نظمت عمادة جامع الجزائر، الأحد، محاضرة دينية إحياء لذكرى ليلة الإسراء والمعراج، حيث ألقى رئيس المجلس العلمي لجامع الجزائر، الشيخ موسى إسماعيل، كلمة قيمة نيابة عن عميد المسجد، الشيخ محمد مأمون القاسمي الحسني.
واستهل الشيخ موسى إسماعيل حديثه، بالتذكير بعظمة ذكرى الإسراء والمعراج، تلك المعجزة التي أراد الله بها أن يثبت قلب نبيه صلى الله عليه وسلم بعد أن كذبه أهل مكة وأغلقت في وجهه كل أبواب الأمل. وفي تلك اللحظة الصعبة، فتحت له أبواب السماء والأرض ليسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، في رحلة روحية عظيمة ليصلي إماما بالأنبياء والمرسلين، وليصل إلى مقام لم يصل إليه ملك مقرب ولا نبي مرسل في سدرة المنتهى، حيث فتحت له أبواب العظمة الإلهية ليرى من آيات ربه الكبرى. وأكد موسى إسماعيل في كلمته، أن هذه المعجزة لم تكن مجرد حدث تاريخي، بل كانت درسا عميقا في التثبيت والتمحيص والابتلاء، لتكون معلما يقف فيه المسلمون على عظمة الإيمان وثبات العقيدة وعلى ضرورة أن تكون صفوفهم طاهرة من النفاق ومؤمنة بقوة في ما وعد الله به في هذه الأرض. وأضاف: “إن ذكرى الإسراء والمعراج تعيد إلى أذهاننا الروابط القوية بين مكة المكرمة وبيت المقدس فتاريخنا الإسلامي يجمع بين هاتين المدينتين المقدستين وسيظل هذا الارتباط قائما إلى أن تقوم الساعة”. وتابع الشيخ قائلا: “إن ما يحدث اليوم في القدس من عدوان مستمر وظلم عظيم، إنما هو امتداد لتلك المعركة التي بدأت منذ أن أسري بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم إلى المسجد الأقصى ليؤم الأنبياء، معلما الأمة بأسرها معنى التضحية والولاء لله ورسوله ومستشعرا مسؤوليته الكبرى في توحيد الأمة تحت راية الحق”. من جانبه ألقى إمام مسجد الجزائر الشيخ بن عامر بوعمرة، محاضرة عميقة استعرض فيها العلاقة التاريخية العميقة بين الجزائر وفلسطين تلك العلاقة التي هي أبعد من الجغرافيا بل هي علاقة في عمق الروح والمبدأ.
وتابع بوعمرة قائلا: “إن الجزائريين منذ أول عهدهم بالإسلام كانوا على صلة وثيقة بالأراضي المقدسة، وعندما يذهبون للحج، لم يكن يحسب حجهم كاملا إلا إذا مروا على القدس الشريف. وهذا الارتباط العميق استمر حتى أيام صلاح الدين الأيوبي عندما كان أهل الجزائر من أول من استجاب لداعوته إلى الجهاد في سبيل الله وشاركو في الحروب الصليبية تحت رايته. ثم إن صلاح الدين لم يغفل عن مكانة الجزائر وكان منه أن منح أهلها مكانة خاصة في فلسطين، وأسكنهم في القدس الشريف وأوقف لهم الأراضي، بل أقر لهم أوقافا في حائط البراق وباب المغاربة تكريما لبطولاتهم في الجهاد”. وأشار بوعمرة، إلى أن الجزائر قد عانت من الاحتلال والاستعمار مثلما يعاني إخوتنا في فلسطين اليوم، وقال عن ذلك “الجزائر التي أخذت حريتها بدماء أبنائها، والتي عاش أهلها معاناة شديدة في فترات الحروب والمجازر يعرفون تماما معنى الظلم والإبادة، ولذلك يشعرون مع أشقائهم الفلسطينيين بآلامهم وأوجاعهم”. وفي ختام كلمته أكد بوعمرة أن الجزائر ستظل دوما وفية لفلسطين، وقال: “إن يد الجزائر التي امتدت في الماضي إلى القدس الشريف لا تزال ممدودة إلى يومنا هذا، ولن تغلق حتى يُرفع الحصار عن فلسطين، ويعود القدس إلى حوزة المسلمين، بإذن الله”. كما شهدت المحاضرات مداخلات قيمة من مشايخ ودعاة أجمعوا خلالها أن هذه الذكرى، وهي ذكرى الإسراء والمعراج، هي تذكير لنا جميعا بضرورة الوحدة والتمسك بديننا وقيمنا، وأن فلسطين ستظل في قلب الأمة الإسلامية إلى أن يأتي الفجر المشرق وتتحرر الأرض المباركة وتعود إلى حوزة المسلمين.
تغطية – محمد بوسلامة