أكد محمد المأمون القاسمي الحسني، وزير الدولة وعميد جامع الجزائر، الأربعاء، خلال الندوة العلمية التي نظمت بعنوان “المؤسسات الروحية قوة رائدة في تحرير الوطن”، بمناسبة عيد الاستقلال واستقبال العام الهجري، على ضرورة الوفاء لرسالة الشهداء وتبليغها إلى الأجيال اللاحقة، لبناء الجزائر التي كافح من أجلها، وعلى أهمية الزوايا في المقاومات الشعبية وثورة التحرير، فكانت مقراتها تحتضن قادة الثورة، داعيا لتصحيح بعض الانحرافات الواردة في كتابة تاريخ الجزائر، بنزاهة علمية خاصة ما تعلق بالمقاومة الشعبية والثورة التحريرية، على أن يساهم جامع الجزائر في هذه الجهود.
وأوضح محمد المأمون القاسمي الحسني، في تدخله أنه في مطلع هذا العام المبارك تحل ذكرى عيد الاستقلال، حيث نقف وقفة إكبار لشهدائنا الأبرار والمجاهدين، ولتضحيات شعبنا الذي ابتلي بشرّ استعمار، وباعوا أنفسهم لله واشتراها بنعيم مقيم بجنات عرضها السموات والأرض، ما يفرض علينا الوفاء لرسالة الشهداء وتبليغها إلى الأجيال اللاحقة، لبناء الجزائر التي كافح من أجلها مرورا بمقاومة، الأمير عبد القادر، وبوعمامة والمقراني إلى ثورة التحرير المباركة، ويعد مشروع أول نوفمبر مقوم أساسي للهوية الوطنية، نص على إقامة دولة ديمقراطية وتحقيق وحدة شمال إفريقيا، وعلى الانتماء الحضاري للمجتمع. وأضاف وزير الدولة وعميد جامع الجزائر، أن الجزائريين على غرار بقية الشعوب المسلمة على مقربة من استقبال العام الهجري، الذي كان أعظم حدث في تاريخ الأمة الإسلامية، يجد فيه المسلمون القدوة والانتقال من الضعف إلى القوة، ما يتطلب أخذ العبر منه، لإصلاح أمرنا ومستقبلنا، فيعد نقلة تاريخية مشهودة لبناء مجتمع جدبد، وبالتالي ما أحوجنا اليوم لدروس الهجرة لبناء هذا المجتمع على أسسه الصحيحة، لتحقيق الإقلاع الاقتصادي، وبلادنا كانت مثلا يحتذى بها في الصمود والجهاد، قادرة على تثبيت عناصر هويتها. وأشار وزير الدولة، أن المقاومة ساهمت في حماية الإسلام منذ سقوط غرناطة، فكانت روح المقاومة الشعبية، خلال القرن 19، وكثير من القيادات التي عرفها التاريخ، وقفت سدا منيعا ومثلوا للأمة قيم الإسلام وسماحة دعواته، فكانت رباطا للجهاد وأفادوا المقاومة، ومثال ذلك الأمير عبد القادر، وعلى الرغم من محاولة اقصائها ما زالت تحتل مكانا متميزا بين الجزائريين، الذين يحتكمون إليها، ولا يجدون فيها إلا السكينة والطمأمينة، لكونها تمتص كل خلاف بين الأفراد والجماعة وأدت رسالتها في الماضي، والآمال معقودة عليها، لحفظ مجتمعنا ونبذ الغلو، وهذه القيم التي نريدها لتربية النشء وغرس روح الوطنية فيه. داعيا في الأخير، لتصحيح بعض الانحرافات الواردة في كتابة تاريخ الجزائر، بنزاهة علمية حيث حاليا نعيش إشكالية كتابته، خاصة الجانب المتعلق بالمقاومة الشعبية والثورة التحريرية، معبرا عن أمله في مساهمة جامع الجزائر، في هذه الجهود، بما يعيد إلى الجزائر أمجادها التاريخية.
الدكتور ياسين بن عبيد: الطرق الصوفية ساهمت في الجهاد

