الجزائر -وصل قطار سفير فرنسا بالجزائر، إكزافيي دريانكور، إلى محطة نهاية المهام التي أوكلت له من طرف قصر الإيليزيه، حيث من المقرر أن يغادر منصبه رسميا في 2 أوت القادم.
وصدر قرار في الجريدة الرسمية الفرنسية، يفيد بأن رئيس الدبلوماسية الفرنسية بالجزائر، إكزافيي دريانكور، قد طلب إحالته على التقاعد شهر فيفري الماضي، وتلقى موافقة من سلطات بلاده، التي حددت له تاريخ 2 أوت لبداية التقاعد، ومن المقرر أن يغادر الجزائر نهاية شهر جويلية الداخل، ليتم استبداله بسفير جديد.
وفي أكتوبر 2008 تم تعيين إكزافيي دريانكور، سفيرا بالجزائر إلى غاية 2012، ليعود إلى الجزائر سنة 2017، بعدما شغل منصب مفتش عام للشؤون الخارجية بالمديرية المركزية في بلده.
ورغم أن السفير دريانكور، اعتبر تزامن قرار مغادرته الجزائر والمكالمة التي قام بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، مجرد مصادفة، إلا أن الواقع يؤكد عكس ذلك تماما، بل يثبت نجاح الدبلوماسية الجزائرية في معركة كسر العظام مع الطرف الفرنسي، وتمكنها من الضغط نحو إنهاء مهام السفير إكزافيي دريانكور الذي يدير المصالح الفرنسية الخفية من وراء الستار.
وكان موقع “أفريكا أنتلجنس”، قد نشر معلومات بخصوص مغادرة السفير الفرنسي الجزائر، ووصفه بأنه “بات غير مرغوب فيه في الجزائر”، مثلما أشارت إليه “الموعد اليومي”.في عدد الصادر الاحد 7 جوان
وربط الموقع قرار رحيل السفير الفرنسي، بالمكالمة الهاتفية الأخيرة بين الرئيس عبد المجيد تبون ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، على خلفية توتر بسبب وثائقي بثته قناة فرنسية عمومية مسيء للجزائر، حيث اتفق الرئيسان على طي صفحة الخلافات وتجاوزها وإعطاء العلاقات الثنائية دفعا طموحا على أسس دائمة تضمن المصلحة المشتركة المتبادلة، والاحترام الكامل لخصوصية وسيادة كلا البلدين.
ولعل ما يؤكد عدم رغبة الجزائر في استمرار السفير الفرنسي في منصبه، حادثة طرد هذا الأخير من قبل المواطنين خلال مراسم جنازة رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي السابق الراحل أحمد قايد صالح، قبالة مقر قصر الشعب وهو يهم بالدخول لإلقاء النظرة الأخيرة على الفقيد.كما كانت تصريحات الرئيس عبد المجيد تبون، في أكثر من مرة التي شدد فيها على ضرورة الاحترام الكامل لسيادة الجزائر من طرف جميع الدول بما في ذلك فرنسا رغم الإرث التاريخي الكبير بين البلدين، بمثابة رسائل قوية رضخت لها باريس، ولو أنها حاولت في البداية اختبار مدى جدية وصلابة الطرف الجزائري في التمسك بهذا الخطاب الحاد.
مخططات باريس في مهب الريح
ويشير تمسك السلطة في الجزائر بخطابها الجديد، قيامها باستدعاء السفير الفرنسي مرّتين، منذ مجيء الرئيس الحالي عبد المجيد تبون، آخرها تم تبليغه من قبل وزير الخارجية، صبري بوقادوم، احتجاجًا على تجاوزات وسائل إعلام عمومية فرنسية، لاسيما قناتي “فرانس 24″ و”فرانس5”.
ففي 31 مارس الفارط، استدعى وزير الخارجية صابري بوقادوم، سفير فرنسا بالجزائر كزافيي دريانكور، ليبلغه احتجاج الجزائر “الشديد” على تصريحات بغيضة لقناة فرنس 24 الحكومية ضد الجزائر، اتهمت فيها الجيش بالاستحواذ على عتاد وتجهيزات مخصصة لمكافحة وباء كورونا المستجد، وتكرر الحادث شهر أفريل للمرة الثانية، قبل أن يتفاقم الأمر يوم 26 ماي الفارط ببث قناة فرانس 5 الحكومية لفيلم وثائقي مسيء للجزائر والحراك الشعبي، ليتم استدعاء السفير الجزائري بالعاصمة باريس للتشاور، وهي الرسالة التي قرأها ايمانويل ماكرون جيدا وتأكد أن الجزائر الجديدة لن تتأخر في قطع علاقاتها مع باريس إذا استمرت هذه الأخيرة في تجاوزاتها.
ويقول متابعون إن “الجزائر تمكنت من رسم معالم جديدة لعلاقاتها مع فرنسا، بدليل مبادرة الرئيس إيمانويل ماكرون بالاتصال برئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، ليتمكن ماكرون من إخراج سفيره من الجزائر حاملا الراية البيضاء، وهو ما يؤكد فشل مساعيه في إشعال الجزائر بتواطؤ وتنسيق مع شخصيات جزائرية ودبلوماسيين غربيين”، “كما لم يتأخر _ يضيف هؤلاء – في التنسيق مع مسؤولين رسميين سابقا، في الدولة منهم شقيق الرئيس السابق ومسؤولين سابقين في أجهزة الأمن، نهاية مارس 2019 في محاولة للإطاحة بالفريق الراحل احمد قايد صالح، وهو الاجتماع الذي فضحه الرئيس السابق ليامين زروال في رسالته الشهيرة يوم 2 أفريل 2019، والذي كشف فيه لقاءه الفريق محمد مدين بالعاصمة الجزائر”، كما لا يخفى على أحد، قيام السفير الفرنسي كزافيي دريانكور بفتح باب السفارة على مصراعيه لشخصيات تزعم المعارضة ودعمها لخلق البلبلة في البلاد.
ويعتبر اتصال ماكرون بالرئيس عبد المجيد تبون وتأكيده على احترام سيادة البلدين الكاملة، وقرار سحب سفيره من الجزائر، اعترافا ضمنيا بمسوؤلية الطرف الفرنسي بوجود محاولات يائسة لزعزعة الجزائر من خلال مسعى اختراق الحراك وركوبه لضرب الجزائر، سواء عبر واجهات داخلية، أو بتوفير الحماية وإتاحة مجال المناورة لبعض الأشخاص الذين اتخذوا من العاصمة باريس ووسائل إعلام حكومية فرنسية لضرب الجزائر، تحت مسمى حرية التعبير وحقوق الإنسان، فهل تعتبر باريس وتغير نظرتها الاستعلائية في التعامل مع الجزائر؟ الإجابة لدى السفير الفرنسي القادم.
أمين.ب










