نهاوند سعود كاتبة وروائية جزائرية ولدت في مدينة بئر العاتر، والدها المجاهد يونس سعود الذي شارك في ثورة التحرير، شجعها على الكتابة وعلى طلب العلم، وبذلك حصلت على شهادة الماستر في الأدب الحديث والمعاصر من جامعة أم البواقي عن مذكرة تخرج بعنوان “الأنساق الإيديولوجية والثقافية برواية كراف الخطايا”، كانت بداية الكتابة وبزوغ الموهبة منذ نعومة أظافرها، حيث ظهر حبها للغة العربية وللرسم أولا، فكان حلمها الأول أن تكون رسامة، لذا درست كذلك الرسم بالمركز الثقافي بعين البيضاء، وكان أول كتاب نشر لها عبارة عن مجموعة قصصية بعنوان “من يضمد جرحك”؟ عن منشورات المثقف، وكتاب “سارق النهار” وهو عبارة عن قصة الومضة عن دار أجنحة بقسنطينة ولها قصة للأطفال تحت الطبع بعنوان “ملكة الثلوج” عن أوكوزيوم للنشر وكذلك كتب وروايات كثيرة تنتظر الخروج للنور والطباعة، ونشرت العديد من القصائد بمجلات وجرائد إلكترونية وورقية.
مجموعة مختارة بقلم الكاتبة نهاوند سعود
* برد خاطف برد خاطف

حلة يشتهيها النسيان وعودة من المنتهى أطراف الشفاه ارتجفت، قابع في الظل يشكو رحيل ما رحل، قابع في برد النسيان يشدو في سكرة وما كان كان الآن…. أقف أمام عتبات الفراق أبكي….أتكوم داخل أنفاسي… وأكتب بقطرات المطر أسماءكم أشواقكم …أحلامكم أكتبكم أنتم .. فاصطفوا على الأسطر كما أريد .. وعانقوني حين أريد وارحلوا كما شئتم كما لا أريد واتركوا الأسطر كما هي لا عوج فيها ولا أمتَا … غادروا ذاكرة . الحبل الوريد . والصمت المشتهى والنسيان الأكيد برد خاطف.
نهاوند سعود/ الجزائر
————————————————————————————
* المرأة العربية

نظرت إليها كانت صورة على ورق.. كانت ذات شعر وعيون بابلية عيون تحلم بالبندقية عيون حالمة ترسم ضفائر وجدائل إمرأة عربية مخبأة كجوهرة مضيئة كشمس النهار .. لا تطلع فهي سر لا يراها أحد .. هي تنتظر من يفوز بسحرها فهي دواء من سقم وأشهى من عسل هي برء الجرح وطعم الماء على الظمأ …عربية تخالها نجمًا ..وصدى أصوات ساجدة راكعة .. ترسم الحياة على شفاه الموت تخط على وجه الماء ألف سؤال وزهرة قبل الفوت وزهرة تسكن الوريد ووريد الوريد دافئة كالنار حين تكون بردًا وسلامًا قابعة في ركن الحياة الخفي تغزل صوفًا.
نهاوند سعود
————————————————————————————-
* الفصل شتاء..

لسع الماء البارد بقاع البحر، تتساءل في حيرة ما الذي أتى بها هنا، ألم تكن تغط بنوم عميق، ألم تترصدها تلك الأفعى التي تظهر كل مرة في زاوية الغرفة، ربما هي في مرحلة اللاوعي ولا تدرك ما الذي يحدث، تحاول بقوة السباحة ودفع الماء خلفها لتصعد إلى السطح، نور الشمس يتلألأ، أسوار تظهر فجأة تحجب ضوء الشمس عنها، صوت ضحكات جنيات البحر، تسحَقُنا الحياة في اللحظة التي توقعنا الأفضل، تتساءل في نفسها أين المخرج؟ تستيقظ مذعورة… طعم الملح في فاهها. أبعدت كتاب ألف ليلة وليلة من الرف بجانب سريرها، تسمع أصواتا كثيرة متداخلة من بينها صوت أمها وهي تصرخ استيقظي عليك البحث عن عمل هل سنقتات على كتبك أيام الشتاء ..؟أم سنوقدها لنتدفأ بها يوم الصقيع !؟ تضطرب هي فجأة تشعر بالبرد.. بلل ما بذاكرتها يذكرها بغرق ما ذات شتاء، تلتحف مرة أخرى بطانيتها، الحياة قاسية لا ترحم الضعفاء.. أمها بزوايا البيت تصرخ، الأفعى وحفيفها هذيان آخر، كأنها تمطر بالغرفة ذهبا..لم يكن مفعول الأفيون، لم تدخن منذ فترة طويلة ما تعانيه هو تلف بالدماغ بالجهة اليسرى، ربما ما قاله الطبيب حقيقة وصور الأشعة لم تكذب، فكل ما حولنا زيف وكذب، لماذا لا تكذب هذه الحقيقة، اضطراب في الرؤية.. داخل غابة مظلمة، كيف يُرى الظلام هي تحسه، تخبر أمها أنها رأت أشباحا تعبث تحت سريرها. تستولي على آخر زجاجة عطر اشترتها، تسخر والدتها منها.. هذا ما يفعله الفراغ، حمق وهذيان وبطالة، أخرجي للعالم كفاك توحد، تقول في رعشة المنية أمي أنا مصابة بسرطان في الدماغ، تلف ما أصاب ذكرياتي. ترد بتهكم أنت واهمة من في مثل سنك لهم أطفال كثر ووظيفة وحياة مكتملة، الغابة السوداء داخلي لا تكف عن العواء، وحفيف الأفعى تترصدني بالزاوية وأنفاس أشباح أتحسسها، صور تظهر وتغيب حزن يخيم على كليهما، تخرج من عوالمه الخفية إلى الحياة تبحث عن ذاتها، تهزم الوهم والمرض. يراودها حلم جديد في أن تمارس الحياة كما تتمنى أن تعيش اللحظة، تقول في نفسها العالم جميل وواسع. مبهج هذا اليوم لولا أشباح الغرفة وصوت أمي، لقلت أني في الجنة. الفصل شتاء.. ثلوج على رؤوس الجبال وسماء رمادية تنبئ أن الشتاء قاسٍ هذا العام كقسوة العالم وأمي والسرطان .
نهاوند سعود /بئر العاتر
الجزائر
—————————————————————————————–
* على عتبات اللقاء

شغف حي ورؤى
هواجس أحلام ولقاء
تأخذها الغيمة الراحلة تنثر عبق الوفاء
توقظ صباحات مشرقة وأنفاس خريف انقضى
هو وحده يحميها من قسوة عواصفه الهوجاء
هي الدنيا تحملها على كف عفريت بين شدة ورخاء
بين حقيقة ووهم لمس نارها إكتواء تسدل ستائر الانتظار بالمساءات العتيقة جفاء تتعالى بشموخ على من آثر النأي تمضي بخيلاء بالفصل الأخير تثمر الكلمات اليانعات كبرياء. وتمطر السماء بعد قحط أصابها تهطل بسخاء
وتكتب بشغف الحياة نبوءة قصيدة عصماء
ترمي بشباكها عبارات جوفاء بشط بحر زاخر ليتحقق اللقاء
نهاوند سعود /بئر العاتر
الجزائر