إنجازات تاريخية واعتراف دولي بدورها الفعّال.. الدبلوماسية الجزائرية تدخل مصاف الكبار

العضوية غير الدائمة في مجلس الأمن الدولي.. إنجاز تاريخي

العضوية غير الدائمة في مجلس الأمن الدولي.. إنجاز تاريخي

حق الشعوب في تقرير المصير.. عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول وتعزيز الحوار الشامل في النزاعات الدولية مهما كانت خطورتها، مبادئ ثابتة ترتكز عليها الدبلوماسية الجزائرية أدخلتها مصاف الكبار بعد أن حققت إنجازات تاريخية خلال هذه السنة.

 

الدبلوماسية الجزائرية.. تاريخ عريق في نصرة الشعوب

يمتد دور الدبلوماسية الجزائرية إلى الاستقلال سنة 1962، حيث لعبت دورا هاما في الدفاع عن الشعوب المكافحة لنيل الاستقلال والانعتاق من الاستعمار، كما قدمت الكثير لحل النزاعات التي تحصل بين الدول، دون أن تحيد عن المبادئ التي رسختها من تجربة المؤسسين، سواء في الحركة الوطنية وفي ثورة التحرير، وما تجلى في بيان أول نوفمبر، مع حفظ السيادة الوطنية والدفاع عن المصالح العليا للوطن. تمكنت الدبلوماسية الجزائرية طوال عقود من نشاطها، بفضل تاريخها، نجاعتها وثباتها على مبادئها، في حل العديد من الأزمات والتوترات على الصعيدين الإقليمي والدولي، جاعلة من الجزائر بلدا مصدرا لقيم السلم والاستقرار. وتلعب الدبلوماسية الجزائرية، التي أصبحت حجر الزاوية للجزائر الجديدة وذلك منذ الاستقلال سنة 1962، دورا هاما في مجال الوساطة من أجل تسوية الأزمات والنزاعات، لا سيما في إفريقيا معتمدة على عدد من الأسس والمبادئ التي تشكل مبدأ السياسة الخارجية للبلاد. واعتمادا على هذه الأسس، تم بناء وتعزيز الدبلوماسية الجزائرية منذ الاستقلال إذ تندرج التزامات رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، منذ انتخابه في عام 2019، في هذا الاتجاه. وبالتالي، تواصل الجزائر مساهمتها بنشاط في القضاء على العديد من بؤر التوتر في بلدان الساحل وإفريقيا، لا سيما في البلد المجاور، مالي، بصفتها قائدة الوساطة الدولية ورئيسة لجنة متابعة اتفاق السلام والمصالحة في مالي المنبثق عن مسار الجزائر. وتوجت الوساطة الجزائرية بالنجاح، حيث كلل العمل الدبلوماسي في جوان 2015 بالتوقيع على اتفاق السلام والمصالحة في مالي سمي بـ”اتفاق الجزائر” وهو قيد التنفيذ. وفي ليبيا المجاورة أيضا، تلعب الجزائر التي تروج لسياسة حسن الجوار دورا محوريا في تسوية الأزمة السياسية والأمنية التي تهز هذا البلد منذ 2011. ويقوم موقفها على عدم التدخل السياسي ورفض كل تدخل أجنبي في حل النزاع في ليبيا، داعية إلى الحل السياسي من خلال حوار ليبي شامل. في هذا السياق أيضا، احتضنت الجزائر خلال السنوات الأخيرة سلسلة من المحادثات بين الليبيين في إطار جهودها المستمرة من أجل حل الأزمة الليبية. وفي الصحراء الغربية، تواصل الجزائر بذل الجهود لتسوية النزاع في آخر مستعمرة في إفريقيا. ويبقى موقف الجزائر من أجل حل سياسي عادل ومستدام يضمن تقرير مصير الشعب الصحراوي، داعية إلى الحوار بين الطرفين ثابتا وغير متغير. وبفضل وساطة الجزائر أيضا، عرف صراع آخر نهاية سعيدة. ويتعلق الأمر بالنزاع الحدودي بين إريتريا وإثيوبيا (1998-2000)، هنا أيضا كان تحرك الجزائر صائبا من خلال تقديم مساعدتها للطرفين من أجل تسوية النزاع سلميا. وخلال قمة منظمة الوحدة الإفريقية المنعقدة بالجزائر في جويلية 1999، وافق طرفي النزاع على شروط تطبيق الاتفاق-الإطار للجزائر. وبخصوص أزمة سد النهضة، ساهمت الجزائر في الجهد الجماعي الرامي إلى تسوية هذا النزاع القائم بين مصر والسودان وإثيوبيا، حيث دعت إلى التفاوض بين البلدان الثلاثة كسبيل أمثل للوصول إلى اتفاق يضمن حقوق جميع الأطراف بشكل عادل ومنصف.

