صناعة جزائرية تنهض بثبات وثقة
لم تعد الجزائر تعتمد على الاستيراد لتأمين حاجياتها الدوائية، حيث تغطي اليوم الصناعة الوطنية أكثر من 65 بالمائة من احتياجات السوق المحلية، مع أهداف واقعية لبلوغ عتبة 70 بالمائة خلال السنوات القليلة القادمة.
وتقود هذه النهضة، مصانع عملاقة مثل “صيدال”، “بيوفارم”، و”فراتر-رازيس” بإنتاج متنوع يلبي احتياجات السوق وبجودة منافسة.
تشريعات حديثة ترسم طريق السيادة الصحية
وفي خطوة تعكس نضج الرؤية الحكومية، أنشأت الجزائر الوكالة الوطنية للمواد الصيدلانية، كجهاز رقابي لضمان جودة الأدوية ومطابقتها للمعايير الدولية. كما تم اعتماد سياسات تشجيعية تمنح الأفضلية في الصفقات العمومية للمنتجات المحلية، في رسالة واضحة: “الصناعة الدوائية أولوية وطنية”.
الابتكار في صُلب الاستراتيجية الوطنية

لكن اليوم الرهان ليس فقط على الإنتاج، بل على البحث والتطوير. شركات جزائرية باتت تستثمر في تكنولوجيا التصنيع ، وتدخل في شراكات دولية لتبادل الخبرات ونقل التكنولوجيا. التركيز موجه نحو الأدوية الجنيسة، والبدائل الحيوية، وأحدث تقنيات التعبئة والتغليف.
من السوق المحلي إلى الأسواق الإفريقية
كما تتجه الجزائر بثقة إلى تصدير الدواء، بحيث أن شحنات جزائرية وصلت بالفعل إلى مالي، تونس، النيجر وليبيا، كخطوة أولى نحو تموقع استراتيجي في السوق الإفريقية. كما تعمل الحكومة على تذليل العقبات التنظيمية واللوجستية، وفتح قنوات تصدير جديدة، مدعومة بثقة الشركاء الأفارقة في جودة المنتج الجزائري.
“مغرب فارما 2025”.. الجزائر تضيء منصة القارة

حيث ستكون الطبعة الجديدة الأكبر والأكثر تأثيرا على الإطلاق، بمشاركة أكثر من 270 شركة دولية من 25 بلدا وبحضور أكثر من 10 آلاف مختص والذي يهدف لترويج للإنتاج الجزائري وربطه بالأسواق العالمية،تحفيز الاستثمار الأجنبي المباشر في قطاع الأدوية،عرض أحدث الابتكارات والتقنيات الصيدلانية ودعم التكوين المستمر للمختصين والمهنيين. كما تتميز هذه الطبعة بفضاءات للبحث والابتكار وتقنيات البيوتكنولوجيا، لقاءات أعمال ثنائية B2B مع مستثمرين أجانب بالإضافة لورشات مهنية ومحاضرات دولية بإشراف خبراء عالميين، إلى جانب شراكات جديدة مع الجامعات الجزائرية ومخابر أجنبية. “مغرب فارما” ليس مجرد صالون، بل منصة استراتيجية لبناء شراكات حقيقية وتعزيز موقع الجزائر كمنارة دوائية في إفريقيا.
الجزائر.. من المستهلك إلى المصنع ومن المصنع إلى المصدر

الجزائر ليست بصدد سد الحاجة فقط، بل تخطط لتكون مصدرا موثوقا للدواء في إفريقيا نظرا لتزايد الطلب الخارجي، لأن الأدوية الجزائرية أثبتت جدارتها. فاليوم تكتب الجزائر صفحة جديدة في مجال الصناعات الدوائية من خلال رؤية واضحة، بنية تحتية حديثة، دعم سياسي، وكفاءات وطنية. ومع الديناميكية التي خلقها “مغرب فارما 2025″، فإن الطريق إلى ريادة إفريقية يبدو أقرب من أي وقت مضى.
إيمان عبروس