تحرص العائلات الجزائرية على الاحتفال بنجاح أبنائها في نيل شهادة البكالوريا، ويبدأ الاحتفال مباشرة بعد الإعلان عن قائمة الناجحين في هذه الشهادة التي تملك رمزية خاصة، فيطلق العنان للأفراح والزغاريد وأبواق السيارات والبارود والألعاب النارية.
يبدأ الاحتفال بالنجاح في “الباك” لدى الجزائريين عادة أمام الثانوية مباشرة بعد الاطلاع على النتيجة، فتشهد ساحات الثانويات حالات فرحة وبكاء في آن واحد وزغاريد وعناق حار وغيرها.
الفرحة تتجاوز جدران البيوت لتعم الشوارع
كان الاحتفال بالنجاح في شهادة البكالوريا يتم في أجواء عائلية هادئة تقتصر على توزيع “الباروك” ودعوة الأهل على العشاء، ثم بدأ الاحتفال يأخذ منحى آخر بعادات بدأت دخيلة ثم تغلغلت لتمتد على نطاق واسع لدى شريحة معتبرة من المجتمع، في تركيز واضح على المظاهر المادية التي عصفت بجوهر المناسبة، التي أصبح الأولياء يكلفون أنفسهم من أجلها ماديا ومعنويا في تعبير واضح وصريح أن كل شيء يهون في سبيل الاحتفال بفرحة نجاح الأبناء في اجتياز امتحان شهادة البكالوريا.
انتقلت “الموعد اليومي” إلى بعض الأحياء بالعاصمة للتعرف على أجواء تحضير العائلات التي تحصّل أحد أبنائها على شهادة البكالوريا، وتأكد لنا أن الفرحة والابتهاج هي القاسم المشترك بين هاته العائلات، التي وما إن تم الإعلان عن النتائج، تعالت الزغاريد التي انطلقت من حناجر الأمهات إعلانا وإيذانا بفخرها بنجاح فلذة كبدها، والمُلاحظ أن نفس الأجواء ميزت مختلف الأحياء، حيث عمت الزغاريد في جميع المنازل، كما ارتسمت البهجة والسرور وبرزت دموع الفرحة على كل وجه فرد من العائلة ومن الحي أيضا.
فبزوال هاجس الخوف والقلق عمت أجواء الفرحة والسعادة في كل بيت استقبل خبر نجاح أحد أفراد الأسرة في امتحان نهاية السنة، لتختلف طريقة الاحتفال من أسرة إلى أخرى حسب الإمكانيات الخاصة بكل واحدة منها من جهة وطبيعة كل منطقة من مناطق البلد في كيفية الاحتفال بالمناسبة من جهة أخرى، حيث نجد بعض الأسر الثرية، تتباهى في التحضير لهذا “العرس الكبير” وأخرى تُكلف نفسها، إذ يرغب الغالبية في تحقيق حفل مثالي رغم إمكانياتهم المادية المحدودة، كما أن العائلات في الجزائر العاصمة تستقبل في نفس اليوم الذي أعلن فيه عن نتائج “الباك”، الجيران والأقارب والأصدقاء بمشروبات غازية وعصير فواكه بارد مع الحلويات المتنوعة، ومع خروج الضيوف من بيت “العرس”، تضرب العائلات لهم موعدا لحضور مأدبة “القهوة أو العشاء مع نهاية هذا الأسبوع أو بحر الأسبوع المقبل” في الوقت الذي يحضر فيه الأولياء كل الترتيبات الخاصة بالحفل ولوازمها من الحلويات، واللباس الجديد وأفرشة جديدة وغيرها من الإكسسوارات لديكور المنزل.
الحلويات.. رفيق العائلات في إحياء حفلاتها
تتوجه بعض السيدات اللواتي نجح أحد أبنائهن في نيل شهادة البكالوريا إلى محلات بيع الحلويات بغرض تقديم طلبياتهن، وفي هذا الصدد قالت لنا صانعة حلويات بالعاصمة إنه “مباشرة بعد الإعلان عن نتائج “الباك”، تلقت طلبيات كثيرة على الحلويات بكميات كبيرة، وصلت في بعض الأحيان إلى كميات التي يطلبها أصحاب أعراس الزفاف”. وفي هذا السياق قالت لنا “سلسبيل” البنت صاحبة 19 سنة التي كانت من بين الأوائل التي تحصلن على معدل جيد في شهادة البكالوريا وسط عائلتها الكبيرة، قالت إن أمها وعدتها “بتحضير لها أشهى الحلويات وأحلى الأطباق إن تحصلت على شهادة “الباك” بمعدل جيد وأحسن من بنات عمها وعماتها”، “سلسبيل” حققت مبتغى أمها وتحصلت على أكبر معدل بين بنات عمتها، لتؤكد لنا السيدة “مونية” أم سلسبيل أنها بصدد تحضير لها حفلة كبيرة تدعو فيها كل أفراد عائلتها والجيران وزميلتها في الثانوية، وأضافت أنها طالبت أحد المحلات ببراقي بتحضير كمية مقدرة بـ 200 حبة بقلاوة، 200 حبة عرايش، 200 حبة تشاراك مسكر، بالإضافة إلى الأطباق التقليدية التي تحضرها بنفسها في البيت على غرار “البغرير” و”المسمن”.
من جهتها، الحاجة “زهيرة” التي لم تتوقف عن الزغاريد من بيتها، مؤكدة أنها على استعداد تام لتحضير صينيات من الحلوى المختلفة و”المسمن” لأحفادها محمد وأسامة وهاجر رابح الذين تحصلوا على شهادة “الباك”، وأدخلوا الفرحة على العائلة الكبيرة كلها.
هدايا معتبرة للناجحين
تختلف الهدايا المقدمة إلى الناجحين، لكن الهدف واحد وهو الشكر والامتنان على النجاح الذي حققه التلاميذ بعد المشوار الدراسي الطويل وسنة دراسية حافلة بالمثابرة والتعب.
ارتأت بعض العائلات أن تقدم لهؤلاء هدايا متواضعة ورمزية مثل قارورة عطر، أو محفظة وهناك من منح هاتف نقال أو جهاز كومبيوتر نقال أو جوهر من الذهب حسب امكانيات كل واحد، بل هناك من وعدت أبناءها برحلات خارج العاصمة بتنظيم لهم مخيم صيفي على شواطئ جيجل، بجاية، عين تيموشنت وحتى خارج الوطن كتونس وتركيا وإسبانيا
وفرنسا.
ل. ب