العاصمة والمدن الكبرى شبه مجمّدة.. الجزائريون يستعدون للأسوأ

العاصمة والمدن الكبرى شبه مجمّدة.. الجزائريون يستعدون للأسوأ

الجزائر -بدأت ملامح الإدراك الحقيقي لحجم التهديد الذي يهدد الجزائريين، يجد مكانه في نفوسهم بفعل الأرقام المتصاعدة للمصابين وإعلان السلطات الرسمية المضي نحو مرحلة جديدة في مواجهة انتشار وباء “كورونا”.

سجلت شوارع المدن الكبرى وتقريبا معظم بلديات الجزائر نهاية الأسبوع المنقرض وبداية الأسبوع الجاري، مشهدا عاكسا للمنحنى التصاعدي لعدد الإصابات المسجلة بالجزائر لحد كتابة هذه الأسطر، حيث شهدت المحلات غلقا شبه تام باستثناء المرتبطة بالمصالح الحيوية على غرار المواد الغذائية والصيدلانية ومواد التطهير، وغاب النقل العام وسيارات الأجرة عن الطرقات، كما سجلت الأرصفة والشوارع حركة مقتضبة مع ملامح الحذر ولكن أيضا الخوف لدى البعض تعبر عنها النظرات المتوجسة من أي احتكاك بالفيروس. ولعل المشهد الأكثر لفتا للانتباه هي الكمامات الواقية والمطهرات المستعملة والاصطفاف الحذر في المحلات والمخابز والصيدليات ومكاتب البريد، في صورة تختزل استيعاب للحملات التحسيسية وإدراك مغبة الاستهانة باحتمالات انتقال العدوى. ويلحق بهذا المشهد صورة نفسية أخرى انتقلت بين الناس دون احتكاك وهي التساؤلات المؤسسة والمشروعة حول مدة الأزمة وقدرات التموين التي يتوجس منها الكثير من الجزائريين، خاصة خارج المدن وفي مناطق “الظل” التي حتى وإن لم يطلها الوباء فهي لن تسلم من تداعياته، على الأقل في التزود بالمؤونة في وقت تتجه السلطات إلى تشديد إجراءات الحجر الصحي العام والعمل بمستلزمات حالة الطوارئ، مع ناقوس الأرقام المتصاعدة والنسب المرعبة للوفيات من عدد المصابين الذي تناهز الـ10بالمائة. في مواقع التواصل الاجتماعي، يأخذ الجميع الأمر بجدية ويعزز الرأي العام برسائل التنبيه والتحذير والتوعية، ويبدي متابعته لكل التطورات والمستجدات الوطنية والعالمية، يصنع “جهة رقابية” و”ضميرا اجتماعيا” مرافقا لكل خطوة تخطوها السلطات وتقود ضغطا ايجابيا نحو الصرامة في التعامل مع هذا التهديد، صرامة وقفوا على تنفيذها في الواقع عبر الحملات التطوعية لتنظيف الأحياء والقرى وحتى تنظيم الطوابير في البريد والمخابز والأماكن التي قد يضطر المواطنون للتجمع فيها، وقد أبانت بعض القرى عن “جرأة” انضباطية كبيرة على غرار قرية تاوريرث بالأربعاء ناث إيراثن التي أقرّت “تجامعت” فيها عن حجر فعلي يمنع دخول أي شخص إلى القرية أو الخروج منها في فترة الحجر الصحي مع ضمان تزويدهم بكل الحاجيات لتأمين سكان القرية من انتقال العدوى إليهم. وعموما، يكون الجزائريون، بإعلان وزير الصحة بلوغ المستوى الثالث وإقرار تبون بمستلزمات الوضعية، بصدد الاستعداد لما هو أسوأ في ظل التأخر المسجل في إغلاق المطارات والموانئ وتسجيل بعض الحالات في مراحلها الأخيرة بعد أن جابت وتوغلت أياما بين السكان، استعداد لا يتعدى اليقظة في كل خطوة يخطونها، من المشتريات إلى الحجر الصحي إلى المعقمات.. في انتظار “تغير الحال” أو جرعة أمل “علمي” قد يلوح في الأفق وينهي هذا الكابوس.

م.ب