 

 

العضوية غير الدائمة في مجلس الأمن الدولي.. انتصار تاريخي

حققت الجزائر انتصارا تاريخيا يضاف إلى سجلها الذهبي، بعد أن انتخبت بنيويورك من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة، للعضوية غير الدائمة في مجلس الأمن الدولي، خلال الفترة 2024-2025. ويعد هذا الإنجاز المستحق بجدارة، إنجازا تاريخيا يؤكد مدى ثقلها الدولي وقيادتها الحكيمة ويعكس الدور الهام الذي يؤديه رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، من خلال سياسته الخارجية “التي حظيت باحترام وتقدير دول العالم، لما لها من أهمية كبيرة في تعزيز السلام والأمن العالميين، هذا إضافة إلى دوره الهام أيضا وطنيا وعربيا وإقليميا”. كما يعد هذا الإنجاز، اعترافا  بدور الجزائر المحوري في تعزيز السلم في العالم وتقديرا لجهود رئيس الجمهورية، من قبل المجتمع الدولي، وبفضل هذا النجاح، فإن الجزائر تواصل تحقيق الانتصارات داخليا وخارجيا وتعزز مكانتها على الصعيد الدولي، حيث سيعود بالنفع على إفريقيا والعالم العربي والإسلامي في الدفاع عن قضايا المنطقة وانشغالاتها، إضافة إلى تركيز الجهود الدولية على تعزيز التعاون ونشر السلم والأمن ومواصلة مكافحة الإرهاب”. ومن خلال هذا الإنجاز تسعى الدبلوماسية الجزائرية إلى إعادة تفعيل وتعزيز دور العمل الدولي متعدد الأطراف في مواجهة مختلف التحديات والتهديدات التي تتجاوز أبعادها نطاق الأوطان ويتعدى مداها حدود الدول تشجيع اعتماد مقاربات شاملة وتشاركية للمساهمة في معالجة الأسباب الجذرية للتحديات المتعلقة بالحروب والإرهاب والجريمة المنظمة ومخاطر التغيرات المناخية، مع “التكفل بآثارها وأضرارها، لا سيما في الدول النامية”. كما ستواصل عملها داخل مجلس الأمن دعمها الثابت لقضيتي فلسطين والصحراء الغربية العادلتين وستدافع عن حقوق الشعبين الفلسطيني والصحراوي في إنهاء احتلال أراضيهما المسلوبة وفق ما تنص عليه لوائح وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة وستعمل أيضا على “تعزيز علاقات التعاون والشراكة في مجالات السلم والأمن بين منظمة الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية المعنية، وعلى رأسها الاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية”.

 

الرئيس تبون يعيد للدبلوماسية الجزائرية بريقها

يؤكد مراقبون، بأن الحركية للدبلوماسية الجزائرية تعد استجابة حتمية فرضتها التوجهات الجديدة للسياسة الخارجية التي اعتمدتها البلاد، في ظل الأوضاع الأمنية المتوترة في المحيط الإقليمي، فضلا عن التحديات السياسية والاقتصادية التي أفرزتها المتغيرات الدولية. والأكيد، بأن الدبلوماسية الجزائرية، عادت إلى الواجهة من جديد للعب دور الوساطة ولا سيما من خلال إعادة انتشارها على المستويين الإفريقي والعربي، وتعزيز دورها في المساهمة في حل الأزمات، لا سيما في ليبيا ومالي وفلسطين. ومن خلال الخطاب الرسمي للرئيس تبون، فقد حافظت الدبلوماسية الجزائرية على مواقفها الثابتة حيال القضايا العادلة في العالم، منها حق الشعوب التي ما تزال ترزح تحت نير الاستعمار وحقها في تقرير المصير مثلما هو الحال بالنسبة للشعبين الفلسطيني والصحراوي وفق سياسة الالتزام التي تتسم بها مواقفها، من خلال انتهاج مقاربات سلمية في حل الأزمات ودعم الجهود والمبادرات الرامية لإحلال الأمن والسلم في المنطقة. ويؤكد الرئيس تبون، بأن الجزائر تسعى للعيش في سلام في البحر المتوسط، وتعمل على مساعدة الدول التي تحتاج إليها دون مقابل سياسي، وكذا عدم التعدي على الآخر وعدم الانحياز، مع الدفاع على مبدأ رفض استعباد الشعوب. ومن بين النجاحات الدبلوماسية التي حققتها الجزائر، زيارات الرئيس الدولية، أهمها كانت زيارة الرئيس عبد المجيد تبون إلى روسيا والتي كانت  متميزة ومثمرة سواء على الصعيد السياسي أو الاقتصادي، بفضل الشراكات الموقعة بين البلدين وانسجام المواقف في عدة مسائل دولية، أبرزها قبول الوساطة الجزائرية لحل الأزمة الروسية-الأوكرانية. تحدث الرئيس تبون عن اتفاق مع نظيره الروسي،  على المضي بالعلاقات الجزائرية-الروسية نحو المزيد من التعاون، وهو ما يعكسه التوقيع على إعلان الشراكة الاستراتيجية المعمقة، إلى جانب الحرص المشترك لتكثيف وتوسيع التعاون الثنائي، بما يتماشى مع مستوى علاقات البلدين التاريخية التي تمتد إلى أكثر من 60 سنة. كما أكد تبون، تطابق وجهات النظر، في مختلف الملفات التي تم تناولها، على غرار قضية الصحراء الغربية والقضية الفلسطينية والوضع بمنطقة الساحل، فضلا عما يجري في ليبيا.

جهود جزائرية تكلل باسترجاع سوريا لمقعدها في الجامعة العربية

بذلت الجزائر مجهودات كبيرة ومميزة في سبيل استرجاع سوريا لمقعدها في الجامعة العربية. وعليه، الجزائر تسجل نجاحها الكامل بعد استرجاع سوريا لمقعدها وهي خطوة مهمة في توحيد الصف العربي وفي توقيت يفرض على الشعوب العربية تعزيز تضامنها. ويرى مراقبون، أن القرار الذي يقضي بعودة سوريا إلى مقعدها بالجامعة العربية لم يكن يتحقق لولا دعم الجزائر.

 

أ.ر