتخاذ القرارات والمشاركة في المستجدات التي يشهدها العالم، والمجتمع المدني يساهم في تعزيز موقعها، في كل الهيئات، وله رؤية واضحة وشريك في رسم السياسة، وبالتالي فهو يعد بمثابة صمام الأمان، في وقت تريد الكثير من الأصوات زعزعت استقرار البلاد، من الداخل والخارج، مضيفا أن اللقاء الذي جمعه مع رئيس الجمهورية، كان في إطار المشاورات، وتم تناول العديد من القضايا الاقتصادية والاجتماعية، الذي أكد خلالها على ضرورة انخراط المجتمع المدني في هذا المسار.

 

ممارسة العمل النقابي ركيزة من الديمقراطية يكرسه دستور 2020

وقال الرئيس تبون، في كلمة بمناسبة عيد العمال، “أسديت توجيهات لإعداد قانون إطار ينظم العمل النقابي، وذلك من خلال إثراء أكبر لمحتواه، الذي يتم بالتشاور والنقاش مع مهني القطاع، مشدداً على أن يراعي مشروع القانون المواثيق والاتفاقيات والتمثيل الحقيقي للنقابات والتزام ترقية الجانب الاجتماعي والمهني للعمال، بعيداً من النزاعات السياسية التي أغرقت العمل النقابي من روحه الحقيقية”. كما دعا بالمناسبة، كل النقابات المهنية للعمال، إلى إدراج حجم المسؤولية تجاه العاملات والعمال والمؤسسات والدور المنوط بها، خاصة وان الدولة حريصة على الحوار الدائم مع الشركاء الاجتماعيين، من أجل ضمان الشفافية والتقيّد التام بالقوانين عندما يتعلق الأمر باحتجاجات مطلبية. كما اعتبر الرئيس، أن ممارسة الحق النقابي، يعد ركيزة أساسية من ركائز الديمقراطية، والدستور 2020 يكفل هذا الحق ويكرسه، وبالمقابل، فإن مراجعة قانون كيفيات ممارسة النشاط النقابي ينبغي أن تتماشى ولوائح المكتب الدولي للعمل، حيث من الضروري أن يراعي ضوابط التمثيل الحقيقي للنقابات، بعيداً من التمييع مع إشراك النقابات القطاعية في استحداث آليات قانونية لتقييم الأداء النقابي، مشددا في السياق ذاته، على أهمية الفصل بين العمل النقابي والمسؤولية في التسيير والانتماء السياسي.

نادية حدار