تعهد رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، الخميس، بفتح ورشات الإصلاحات الهيكلية لإعادة بناء الدولة الجزائرية العصرية بعد الانتخابات المحلية، مؤكدا أنه يسهر على متابعة تنفيذ الالتزامات الـ54 التي تعهد بها خطوة بخطوة، وكشف الرئيس عن استحداث مفتشية عامة تابعة لرئاسة الجمهورية تتولى مراقبة نشاط المسؤولين، كما أوضح أن معاملة فرنسا الند للند ليس باستفزاز بل صيانة لسيادة الوطن، كما أفاد أن قمة الجامعة العربية المقررة في مارس القادم بالجزائر، تشكل انطلاقة جديدة للعالم العربي الممزق.
وقال الرئيس تبون، خلال المقابلة الصحفية التي أجراها مع ممثلي وسائل الإعلام الوطنية، أنه تعهد أمام المواطن الجزائري بـ54 التزاما واقعيا مكتوبا وليس مجرد أحلام أو وعود انتخابية شعبوية، مشيرا إلى أنه عند الانتهاء من تنفيذ هذه التعهدات ستكون هناك جزائر أخرى، مبرزا أنه يتابع تجسيد التزاماته خطوة بخطوة، مضيفا أن هناك التزامات بدأت تتجسد على أرض الواقع، وقال أن مساعيه لإدراج مختلف الإصلاحات تنطلق من معرفته الدقيقة بخبايا الدولة التي تمرس فيها، معتبرا أن الجزائر بلد محمي وويل لمن يحاول المساس به، وأن من يريد تسليم البلاد لأعدائها فسيدفع الثمن. ومن أهم الإصلاحات المؤسساتية التي باشرها رئيس الجمهورية، مسار تجديد مؤسسات الدولة الذي تم في إطاره تنصيب المحكمة الدستورية التي شدد على أهمية دورها وصلاحياتها، وقال أن من شأنها طمأنة الشعب وبهذا الصدد، أوضح رئيس الجمهورية أن الشعب يطالب بالتغيير وهو في متناوله من خلال الانتخابات المحلية، مضيفا أن المطلوب من المواطن، هو التعبير عن رأيه واختيار من يصلح لتسيير الشأن المحلي، وتعهد بأن صوت المواطن لن يضيع على اعتبار أن هناك رقابة قضائية آنية وبعدية لأي محاولة للتلاعب بأصوات الناخبين. كما أعرب الرئيس تبون عن أمله في أن تكون هناك نسبة مشاركة مشرفة للمواطنين في هذا الاستحقاق الوطني، مضيفا أن الطريقة المعتمدة في إحداث التغيير المنشود مبنية على معايير النزاهة ودون مال فاسد وبعنصر الشباب.
إصلاحات تخص إعادة بناء الأسس الاجتماعية والاقتصادية للدولة
وأعلن رئيس الجمهورية، أن مرحلة ما بعد الانتخابات المحلية ستشهد عدة إصلاحات تخص إعادة بناء الأسس الاجتماعية والاقتصادية للدولة بهدف إرساء دولة عصرية، كاشفا عن فتح ورشات لمراجعة قانوني البلدية والولاية بداية من عام 2022 لإحداث تغيير جذري في تسيير البلديات ومنح صلاحيات وإمكانيات أكثر للمنتخبين المحليين كما يندرج إصلاح سياسة الدعم الاجتماعي -أضاف الرئيس تبون- ضمن الإصلاحات الهيكلية الشاملة التي ستتجسد خلال السنة القادمة، مؤكدا أن مراجعة الدعم ستمر عبر نقاش وطني موسع يشمل النقابات وأن رفع الدعم لن يمس سوى ثلث المواطنين من أصحاب الدخل العالي جدا وأقر بأن هذا الإصلاح يقتضي الوصول إلى مستوى معين من الرقمنة مع توفر إحصائيات دقيقة حول المداخيل، مبرزا من جهة أخرى أن رفع قيمة الأجور من خلال رفع النقطة الاستدلالية هو أمر عادل والهدف منه تحسين القدرة الشرائية للمواطنين، كما جدد التأكيد على أن القيمة المالية لمنحة البطالة التي تم استحداثها بموجب قانون المالية 2022 تقارب الأجر الوطني الأدنى المضمون ويستفيد منها البطال إلى غاية حصوله على منصب شغل.
