نجاحات تطويرية لـ"سونطراك" وقيادة عالمية في التصدير والتموين الدولي

الجزائر تقود صناعة الغاز العالمية.. من الرهانات التاريخية إلى القمة الدولية

الجزائر تقود صناعة الغاز العالمية.. من الرهانات التاريخية إلى القمة الدولية

تفتخر الجزائر بتقديم صناعة الغاز من بين الأكثر تطوراً عالمياً، وهذا يعود إلى الاحتياطيات الهائلة من الغاز المتاحة والمشاريع الاستثمارية الضخمة التي نفذتها، واليوم أصبحت الجزائر مورّداً موثوقاً وآمناً للطاقة على المستوى الدولي، من خلال تعزيز الصادرات وتلبية الاحتياجات الوطنية المتزايدة.

ومنذ استقلالها، ركزت الجزائر على تنمية صناعة الغاز، وذلك من خلال سياسة استثمارية مستمرة وتوسعية في هذا القطاع الحيوي، خاصة مع تأسيس الشركة الوطنية للبحث والإنتاج والنقل والتحويل والتسويق للمحروقات (سوناطراك) في عام 1963، كمركز لسياسة الطاقة للبلاد. منذ ذلك الحين، شهدت الجزائر نمواً ملحوظاً في صناعة الغاز، بتعزيز الاستثمارات في مجال الاستكشاف والإنتاج والتمييع والنقل. بفضل هذه الجهود، ارتفع إنتاج الغاز إلى مستويات قياسية، حيث بلغ أكثر من 136 مليار متر مكعب في نهاية عام 2023. وستستضيف بذلك الجزائر من 29 فيفيري إلى 2 مارس المقبل، القمة الـ7 لرؤساء دول وحكومات منتدى البلدان المصدرة للغاز، في وقت قد راهنت منذ الاستقلال، على تطوير الصناعة الغازية عبر اعتماد سياسة استثمارية مطردة في هذا المجال، مع مضاعفة المشاريع في مجال الاستكشاف والإنتاج والتمييع والنقل. وقد تم تنفيذ العديد من المشاريع الاستراتيجية لضمان تأمين عمليات التموين، بما في ذلك استغلال الحقول الغازية المتنوعة وإنشاء مرافق التمييع والشبكات الدولية والوطنية لنقل الغاز. هذا وأصبحت سوناطراك، شركة رائدة في مجال التمييع وإنتاج المنتجات المشتقة مثل الإيثانول والبروبان والبوتان والغازولين، حيث تم تعزيز نشاط التمييع بإنشاء مرافق جديدة له في مختلف مناطق البلاد، مما زاد القدرة الإجمالية للتمييع إلى حوالي 56 مليون متر مكعب سنويًا. وبالإضافة إلى ذلك، تمتلك سوناطراك مرافق لفصل غاز البترول المميع بطاقة إجمالية تقدر بحوالي 10.4 مليون طن سنوياً. يجدر التذكير، أن أول اكتشاف لحقل غازي كان سنة 1956 بحاسي الرمل، ودخوله الإنتاج في الفاتح أفريل 1961 واستعادة السيادة الوطنية في سنة 1962، ما فتئت الجزائر تزيد الاستثمارات في هذا القطاع الحيوي، وانطلاقا من ذلك، تم في 31 ديسمبر 1963، إنشاء الشركة الوطنية للبحث وإنتاج ونقل وتحويل وتسويق المحروقات (سوناطراك)، التي ستصبح أداة للسياسة الطاقوية للبلاد. وفي أقل من سنة من بعد ذلك، أنشأت الجزائر أول مركب لها لتمييع الغاز، الواقع بأرزيو، المعروف باسم “لكاميل” (رمز المؤسسة الجزائرية للميثان السائل)، وبعد هذه الانطلاقة، تمت مباشرة العديد من المساعي من أجل تطوير هذا القطاع، إلى جانب تأميم المحروقات، في 24 فيفري 1971، بعد مسار طويل من المفاوضات. وبالتالي، تكون الجزائر قد استرجعت 51 بالمائة على الأقل من حصص الشركات النفطية الفرنسية التي كانت تنشط بجنوب البلاد ومجموع الحقول الغازية قيد الاستغلال. وبتخطي هذه المرحلة الحاسمة، التي تعززت بالتكفل بجانب التكوين، تم إطلاق مشاريع هامة ابتداء من سنوات السبعينات، شملت خاصة إنجاز مركبات جديدة للتمييع وشبكات أنابيب غاز دولية، وشبكة قنوات على المستوى الوطني وعديد منشآت النقل والمعالجة، فضلا عن موانئ مختصة.

 

مساعي لبلوغ إنتاج 146.7 مليار متر مكعب في آفاق 2028

 

وقد أدت هذه السياسة الاستثمارية الطموحة، إلى ارتفاع الإنتاج الغازي للجزائر، حيث فاق 136 مليار م3 في نهاية 2023، في حين أن الهدف المسطر في آفاق 2028، هو بلوغ إنتاج 146.7 مليار متر مكعب، في أفق ضمان تأمين عمليات التموين وزيادة مستويات الصادرات إلى حوالي 100 مليار متر مكعب.

وقد تم تحقيق هذه المستويات من الإنتاج، بفضل استغلال عديد الحقول الغازية الموزعة عبر البلاد والتي تم تشغيل البعض منها مؤخرا. ويتعلق الأمر خاصة، بحقل حاسي الرمل، الذي يعد من بين أهم الحقول عالميا والذي يحظى بمتابعة منتظمة من أجل تعزيزه، وحقول رورد النص بأدرار (إليزي) وتينهرت (عين أمناس) وتوات، إلى جانب حقول تيميمون. وبالموازاة مع الجهود المبذولة في مجال الاستكشاف والإنتاج، تم تجسيد عديد المشاريع الهامة سيما في مجال التحويل عبر تمييع الغاز الطبيعي وفصل غاز البترول المميع. وقد ارتقت شركة سوناطراك، إلى هذا المستوى، من خلال تميزها من بين الشركات العالمية الرائدة في مجال الغاز الطبيعي المميع والمنتجات المشتقة، مثل الإيثانول والبروبان والبوتان والغازولين. كما تعزز نشاط التمييع، الذي كان يتم في البداية على مستوى مركب التمييع الموجود بأرزيو، بإنشاء ثلاثة مركبات أخرى واحد بسكيكدة واثنين بأرزيو لتصبح القدرة الإجمالية تقدر بـ56 مليون متر مكعب سنويا. ومن أجل فصل غاز البترول المميع، فان سوناطراك تتوفر أيضا على مركبين آخرين يقعان بأرزيو، تقدر طاقتهما الإجمالية بحوالي 10.4 مليون طن سنويا.

سامي سعد