ولد الشهيد الشيخ عيسى حميطوش يوم 12 أكتوبر 1917، بقرية بوندة الكبيرة التابعة لبلدية الجعافرة ولاية برج بوعريريج، وعندما بلغ سن الخامسة أدخله أبوه إلى المسجد ليتعلم القراءة والكتابة ويحفظ القرآن الكريم على عادة أبناء الريف القبائلي كله، وأتمّ حفظه عام 1927 فألحقه أبوه بزاوية بوداود في جبال جرجرة ليحكم حفظه ويتقن روايته وكذا ليدرس العلوم العربية الدينية واللغوية كالفقه والحديث والسيرة النبوية والنحو والصرف وغيرها.
وبعد إتقانه دراسة هذه العلوم والمعارف، تفرغ للتدريس في نفس الزاوية لمدة عام واحد كما جرت عادة كل الزوايا، وفي عام 1931 عاد إلى مسقط رأسه ولزم والده الصياد وأخذ عنه حرفة الصيد حتى أصبح من كبار الصيادين والقناصين.
كما تولى الإشراف على شؤون العائلة وورث عن والده النخوة والشجاعة والشهامة والرجولة والمحافظة على العرض والشرف العائلي، كما ورث عنه منصب رئاسة الفرقة في القرية.
وفي الفترة من 1934 إلى 1939 متّن علاقته بحزب الشعب الجزائري من الناحية الوطنية والسياسية، وبجمعية العلماء المسلمين الجزائريين من ناحية التعليم والإصلاح الديني والاجتماعي، وفي عام 1939 دعي للخدمة العسكرية في الجيش الفرنسي، ولكن الكشف الطبي أعفاه من ذلك بعد أن مرض واعتلت صحته.
وفي عام 1945، التحق ببلدية اليشير غرب مدينة برج بوعريريج كمعلم للقرآن الكريم لدى عائلة ابن محمد، واستمر في هذه المهنة عدة سنوات وتخرّج على يده عدد من حفظة القرآن الكريم، وخلال مجازر 8 ماي 1945 اعتقلته السلطات الاستعمارية وسجنته في بلدية مجانة أسبوعا كاملا ثم أطلقت سراحه.
في عام 1947، أذنت له جمعية العلماء بإنشاء مدرسة حرة في قريته بوندة الكبيرة، وتعاون مع عدد من الرفاق وحوّل أحد مساجد القرية إلى مدرسة، وبعد اكتشاف أمر المنظمة الخاصة السرية التابعة لحزب حركة الانتصار للحريات الديمقراطية في مارس 1950، اعتقل وصدر الحكم عليه بسنة ويوم سجنا، ولكن صديقه محمد الطاهر بن أخروف كلف المحامي محمد الصالح بن مصباح بالدفاع عنه وتمكن من إطلاق سراحه بعد عدة أيام فقط من صدور الحكم عليه.
عمل في القرية كمعلم للقرآن الكريم والصلاة بالناس، إلا أنه قاطع التعليم وهاجر إلى فرنسا والتحق بثلاثة إخوة أشقاء له هناك، وبقي عندهم عاما واحد ثم عاد إلى القرية وبصحبته بندقية صيد اشتراها من هناك ودعا سكان القرية إلى بناء مدرسة جديدة تليق بالتعليم العصري الحديث.
وفي أواخر 1954 غاب عن القرية أكثر من شهرين، وفي إحدى ليالي نوفمبر عاد واجتمع بمعلم القرية «علي الحوار» في منزله وطال اجتماعهما، وفي الصباح أخبر أسرته بأنه سيسافر إلى تونس ليعالج عينيه وهو في الحقيقة ينظم اتصالاته بالمجاهدين، ولم يعد إلى القرية إلا بعد أن حمل السلاح وارتدى اللباس العسكري وكان رائدا في تبليغ الثورة إلى قرى المنطقة، وفي عام 1956 أرسله القائد عميروش إلى الأوراس في مهمة وعاد بفيلق من الجنود على رأسهم المجاهد البطل علي النمر.
وبعد مؤتمر الصومام عاد إلى مسقط رأسه مع عدد من ضباط جيش التحرير الوطني أبرزهم زيغود يوسف، أعمر أوعمران.
استشهد بربوة سيدي المسعود في ضواحي أربعاء بني دوالة في شهر جويلية 1958، كان يحمل رتبة نقيب وقد أقام مجاهدو المنطقة سنة 1987 نصبا تذكاريا له ولزملائه في مكان استشهادهم.