تعرف عملية ترميم وإعادة تأهيل حي القصبة العتيق في العاصمة الجزائر نسبة تقدم “ملحوظة” في مختلف المواقع المتمثلة في البنايات التاريخية وأشغال تهيئة قنوات الصرف الصحي للمياه وردم الكوابل الكهربائية
ذات الضغط المنخفض، حسب ما أفاد به مدير التجهيزات العمومية لولاية الجزائر محمد بركون.
وما زال الجزائريون يتساءلون إن كانت مصالح ولاية الجزائر قادرة على إعادة القصبة إلى بريقها وعودة النشاط الاقتصادي الذي عرفت به عبر التاريخ، ليعودوا إليها والاستمتاع بعمارتها ذات الخصوصية العربية في ظل تشابه البنايات العصرية.
وأوضح بركون أن أشغال عملية الترميم وإعادة تهيئة قصبة الجزائر لإعادة الاعتبار لهذا المعلم التاريخي المصنف ضمن قائمة التراث العالمي قطعت أشواطا “ملحوظة”، وذلك في كل من دار البارود ومسجد البراني ومسجد الداي على مستوى قصر الداي بالقصبة العليا وقصر حسن باشا، ودار المجاهدة جميلة بوحيرد ودار باشطارزي و2 دويرات بشارع أوسليماني (ليزارد سابقا) بالقصبة السفلى، إلى جانب عدد من المساجد والمنازل المحيطة بهذه المواقع.
وتعاني قصبة الجزائر من خطر انهيار مبانيها، بقلعتها المشيدة في القرن السادس عشر من طرف الإخوة خير الدين وبابا عروج بربروس، وبقصورها العثمانية وأزقتها الضيقة، تعرضت للزلازل والفيضانات والحرائق ما أثر على مبانيها ودمر البعض منها.
وتشمل القصبة مجموعة من معالم هامة تعد جزءا لا يتجزأ من المدينة القديمة، وهي القلعة والقصر وحصن 23 والمعالم الدينية، إلا أنها أهملت لمدة طويلة، الأمر الذي جعل السياح الأجانب والمحليين يهجرونها، بعد أن أصبح العديد من معالمها في وضعية كارثية، ومن بين 1816 معلما متبقيا، تعد 30 بالمائة منها في حالة سيئة، و10 بالمائة منها منهارة.
وفيما يخص وتيرة الأشغال بالقصبة السفلى، أشار محمد بركون إلى أن مشروع قصر حسن باشا بلغت فيه أشغال الترميم نسبة 40 بالمائة.
وقال إن القائمين على عملية الترميم صادفوا في البداية عدة صعوبات تتعلق بارتباط البناية بـ (دويرات) أخرى مهترئة مهددة بالانهيار، ما استدعى تدخلا استعجاليا لدعمها، أما دار باشطارزي والدويرات التي تقع بشارع أوسليماني فبلغت نسبة الأشغال فيها 60 بالمائة، فيما بلغت العملية بدار المجاهدة جميلة بوحيرد 30 بالمائة.
ويقول الخبراء إن المشاكل التي تواجه عملية الترميم تعود إلى طبيعة بناء القصبة، حيث يتكئ كل بيت على بيت آخر، وعندما يتهدم بيت يمكن أن تنهار كل البيوت من خلفه. وأكد والي العاصمة عبد القادر زوخ أن المشكل العويص الذي تواجهه عملية ترميم القصبة يتمثل في قنوات صرف المياه المستعملة ومياه الأمطار العتيدة.
وأوضح أن هذه القنوات عتيدة جدا ويجب استبدالها كلية، مشيرا إلى أنه سيتم تكليف أكثر من 50 مكتب دراسات لإجراء مختلف الدراسات بالقصبة بهدف إعادة ترميمها بصفة كلية.
وذكر بركون أن أهم مشكل واجهته المرحلة الأولى من عملية الترميم، إلى جانب تدهور البنايات المعنية بالترميم، يتمثل في اهتراء وقِدم قنوات صرف المياه المستعملة ويتعلق الأمر بثلاث قنوات كبرى لصرف المياه المستعملة على امتداد 1.6 كيلومتر.
وقال إن عملية ترميم القصبة سمحت باكتشاف العديد من الأثريات والبنايات من مختلف العصور على عمق 34 مترا خلال أشغال إنجاز محطة مترو الجزائر بساحة الشهداء، ويتم التعامل معها بحذر من أجل ترميمها والحفاظ عليها كمكسب جديد بالقصبة.
وأضاف مدير التجهيزات العمومية أن الأشغال التي انطلقت في نهاية 2016 تشرف عليها مؤسسات ومقاولات ومكاتب دراسات جزائرية، وتختلف مدة إنجاز أشغال الترميم عبر كل موقع من المواقع الستة المدرجة في عملية الترميم حسب مستوى وحالة البناية من التدهور.
والقصبة في المعنى التقليدي تعني وسط المدينة، تكون غالبا محاطة بالأسوار ومحصنة وبها أزقة سكنية وأسواق وعلى وتيرة القصبات من المغرب إلى دمشق في الشرق.
أميار القصبة عجزوا عن تطهيرها
من جهة أخرى، استاء سكان حي القصبة العتيق من فشل الأميار المتعاقبين على القصبة في حل مشكل ترحيل سكان الدويرات المهددة بالهدم، مضيفين أن عشرات ملفات الترحيل ما زالت قابعة في مصالح بلدية القصبة خصوصا في العهدة المنصرمة التي عرفت فيها البلدية تراجعا كبيرا، خصوصا وأن رئيس البلدية الأسبق عجز عن إقناع الوالي عبد القادر زوخ بمضاعفة حصة البلدية من السكنات، بالإضافة إلى رفع سعر التنازل للدويرات لصالح الديوان الوطني لتسيير واستغلال الممتلكات الثقافية المحمية، حيث قدر سعر المتر المربع الواحد بـ 45 ألف دينار وهو سعر ضئيل مقارنة بأسعار العقار في قلب العاصمة.