لا تزال وعبر عقود رمزا للتضامن القوي مع الشعوب المظلومة والتزاما ثابتا بقيم العدالة والحرية

الدبلوماسية الجزائرية.. منارة مشرقة للدفاع عن القضايا العادلة

الدبلوماسية الجزائرية.. منارة مشرقة للدفاع عن القضايا العادلة

تشكّل العملية الدبلوماسية الجزائرية سلسلةً من المحطات المهمة التي تعكس التزام البلاد بتعزيز السلام العالمي وتعزيز العلاقات الدولية على المستوى العالمي، حيث تقف على أسس قوية تمتد من أيام الثورة الجزائرية الشاملة إلى المرحلة الحالية، كما تسعى الجزائر جاهدةً إلى تعزيز قيم العدالة والسلام والتعاون الدولي.

 

تاريخ الريادة والتأثير في المشهد الدولي

 في أعقاب الثورة الجزائرية المظفرة، أصبحت الجزائر واحدةً من الشخصيات الرئيسية في عالم السياسة الدولية، حيث استطاعت أن ترسخ مكانتها بفضل سياساتها المتزنة ومساهمتها في حل النزاعات الإقليمية والدولية، كما تمثل الدبلوماسية الجزائرية نموذجاً يحتذى به للتفاوض السلمي والتسوية الدبلوماسية، وذلك من خلال مشاركتها الفاعلة في الوساطة بين الدول والمنظمات الدولية.

عملية الدبلوماسية الجزائرية تجسدت بشكل ملموس من خلال مشاركتها الفعالة في الجهود الدولية لحل الصراعات في القارة الإفريقية وخارجها، بما في ذلك جهودها المستمرة في دعم حقوق الشعوب في تقرير مصيرها والعمل على تعزيز الاستقرار والسلام في المنطقة، وتعتبر الجزائر رائدة في تعزيز السلام والأمن الإقليمي، وقد لعبت دورًا حيويًا في دعم الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب وتعزيز الأمن الدولي.

 

مسيرة الفعالية والتأثير في السياسة العالمية

ومع مرور الوقت، وسّعت الجزائر نطاق نشاطها الخارجي وعزّزت وجودها في المنتديات الدولية، مما يعكس التزامها الثابت بالقضايا العالمية الهامة مثل حقوق الإنسان، التنمية المستدامة، والتعاون الإقليمي.

كما استطاعت الجزائر، تطوير علاقات ثنائية قوية مع الدول الأخرى، مما ساهم في تعزيز مكانتها كلاعب رئيسي في الشؤون الدولي. ولعبت الجزائر دورا هاما في الدفاع عن الشعوب المكافحة لنيل الاستقلال والانعتاق من الاستعمار، كما قدمت الكثير لحل النزاعات التي تحصل بين الدول، دون أن تحيد عن المبادئ التي رسختها من تجربة المؤسسين، سواء في الحركة الوطنية وفي ثورة التحرير، وما تجلى في بيان أول نوفمبر، مع حفظ السيادة الوطنية والدفاع عن المصالح العليا للوطن. كما تمكنت الدبلوماسية الجزائرية طوال عقود من نشاطها، بفضل تاريخها، نجاعتها وثباتها على مبادئها، في حل العديد من الأزمات والتوترات على الصعيدين الإقليمي والدولي، جاعلة من الجزائر بلدا مصدرا لقيم السلم والاستقرار. وطيلة عقود ستة، عملت الدبلوماسية الجزائرية جاهدة على حل مختلف الأزمات، مستندة إلى تجربتها التي تحظى بالاحترام والتقدير على الصعيد الدولي.

 

حركية غير مسبوقة في عهد الرئيس تبون

يؤكد مراقبون بأن الحركية للدبلوماسية الجزائرية، تعد استجابة حتمية فرضتها التوجهات الجديدة للسياسة الخارجية التي اعتمدتها البلاد، في ظل الأوضاع الأمنية المتوترة في المحيط الإقليمي، فضلا عن التحدّيات السياسية والاقتصادية التي أفرزتها المتغيرات الدولية.

