يخاف بعض الأشخاص من الحيوانات و المخلوقات الصغيرة كالقطط والعناكب و الصراصير، لدرجة قد يتطور معها الخوف إلى خوف غير طبيعي أو ما يعرف بالهلع الشديد أو الفوبيا .
وقفنا و نحن بصدد التحضير لكتابة موضوعنا على حقيقة مفادها أن الخوف ينتاب الكثير من الأفراد على إختلاف أعمارهم ، فمنهم من يخاف من الحيوانات كالقطط و العناكب فتجده بمجرد أن يراها يصرخ بطريقة لاشعورية ،وآخرون لا يتحركون من مكانهم بمجرد رؤيتهم صرصورا صغيرا .
عنكبوت واحد قادر على إثارة هلعها
اقتربنا من بعض من يعانون من حالات الخوف الغير منطقي لنرصد أعراضه ونتائجه عليهم وكانت “سمية” 23 سنة أولهم تقول : “تنتابني حالات خوف شديد بمجرد رؤيتي لعنكبوت صغير فتجدني أصرخ وأفر منها دون أن أدرك ما أفعل ” سمية تعلم أنها تعاني من الخوف المرضي منذ أن كانت طفلة صغيرة ولكنها لم تولي له أي اهتمام كما أنها لم تتجه للمعالجة يوما وعن تأثير حالات الخوف في حياتها اليومية تقول :”صرت مصدر سخرية من طرف أهلي ” لتضيف قائلة أن حالة الخوف التي تنتابها سببها أن والدتها عندما كانت صغيرة كانت تنظف المنزل وسقطت عليها إحدى العناكب في ملابسها وبدأت بالمشي داخلها ما أدى إلى إصابتها بحالة رعب وخوف شديدة، وبقيت هذه الذكرى راسخة في ذهنها إلى غاية اليوم.
الأطفال و الظلام
قد يشعر، أي شخص بالخوف بمجرد حلول الظلام على اعتبار أنه الظلام مقرون بالخوف ولكن هناك من ينعكس حلول الظلام على حالته ،وفي هذا السياق تقول “كريمة” وهي أم لطفل اسمه “جليل” :”ينام ابني في غرفة خاصة له وقد عودته على هذا منذ أن كان صغيرا غير أنني لاحظت عليه أنه لا ينام إلا والضوء مشعول وفي حال استفاق من نومه راح يصرخ ويبكي وأحيانا يهرب من غرفته لينام معي ” تضيف عن حالة ابنها :”عرضته على طبيب نفسي ومن أول جلسة أكد لي أن ابني مصاب بحالة خوف ولكنها قد تتطور إلى خوف شديد ومن خلال بعض الأسئلة التي وجهه الطبيب له وتأكد من إجابتها مني أكد لي أن أفلام الرعب وحتى الرسوم المتحركة التي يشاهدها هي السبب في حالات الخوف التي تعتريه في الليل ”
علم النفس يؤكد :
“محيط الطفل العائلي و أفلام الرعب سبب في الخوف الغير طبيعي“
يرى المختصون في علم النفس أن هناك عوامل كثيرة قد تكون السبب في كل الحالات الخوف هذا ما تأكده لها “فاطمة” المختصة في علم النفس العيادي التي حصرت أسباب نوبات الخوف و ذلك بتطور من خوف طبيعي إلى خوف مرضي في عاملين أساسيين العامل الأول داخلي يرتبط بمحيط الطفل الأسري وطريقة المعاملة والتربية وكل ما يكتسبه من سلوكات من أفراد العائلة ،فهي ترى أن حالات الخوف تلك قد تكون نتيجة طبيعية لسوء تربية الوالدين دون إدراك منهما أو فرض عقاب قاسي على الأولاد مشيرة أن العنف الذي قد يتعرض له الطفل داخل محيطه الأسري قد يجعل الطفل يخاف من العقاب كثيرا وأحيانا قد يصبح الشيء الذي عوقب بسببه مصدر حالة الخوف المرضي الذي قد يصيبه ،في حين يمكن أن يتحول أحد الأبوين إلى مصدر الرعب ما يجعل الطفل يخاف التعاطي والتعايش معه أو يرفض حتى رؤيته.
