الكاتب الفلسطيني صالح عوض: الثورة الجزائرية كانت معجزة الحياة في القرن العشرين

الكاتب الفلسطيني صالح عوض: الثورة الجزائرية كانت معجزة الحياة في القرن العشرين

أكد الكاتب الفلسطيني صالح عوض أن الثورة الجزائرية كانت معجزة الحياة في القرن العشرين، وانتصار حركة التاريخ على قيود الواقع وبلادته.. فلقد تمكنت الثورة الجزائرية من إلحاق الهزيمة التأسيسية للمعسكر الرأسمالي والإمبراطورية الغربية كما استطاعت أن تصل بروحها إلى طلائع الشعوب الثورية تنطلق بالثورة ضد الوجود الاستعماري في إفريقيا وآسيا.

وقال في مقال نشره في صحيفة “الرأي” اللندنية “لكن لابد من التوضيح أن علاقة الأدب والفن والثقافة بالثورة الجزائرية لم تكن مستقرة وثابتة قبل الثورة وأثناءها وبعد انتصارها.. فلقد سبق الثورة الجزائرية نهضة فكرية وثقافية وأدبية تتمثل في مشروع ابن باديس الثقافي التربوي والتنويري.. وأثناء سنوات الثورة حرص الثوار أن تكون الكلمة مرافقة لهم وبذلوا جهودا في صياغة الشعار والأغنية والفيلم، ولكن كل ذلك مع كل ما كان له من دور عظيم إلا أنه لم يكن كافيا ولا يستطيع أن يصمد كثيرا بعد انتصار الثورة.. ورغم أن الثورة الجزائرية تقع في محيط ثقافي عربي إسلامي إلا أن الأعمال الأدبية الفنية الحقيقية عبر أدوات الكتابة التاريخية أو صياغة الرواية لم تكن في مستوى الثورة العظيمة.

وتابع “رغم التأثير البالغ للثورة الجزائرية على الشعوب إلا أن هذا التأثير يعود بشكل شبه مطلق لقوة الفعل الجزائري في الميدان ونتيجته المدوية إلا أنه بكل أسف لم يجد هذا الفعل العظيم ترجمة من خلال أدوات الإيصال طريقه إلى الثقافة العربية لاسيما في المشرق العربي والعالم الإسلامي.. فكان الحديث عن الثورة الجزائرية كلاما مرسلا ينطلق بلا تدقق وبلا تدفق”.

وأضاف: “في الجزائر وفي الوطن العربي لم يتم تحريك أدوات الفن والأدب لإعادة قراءة الحقبة التاريخية والمقاومة إلا بالقليل النذر.. ففي حين تعج المكتبات الفرنسية بروايات وآداب وفنون عن الثورة الفرنسية وقيمها اشترك فيها فرنسيون وأوروبيون بل وعرب حتى عادت ملهمة لتيار عالمي رغم ما تحويه من كوارث وخلل إنساني خطير وجنوح متطرف ضد القيم التقليدية.. في هذا الحين لا نكاد نجد في كتب الأدب والأعمال الفنية العربية إلا القليل عن الثورة الجزائرية العظيمة وروايتها، وها نحن نحس بحجم الخسارة على مستوى الثقافة في نخبة الوطن العربي عندما نجدها لا ترتقي إلى فهم الثورة الجزائرية.. ولا نكاد نحس بآثارها في الوجدان العربي والإسلامي”.

واستطرد موضحا:”لقد كانت قيمة الأدب والفنون مهمة لتشكيل الحس بالانتصار أثناء الثورة وبعدها ولكن الآن نحن في أمس الحاجة إليها في الجزائر والوطن العربي.. ففي مواجهة العدوان المستمر على عواصمنا كان من الضروري نشر روح الثورة الجزائرية من خلال الشعر والرواية والفنون بشتى مجالاتها. وإنه لأمر ملفت أن تصبح مادة التاريخ وقصص المجاهدين وأحداث الثورة مقيدة بمستويات معرفية ضيقة وبطريقة منفرة مكررة ومن الملفت غياب الأعمال الفنية عن تتبع خيوط الصراع في الحقبة الاستعمارية ومرحلة الثورة.. والأخطر غياب الآداب عن كشف خيوط المؤامرة الاستعمارية في بلادنا.. فرغم أن الكنيسة قد انزوت ورغم أن الإقطاع بصيغته الماضية انحسر إلا أن حضور الثورة الفرنسية كمرجعية فكرية وأدبية وثقافية ماثل في الوعي والقانون والدراسة الجامعية”.

ب/ص