والأكيد بأن الدبلوماسية الجزائرية، عادت إلى الواجهة من جديد للعب دور الوساطة ولا سيما من خلال إعادة انتشارها على المستويين الإفريقي والعربي، وتعزيز دورها في المساهمة في حل الأزمات، لا سيما في ليبيا ومالي وفلسطين. ومن خلال الخطاب الرسمي للرئيس تبون، فقد حافظت الدبلوماسية الجزائرية على مواقفها الثابتة حيال القضايا العادلة في العالم، منها حق الشعوب التي ما تزال ترزح تحت نير الاستعمار وحقها في تقرير المصير مثلما هو الحال بالنسبة للشعبين الفلسطيني والصحراوي وفق سياسة الالتزام التي تتسم بها مواقفها، من خلال انتهاج مقاربات سلمية في حل الأزمات ودعم الجهود والمبادرات الرامية لإحلال الأمن والسلم في المنطقة. ولا تزال الجزائر محافظة على مواقفها إزاء القضايا المعقدة ، ففي  الملف الليبي، جدّدت الدبلوماسية الجزائرية، مرارا، موقفها المؤيد للتسوية السياسية للأزمة في هذا البلد الجار، عن طريق التأكيد على أهمية الحوار الليبي-الليبي ورفضها أي تدخل أجنبي، في حين لعبت في مالي دورا رائدا في الوساطة الدولية، حيث لم تتوقف أبدا عن الدعوة إلى تسريع تنفيذ اتفاق السلم والمصالحة المنبثق عن مسار الجزائر، بهدف تحقيق الاستقرار المستدام في البلاد. وفيما يتعلق بالأزمة في اليمن، فقد دعت الجزائر إلى الحوار بين الأطراف اليمنية، مع التذكير بمبادئ سياستها الخارجية القائمة على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول ورفض التدخل الأجنبي في النزاعات الداخلية. وقادت الجزائر من خلال ممثليها ووزراء خارجية مجموعة الاتصال العربية، لمباشرة مشاورات مع الجانب الروسي بشأن النزاع في أوكرانيا وهي خطوة كانت بمثابة إنجاز آخر للدبلوماسية الجزائرية.

 

جهود بارزة لحل أزمة النيجر

خبراء : الوساطة الجزائرية تقدم حلا سلميا وتُبعد خيار التدخل العسكري في النيجر | الإذاعة الجزائرية

في وجه التحديات الكبيرة التي تواجه القارة الإفريقية، تجسدت الدبلوماسية الجزائرية كعنصرٍ رئيسيٍ في تعزيز السلام والاستقرار في المنطقة. وفي أحدث التطورات، تمكنت الجزائر من اللعب بدور حيوي في حل أزمة النيجر بشكل فعال وفعّال.

وتفاعلت الجزائر بسرعة وحزم في مواجهة التحديات الإنسانية والسياسية الناجمة عن الأزمة في النيجر، حيث استخدمت مهاراتها الديبلوماسية وقوة تأثيرها الإقليمي لتسهيل حوار بنّاء بين الأطراف المعنية. وبفضل جهودها المتواصلة في تشجيع الحوار والتفاوض، ساهمت الجزائر بشكل كبير في إحلال السلام واستعادة الاستقرار في المنطقة المتضررة. وعملت الجزائر بالتعاون مع الأطراف الدولية المعنية والمنظمات الإقليمية للتوصل إلى حلول مستدامة وشاملة، تهدف إلى تحقيق السلام والاستقرار في النيجر وتأمين المساعدات الإنسانية اللازمة للمتضررين. بالإضافة إلى ذلك، تبنت الجزائر سياسةً تعزز الحوار وتشجع على التعاون المشترك في مكافحة الأسباب الجذرية للصراع وتعزيز الأمن والتنمية المستدامة في المنطقة. ومن خلال تجربتها الغنية في حل النزاعات والتوسط في الأزمات الإقليمية، تثبت الجزائر أنها قوةٌ دبلوماسيةٌ فعّالةٌ تلتزم بالقيم الإنسانية وتسعى جاهدةً لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة والعالم. ومن خلال مساهماتها الفعّالة في حل أزمة النيجر، تؤكد الجزائر على إصرارها على دعم الجهود الدولية في تحقيق السلم والأمن الدوليين.

 

الجزائر.. صوت فلسطين الذي لن ينقطع

تجسدت الدبلوماسية الجزائرية كمنارةٍ مشرقةٍ للدفاع عن القضايا العادلة والمحقة على الصعيد الدولي، ولا شكّ أن القضية الفلسطينية تظل أحد أعمق التحديات التي تسعى الجزائر إلى التصدي لها بقوة واقتدار.

من خلال تاريخها العريق في النضال من أجل الحرية والعدالة، تحمل الجزائر رسالةً قويةً لدعم الشعوب المظلومة، وخاصةً الشعب الفلسطيني الذي يواجه تحديات جسام على الصعيدين الإنساني والسياسي. على مدار السنوات العقود الماضية، أظهرت الجزائر بشكل متواصل تضامنها الكامل مع القضية الفلسطينية ودعمها الحازم لحقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية. عبر منصات العلاقات الدولية، سعت الجزائر إلى إبراز قضية الشعب الفلسطيني وإلقاء الضوء على معاناته المستمرة، مشددة على ضرورة تحقيق العدالة والسلام في المنطقة من خلال حلول سياسية شاملة تلبي تطلعات الشعب الفلسطيني وتضمن استقرار المنطقة بأكمله، ولا تزال الجزائر تناضل وتواصل دعم القضية الفلسطينية التي تعيش فترة صعبة جراء المجازر التي يرتكبها الصهاينة في حق الأبرياء.

 

لمّ الشمل العربياختتام القمة العربية بـ "إعلان الجزائر" | الحرة

وشكل احتضان الجزائر لأشغال القمة العربية الـ31 تحت شعار “لمّ الشمل العربي”، السنة الماضية، أحد أبرز الأحداث التي أكدت عودة الدبلوماسية الجزائرية بقوة إلى الواجهة، ومكنتها من لعب دور هام في تعزيز العمل العربي المشترك وتحقيق وحدة الصف، وهو ما أكده “إعلان الجزائر” الصادر عن القمة التي وصفت بأنها كانت “ناجحة بامتياز”.