ومن السلوكيات التي انتقدتها الأخصائية بشدة فيما يتعلق بطريقة تربية بعض الآباء لأبنائهم إذ يعملون على إخافتهم منذ الصغر ببعض القصص أو الخرافات وبما أن الطفل في مراحل عمره الأولى لا يستطيع التمييز بين العالم الواقعي والافتراضي فإنه يأخذ تلك القصص بمحمل الجد وحتى وإن وجد أطفال يبدون أكثر دهاءا ولم تعد “الغولة “التي تأتي في الظلام تخيفهم وتجبرهم على النوم إلا أن هناك أطفال ارتبطت قيمة “الغولة” لديهم بالظلام ما يفسر حالات الخوف المرضي لديهم .
أما عن “الخوف المرضي” فتقول أنها تبدأ بحالات خوف عادية تتطور وتتأزم مع الوقت ويمكن أن تزيد مختلف العقد النفسية التي قد يصاب بها الطفل من تحويل الخوف من حالة طبيعية إلى مرضية فكثرة العقد النفسية تجعل الطفل ضعيف سيكولوجيا وبتالي يخاف من أشياء بسيطة ،وفي نفس الإطار تضيف الأخصائية النفسية أن المشاكل العائلية والعنف داخل الأسرة يمكن أن يؤدي إلى نشوء عقدة الخوف لدى الطفل وأحيانا يكتسب الطفل حالات الخوف تلك من الوالدين أنفسهم فلما يرى أمه تخاف من شيء ما ويتجلى خوفها بشكل صراخ ونواح تتكون لدى الطفل فكرة أن الشيء الذي خافت بسببه الأم هو شيء مؤدي للغاية وبالتالي يصبح هو الأخر يخاف منه ،إذ يعد الخوف في مثل هذه الحالات نوعا من الدفاع عن النفس ،كما أن انعزال الطفل وعدم احتكاكه بالوسط الخارجي يجعله منغلقا على نفسه وحبيس مخاوفه تلك .
أما عن العامل الخارجي الذي يؤدي إلى حالات الخوف عند الطفل هو التعرض المكثف لما تبثه القنوات الفضائية من أفلام رعب حيث أن جل الأطفال الذين يرفضون النوم في الظلام يكون ذلك نتيجة أن الظلام قد صور لديهم في تلك المواد الإعلامية أنه الوقت الذي تظهر فيه الأشباح وتبقى تلك الصور والأصوات المرعبة التي يشاهدها الطفل خلال الليل راسخة في ذهنه وتبعث على الخوف لديه بمجرد حلول الظلام وسكون الحركة.
وفي نفس السياق توضح أن الخوف المرضي يمكن أن يحدث نتيجة صدمة يتعرض لها الفرد خاصة إذا كانت خلال مراحله العمرية الأولى تقول :”أتذكر حالة طفل دهسته سيارة لما كان صغيرا ومنذ ذلك الحين أصبح يخاف كثيرا بمجرد أن يهم بقطع الطريق ويفضل دوما أن يجد من يمسك يده أو يقطع معه والمهم أن لا يقطع لوحده ” وعن تفسير هذا تقول أن الحادث قد يبقى راسخا في ذهنه حيث يخشى دوما من يتعرض له مرة أخرى وتشير أن الخوف المرضي له العديد من الأنواع على اختلاف سبب الخوف كما له درجات تختلف حدتها من شخص إلى أخر أما عن الخوف من الحيوانات فتقول عنه الأخصائية النفسانية أنه من الطبيعي أن يخاف الطفل الصغير من الحيوانات مهما كانت خاصة إذا لم يتعود عليها في محيطه الأولي لتبقى الحيوانات بالنسبة له شيئا مسبب للأذى مهما كان نوعها .
وفي الأخير كانت نصيحة الأخصائية النفسانية للوالدين ضرورة أن ينشأ الطفل في هدوء ويكون الأمن والطمأنينة أساس التعامل وينصح الأولياء أن نسخر من حالات الخوف التي يتعرض لها لأن هذا من شأنه أن يعقده أكثر.
لمياء.ب