نمت فيه الروح الوطنية منذ صغره

الرائد فراج.. أرهق المستعمر حتى آخر لحظات حياته

الرائد فراج.. أرهق المستعمر حتى آخر لحظات حياته

ولد الشهيد الرائد فراج واسمه الحقيقي “لواج محمد بن أحمد” سنة 1934 “بودان” بني هديل عين غرابة حاليا تلمسان، ينحدر من أسرة كانت تمتهن الفلاحة ومتكونة من سبعة إخوة.

زاول دراسته القرآنية بعد بلوغه الخامسة من عمره وفي سنة 1952 التحق بمدرسة التهذيب التي أسستها جمعية العلماء المسلمين الجزائريين.

ونمت فيه الروح الوطنية منذ صغره، فأحس بظلم الاستعمار وغطرسته ووسائله الوحشية في معاملة الشعب الجزائري، فأصبح الشهيد يؤمن بأن أنجع وسيلة للقضاء على الاستعمار هي الكفاح المسلح.

وعند بلوغه التاسعة عشر من عمره أصبح مطاردا من طرف الاستعمار جراء نشاطه السياسي السري، حيث عين رئيسا للتنظيم السري ببني هديل وممثلا له في المستوى الأعلى، وكان لهذا التنظيم السري الدور الفعال في تحضير المجاهدين وتسليحهم وتدريبهم استعدادا لنداء الجهاد في سبيل الله والوطن…

اضطر للانقطاع عن التدريس ومغادرة بلدته ومفارقة أهله ليستقر في مدينة سعيدة التي مارس فيها مهنة الخياطة، وفيها عُين رئيس فوج تحت اسم مستعار “سي عبد المؤمن” فأظهر كفاءته السياسية وقدرته على التنظيم الحقيقي رغم حداثة سنه.

ثم عاد إلى قريته أثناء انقسام حركة انتصار الحريات الديمقراطية والتي كان منخرطا فيها. ثم عين عضوا في اللجنة الثورية للوحدة والعمل، حيث كان يهيئ رفقة رجال مخلصين المخابئ للالتجاء ولتخزين الأسلحة والتموين ويتدرب معهم سريا على العمل العسكري.

ولما كانت القوات الاستعمارية تطارده، غيّر اسمه المستعار فمن “سي عبد المؤمن إلى سي الطاهر إلى سي فراج إلى سي مبارك”، وتولى بالتدريج منصب مسؤول القسمة ثم رئيس القسمة ثم رئيس المنطقة ثم مسؤول الناحية الخامسة برتبة “نقيب”.

وقد اعترفت قيادة الولاية الخامسة بمواهبه في الحرب، فعينته مسؤولا على المنطقة الخامسة برتبة “رائد”، وتمكنت المنطقة الخامسة التي أصيبت بخسائر كبيرة في إطاراتها من الاستمرار والصمود في وجه العدو بفضل خبراته العسكرية الرفيعة.

وبعد اندلاع الثورة المباركة في أول نوفمبر 1954 استبشر الشهيد فرحا بفجر الثورة، ونظرا لشجاعته المثالية وشدة العمليات الجريئة التي قام بها، والتي أذهلت الفرنسيين وانتقاما منه أعدموا أباه وحطموا قريته “وذانة” عن آخرها بالطائرات.

ولقد خاض الشهيد كثيرا من المعارك منها معركة “مرباح” ومعركة “جبل نوفي” ومعركة “التاج” قرب سيدي يوسف ومعركة بناحية ورقلة، كما مارس نضاله الحربي على طول الحدود المغربية الجزائرية بنواحي “بوعرفة، تويست وفيقيق”، وكان يزرع الرعب في صفوف العدو.

وعندما شارك “الرائد فراج” إلى جانب العقيد لطفي في أعمال المجلس الوطني للثورة الجزائرية الذي انعقد بطرابلس (ليبيا) شتاء (1959-1960)، وبعد انتهاء الأعمال طلب منهما الالتحاق بأماكن الكفاح. ولعبور الأسلاك المكهربة بالحدود الجزائرية المغربية، كان عليهما أن يعبرا الصحراء رفقة ثلاث جنود، وبينما كانت القوات الاستعمارية تقوم بدوريات متتابعة وبعد حوالي ثلاثة أيام من السير، اكتشفهم العدو جنوب بشار، وهنا سارعت القوات الاستعمارية إليهم، حيث دارت معركة طاحنة بمنطقة جرداء فكانت مقاومتهم عظيمة وجهادهم عنيفا، الأمر الذي أرغم العدو على استعمال الطيران، فكان رحمه الله المثل الأعلى في الثبات والشجاعة والنضال. وفي 27 مارس 1960 سقط البطل شهيدا رفقة زميله العقيد لطفي ووهبا حياتهما فداء للوطن مقابل الحرية.