وبذلت الجزائر، جهودا حثيثة حتى تكون القمة العربية المنعقدة على أرضها فرصة “لإعادة بث روح التضامن العربي” النابع من التاريخ والمصير المشتركين، وتحويل هذه التحديات إلى دافع بهدف ترتيب البيت العربي. وانطلاقا من تقاليدها الراسخة في الدفاع عن القضايا العربية، كان التئام القادة العرب في قمتهم بالجزائر، بعد انقطاع دام ثلاث سنوات بسبب جائحة كوفيد-19، مناسبة رافع خلالها رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، من أجل استرجاع جامعة الدول العربية مكانتها على الساحة الدولية والاضطلاع بدورها كمنظمة عربية “قوية ومؤثرة” لتمكينها من مواجهة التحديات الحالية والمستقبلية، خدمة لتطلعات وآمال الشعوب العربية ولاستقرار المنطقة. واعتبرت القمة العربية بالجزائر، بمثابة “حدث استثنائي” لكونها انعقدت في ظل ظروف معقدة تتسم بتعدد وتلاحق الأزمات على الساحة الدولية، والتي لم تسلم الدول العربية من تبعاتها، إلا أن ذلك لم يمنع الجزائر من رفع التحدي وكسب رهان تنظيم هذا الحدث الهام. واستغلت الجزائر، احتضان هذا اللقاء، للتشاور مجددا ومناقشة قضايا الأمة العربية، حيث عملت من أجل جعل التضامن العربي “الحقيقي والمسؤول”، ضرورة من شأنها تعزيز قدرات الدول العربية وإعطائها وزنا للتفاوض ومجابهة التحديات.

 

نجاح على كل المستويات

الفصائل الفلسطينية تتوحد على أرض الجزائر بإشراف رئيس الجمهورية

وانطلاقا من تقاليدها الراسخة في الدفاع عن القضايا العربية، عملت الجزائر على جعل الاجتماع العربي الكبير، مناسبة جديدة من أجل التأكيد على مركزية القضية الفلسطينية ومواصلة الدفاع عنها لكون هذه القضية تعد بالنسبة للجزائر “أم القضايا عبر كل الأزمنة”.

وعليه، يحسب للرئيس تبون، أنه نجح في لمّ الشمل الفلسطيني على أرض الجزائر، بعدما ظلت الفصائل الفلسطينية منقسمة ومتنافرة لمدة 15 عاما، حيث بادر إلى دعوة ممثليها للمشاركة في “مؤتمر لمّ الشمل من أجل الوحدة الوطنية الفلسطينية”، في محاولة مخلصة منه للتوصل إلى اتفاق قبل القمة، وهي المبادرة التي توجت بما سمي بـ”إعلان الجزائر”، الذي يضع حدا للانقسام ويشكل أرضية صلبة لتحقيق الوحدة بينها. وقد لقيت هذه المبادرة، إشادة فلسطينية ودولية واسعة، حيث وصفتها الفصائل الفلسطينية الموقعة على اتفاق المصالحة، بـ”الانتصار الكبير للقضية الفلسطينية”، معربة عن “تقديرها لجهود ودور الجزائر والرئيس تبون في لمّ الشمل الفلسطيني”. ويرى مراقبون، أن توقيع الفصائل الفلسطينية على اتفاق المصالحة بالجزائر، تحت الرعاية المباشرة للرئيس تبون، “ساهم في إعادة القضية الفلسطينية ليس للواجهة فحسب، وإنما أيضا لمحور الاهتمام العربي والدولي”، خاصة بمناسبة انعقاد القمة العربية. من جهته، أكد رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، في عدة مناسبات، بأن الدبلوماسية الجزائرية ستكون “مرآة” تعكس واقع الجزائر والجهود المبذولة على كل المستويات، حيث أشار الرئيس تبون، بأن الجزائر تسعى للعيش في سلام في البحر المتوسط، وتعمل على مساعدة الدول التي تحتاج إليها دون مقابل سياسي، وكذا عدم التعدي على الآخر وعدم الانحياز، مع الدفاع على مبدأ رفض استعباد الشعوب. كما أكد الرئيس تبون، في أكثر من مناسبة، بأن الجزائر تربطها علاقات طيبة مع الدول الآسيوية ودول أمريكا اللاتينية، وأن علاقاتها مع أوروبا “موجودة ونمضي نحو تقويتها أكثر”، وتعتبر الولايات المتحدة و الهند دولتين صديقتين. ومن الثورة إلى الوقت الحاضر، تظل الدبلوماسية الجزائرية رمزًا للقيم السامية والتزاماتها الدولية، مما يبرز دور الجزائر كلاعب رئيسي في الساحة الدولية ومساهمتها المستمرة في تحقيق السلام والاستقرار العالميين.

أ.ر