وأوضح، الدكتور ياسين بن عبيد، مدير المركز الثقافي بجامع الجزائر، في مداخلة حول الزوايا والمدارس القرآنية في الجزائر الأبعاد الروحية والأدوار التربوية، أن التصوف الجهادي أبلى إبلاءا حسنا في التاريخ، ولكن هناك مشكلة المصدرية، في تناول موضوع دور الطرق الصوفية في مختلف نواحي الحياة، حيث اعتمدوا على مرجعيات مختلفة، انطلقوا من وجود مواقف مسبقة أسهمت بقدر كبير، في إرباك الموضوع، ما يظهر بأن تاريخ الجزائر بحاجة إلى أن يعاد كتابته. وذكر الدكتور، أنه كان بالإمكان الاستعانة بمصادر أخرى عادلة، وهناك حقائق تشكل في مدارس وتنظيمات، وهي منظومة شاملة مرتبطة بالدين واستمرارية القيم الدينية مع المشاركة في الحياة العامة، وبالمقابل فالكثير من الكتاب يتغاضون عنها، فكرست حقيقة المقاومة ونشرت قيم الخير والمحبة، ومثال ذلك الطريقة القادرية كانت حمالة للقيم وامتدت بسهولة، واتسعت إلى دول إفريقيا، وكذا الرحمانية، والسنوسية.
الدكتور غربي: تاريخ الجزائر ما زال حبيسا للتفسيرات التي تركتها لنا المدرسة الفرنسية

وبدوره ذكر الدكتور الغالي غربي، أستاذ التاريخ المعاصر، في موضوع حول الأبعاد الدينية في ثورة التحرير، أن التاريخ الوطني ما زال في الأغلبية لم يكتب، وهو حبيس للتفسيرات التي تركتها لنا المدرسة الفرنسية، وبالتالي حان الآوان للنظر فيما كتب، فمنذ القرن 16 الفرنسيون كتبوا عن الجزائر، وليس عن الجزائريين، وبالتالي حان الآوان للوقوف عن هذه الإشكالية.
ودعا أستاذ التاريخ المعاصر، مؤسسة جامع الجزائر، لإنشاء موسوعة حول المؤسسات الدينية ونضالاتها عبر مختلف الحقب التاريخية، فعند تفحص الأرشيف الفرنسي، عن فترة المقاومة الوطنية، فكل الدراسات في تحليلاتها تجمع على رد فعل الجزائريين على الاحتلال، الذي أثار الرعب في الإدارة الفرنسية، ما جعلها تسخّر إمكانيات معتبرة وطاقات بشرية، لدراسة ظاهرة التعصب الديني للتعامل مع الجزائريين، التي وجدت بأن تأجج روح المقاومة سببها الدور المتميز الذي لعبه الإسلام، مما زاد روح الصمود، وجعل المقاومة تتسم بطابع الحرب الجهادي.
الأستاذ زغيدي محمد لحسن: إقامة أكبر ندوة وطنية مطلع السنة القادمة حول الأرشيف الوطني

كما أفاد الأستاذ زغيدي محمد لحسن، أن بناء الجزائر الجديدة جاء ليعطي للتاريخ مكانته، وهذا ما لمسناه في الحراك المبارك، وكذا في أول كلمة للرئيس عبد المجيد تبون، الذي قال بأن مسألة الذاكرة من ألويات الدولة، وأهم جانب في الذاكرة هي المقاومة الشعبية، والزوايا تعد المقاوم والسياج، فجأت مرحلة الحركة الوطنية أين كان قادة المقاومة ينتقلون إلى مقراتها، التي استعملت كقواعد للإمداد والوعظ. وأضاف زغيدي، لإحصاء أعداد كبيرة من المخططات، لأن المحتل لما درس بعد 30 سنة من الحرب والمقاومة، وجد أن الزوايا على رأس المقاومة فنهب جميع مقدراتها. هذا وأعلن الأستاذ زغيدي، عن استرجاع 2 مليون من الأرشيف الوطني، وإقامة أكبر ندوة وطنية، مطلع السنة القادمة، لدراسة الموضوع بالإشتراك مع عدة وزرات وكذا جامع الجزائر، من خلال تنظيم 62 مداخلة عبر التراب الوطني.
نادية حدار