استحداث مفتشية عامة برئاسة الجمهورية لمراقبة المسؤولين
وبالموازاة مع جهود توفير إحصائيات دقيقة، سيتم استحداث مفتشية عامة تابعة لرئاسة الجمهورية تتولى -مثلما أكده رئيس الجمهورية- مراقبة نشاط المسؤولين، وذلك بعد الانتهاء من إعداد نصوصها التنظيمية، كما أشار إلى أنه منح صلاحيات جديدة لوسيط الجمهورية، انطلاقا من حرصه على تفعيل دور الهيئات الرقابية حتى تكون وسيطة بين الإدارة والمواطن من أجل السهر على راحته ونقل معاناته. وشدد في هذا السياق على أهمية الرقابة لتنفيذ القرارات، مشيرا إلى إنهاء مهام وزراء وولاة لم يقوموا بدورهم، واعتبر أن الميدان كشاف وأن أي تعديل وزاري معياره النتائج وليس الولاء. ومن جهة أخرى، لفت الرئيس تبون إلى أن سياسة الاستثمار بالجزائر تراعي حاجيات البلاد، مبرزا أن الأولوية للمستثمرين المحليين.
معاملة فرنسا الند بالند هو صيانة لسيادة الجزائر
ولدى تطرقه إلى علاقات الجزائر مع جيرانها في الضفة الشمالية، أوضح الرئيس تبون أن مراجعة اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوربي سيعطي للجزائر الفرصة للاستفادة من الإعفاءات الجمركية التي يتيحها بعد تقوية اقتصادها ورفع إنتاجها وصادراتها أما بشأن العلاقات الجزائرية-الفرنسية، فقال إنها يجب أن تعود إلى مجراها الطبيعي من خلال التعامل الند للند، ودعا الطرف الآخر إلى استيعاب أن الند للند ليس استفزازا له وإنما صيانة سيادة وطن استشهد من أجله 5 ملايين و630 ألف شهيد منذ 1830 إلى 1962 وأضاف أن الجزائر لا تقبل أن يفرض أي شيء عليها وأن إقامة علاقات بين الطرفين لا يعني أن ندخل تحت حماية فرنسا، وتابع قائلا أن علاقاتنا متوسطية، مغاربية وعربية ومع الدول المسلمة، كلها طيبة، ما عدا من يريد معاداتنا، أما الجزائر لا تعادي أحدا وفي ذات السياق، كما أكد الرئيس تبون أن الجزائر دولة تجمع الفرقاء، في إشارة إلى مشاركة سوريا المرتقبة في القمة العربية القادمة التي ستحتضنها الجزائر في مارس 2022، مبرزا ضرورة أن يكون هذا اللقاء شاملا وجامعا وأن يشكل انطلاقة جديدة للعالم العربي الممزق. وشدد على أن الدبلوماسية الجزائرية ستكون مرآة تعكس واقع الجزائر، منتقدا تركيز وسائل الإعلام الغربية على السلبيات في نقل صورة الجزائر وتغاضيها عن الإيجابيات، في الوقت الذي تتجاهل فيه دولا أخرى تعاني شعوبها من القهر والجوع، وهو ما يؤكد -مثلما قال- وجود خطة لتركيع الجزائر. وفي ختام لقائه مع ممثلي وسائل الإعلام الوطنية، أعرب رئيس الجمهورية عن أسفه بخصوص العلاقات القديمة-الجديدة بين المغرب والكيان الصهيوني، وقال أنه لأول مرة منذ سنة 1948 يزور وزير من الكيان الصهيوني بلدا عربيا ويهدد بلدا عربيا آخر، واصفا هذا الأمر بـ”الخزي والعار”.
محمد.د













