يعزف بعض الجزائريين عن استهلاك الدواء الجنيس أو ما يعرف بـ “الجينيريك”، مفضّلين بذلك الأدوية الأصلية رغم غلائها ومحدودية إمكانياتهم وندرتها في السوق، ويبرر هؤلاء خيارهم بعدم فعالية الأدوية الجنيسة التي لا تحقق لهم الشفاء المأمول، مع أنّ ذلك لا يستند إلى معطيات علمية.
ورغم تطمينات الأطباء المختصين والصيادلة والمصنعين وكذا وزارة الصحة في عديد المرات، إلا أنّ ذلك لم يغير شيئا في ذهنيات الجزائريين وآرائهم بشأن تلك الأدوية التي ينظرون إليها دوما بعين الريبة والشك.
وكشفت دراسة حديثة للاتحاد الوطني للمتعاملين في الصيدلة أجراها معهد “إيمار” الرائد في سبر الآراء، أنّ الصيدلي يقترح الدواء الجنيس للمرضى بنسبة 55 بالمائة، ويكون ذلك بنسبة 57 بالمائة في المدينة و50 من المائة في الوسط الحضري، كما كشفت الدراسة ذاتها أنّ 80 بالمائة من العيّنة المستطلعة آراؤهم تضع ثقتها في المنتج الصيدلاني المصنع محليا، غير أن التناقض الكبير الحاصل هو تصريحات المرضى الذين يؤكدون تعرضهم إلى أعراض جانبية للأدوية التي يستهلكونها وأحيانا عدم فعالية ما يستهلكونه.
فرصة لتصحيح المفاهيم وتقريبها
كشف العديد من المواطنين عن حاجتهم إلى التوعية والتحسيس اللذين يلعبان دورا هاما في إكسابهم ثقافة صحية تنفعهم في حياتهم، وتصحيح بعض الأخطاء والمفاهيم التي قد تعرقل مسيرة العلاج، خاصة فيما يتعلق بالدواء الجنيس الذي يرفضه الكثيرون رغم أنه لا يختلف عن الدواء الأصلي، لأن كلا الدواءين يعتمدان على نفس التركيبة الموجّهة لمعالجة الداء، غير أن الاختلاف الذي يجعل الدواء جنيسا، هو تعديل بعض المخابر التي تتبنى التركيبة العلاجية للذوق أو اللون، ولعل هذا ما يُحدث الاختلاف. أما من حيث الفعالية العلاجية، فتظل نفسها التي يقوم عليها الدواء الأصلي، وهو ما يرفضه الكثير من المواطنين عند اقتنائهم الدواء من الصيدلية.
اختلاف في المظهر واشتراك في الفعالية
من جهتها، تعتمد الجمعية العلمية لطلبة الصيدلة عند قيامها بالتحسيس على استراتيجية مبسطة لتقريب المفاهيم للمواطنين وإقناعهم بالخصائص العلاجية الموجودة في الدواء الجنيس، والتي تعتبر في حقيقة الأمر نفسها الموجودة في الدواء الأصلي، حيث تؤكد عضوة بالجمعية أن الفرق الوحيد هو أن بعض المخابر تقوم بالبحوث والتجارب، ومن ثمة تطرح الإنتاج بعد التأكد من نجاعته وفعاليته، أما الدواء الجنيس فتختصر فيه المخابر كل هذه المراحل وتقوم مباشرة بإنتاج الدواء مع إدراج بعض التغييرات التي لا تمس التركيبة العلاجية، وإنما تخص الذوق أو اللون ليظهر الاختلاف، وهو ما يجب أن يقتنع به المواطنون أولا، خاصة وأن اختيار الدواء الجنيس يعود بالفائدة على صاحبه، فمن جهة يتم إعفاؤه من مصاريف البحث الخاصة بتحضير الدواء، والتي لا تدخل في مبلغ الدواء البديل، لأنّ ملف التركيبة جاهز، فضلا عن إمكانية معالجة الحساسية التي يمكن أن يتسبب فيها الدواء الأصلي من خلال معالجتها بالدواء البديل.
مساعٍ جادة لتوفير الدواء الجنيس
أكدت عضوة بالجمعية أن المخابر الجزائرية معروفة بفعاليتها في متابعة الأدوية الجنيسة، مما يجعل المواطن يقبل على اقتنائها من دون أي خوف، مشيرة إلى أنها تمكنت مؤخرا من إيقاف دواءين جنيسين عن دخول الأسواق الجزائرية، بعدما ثبُت عدم فعاليتهما وقد تم توقيفهما على الصعيد العالمي، تقول “الأمر الذي يدعونا إلى وضع ثقتنا في مخابرنا، خاصة أن الجزائر لم تصل إلى مرحلة إنتاج أدوية أصلية وأغلب الأدوية المسوقة بالصيدليات جنيسة معدة بالمخابر الجزائرية”.
ما هو الدواء الجنيس؟
عندما تنقطع أحد الأدوية ذات العلامة التجارية (المشهورة بعلاجها لمرض ما)، فإنه يمكن الموافقة على طرح دواء جنيس للبيع في الأسواق. وتملك الأدوية الجنيسة نفس آلية العمل والاستعمال والجرعة والتأثير، كما يجب أن تكون لديها نفس المعايير الخاصة بالجودة والسلامة.
ويجب على هيئة الغذاء والدواء مراجعة التصاريح للأدوية الجنيسة وتسجيلها.
ل. ب