عرضت لجنة الشؤون القانونية والإدارية والحريات، الأحد، التقرير التمهيدي المتعلق بمشروع القانون الذي يعدل ويتمم القانون رقم 04-18 المؤرخ في 25 ديسمبر 2004، الخاص بالوقاية من المخدرات والمؤثرات العقلية وقمع استعمالها والاتجار غير المشروع بها، وذلك خلال جلسة علنية بالمجلس الشعبي الوطني حضرها وزير العدل حافظ الأختام، ووزيرة العلاقات مع البرلمان.
وفي كلمته أمام أعضاء المجلس، قدم مقرر اللجنة التقرير الذي تضمن خلفيات وأسباب هذا التعديل، مشددا على أن الظاهرة المتنامية لاستهلاك وترويج المخدرات في الجزائر، والتي باتت تهدد بنية المجتمع ومناعته الصحية والاجتماعية، تستوجب مراجعة معمقة للنصوص القانونية الحالية بما يواكب التحولات الجرمية الإقليمية والدولية. وأشار التقرير إلى أن الجزائر سجلت أول تنبيه حقيقي لخطورة المخدرات سنة 1975 بعد حجز كمية معتبرة من القنب الهندي، ما دفع السلطات حينها إلى إصدار أمر قمعي هو الأول من نوعه، وهو الأمر رقم 75-09 المؤرخ في 17 فيفري 1975، المتعلق بقمع الاتجار والاستهلاك غير المشروع للمواد السامة والمخدرات. ومنذ ذلك التاريخ، ظل المشرع الجزائري في سعي دائم لسد الثغرات التي تستغلها الشبكات الإجرامية، خاصة مع تنامي عوامل داخلية وخارجية ساهمت في تفاقم الظاهرة، على غرار البطالة، التسرب المدرسي، أزمة السكن، وشساعة الحدود الوطنية. وأكد التقرير، أن مشروع القانون الجديد جاء استجابة لتحديات أمنية وصحية متصاعدة، رغم أن القانون 04-18 لسنة 2004 المعدل في 2023 كان يتسم بصرامة في نصوصه، إلا أن الواقع الميداني أفرز مستجدات تتطلب معالجة قانونية أكثر دقة وفعالية. ولهذا يقترح المشروع، إعادة النظر في بعض العقوبات، وتجريم أفعال جديدة ترتبط بالتعاطي والاتجار، فضلا عن استحداث آليات للوقاية والتكفل العلاجي، بما يسمح باعتماد مقاربة وطنية شاملة تشمل الأبعاد القانونية والطبية والتربوية. ومن بين الإجراءات الجديدة التي تضمنها المشروع، إخضاع المترشحين لمسابقات التوظيف في القطاعين العام والخاص لتحاليل طبية تثبت خلوهم من تعاطي المخدرات، مع إدراج فحوصات وقائية للتلاميذ، وتكفل علاجي بإشراف قضائي داخل مؤسسات مختصة أو تحت رقابة طبية خارجية وفق ما يحدده قرار وزاري. وقد عقدت اللجنة اجتماعها يوم 29 أفريل الفارط برئاسة النائب هشام صفر، استمعت خلاله إلى عرض مفصل قدمه وزير العدل حول دوافع التعديل وأهدافه، بحضور وزيرة العلاقات مع البرلمان كوثر كريكو. كما تم الاستماع إلى عدد من الخبراء وممثلي الهيئات الأمنية على غرار الدرك الوطني، الأمن الوطني، الجمارك، والديوان الوطني لمكافحة المخدرات وإدمانها. وقد ثمن هؤلاء ما جاء في المشروع من تدابير واقعية، مقدمين ملاحظات واقتراحات مستمدة من التجربة الميدانية. وأكدت اللجنة، في ختام تقريرها، أنها حرصت على إدخال تعديلات ذات طابع شكلي، وإثراء المشروع من خلال إضافة فقرتين للمادة 26 مكررة، بما يعزز الجانب الوقائي ويحكم التنسيق المؤسساتي في مواجهة هذه الآفة المتنامية. ومن المنتظر أن يحال مشروع القانون لاحقا إلى التصويت بعد مناقشته من قبل أعضاء المجلس في جلسات عامة مرتقبة، وسط إجماع سياسي متزايد على ضرورة وضع حد لتفشي المخدرات التي باتت تمثل تهديدا للأمن الصحي والاجتماعي للبلاد.
محمد بوسلامة










