في الذكرى الخامسة لتوقيع اتفاقيات التطبيع الرسمي بين المغرب والكيان الصهيوني، شهدت العديد من المدن المغربية مظاهرات ووقفات احتجاجية، تأكيدًا على استمرار الرفض الشعبي لهذه الخطوة، والتضامن الثابت مع الشعب الفلسطيني.
تأتي هذه التحركات لتبرز الفجوة المتنامية بين الموقف الرسمي المغربي من التطبيع والتوجه الشعبي الرافض لأي علاقة مع الاحتلال الصهيوني، خاصة في ظل الجرائم المتواصلة في قطاع غزة. وفي مدينة طنجة، خرج عشرات المواطنين من مختلف الأعمار في مسيرة حاشدة، حاملين الأعلام الفلسطينية ولافتات تندد بالتطبيع، وتطالب بإسقاطه فورًا. وصفت الشعارات والكلمات المرفوعة خلال المسيرة التطبيع بالخيانة، فيما أكدت على أن القضية الفلسطينية أمانة لدى المغرب والمغاربة، مطالبين المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته تجاه معاناة الفلسطينيين وفتح المعابر الإنسانية، وإدخال المساعدات، ومحاسبة مجرمي الحرب الإسرائيليين. ورفع المحتجون، صورًا لرموز المقاومة الفلسطينية، وصدحت الحناجر بشعارات مؤيدة للمقاومة ورافضة للسياسات الرسمية التي تقرب المغرب من الاحتلال، وعبرت كلمات المشاركين عن الغضب من استمرار الحصار والجرائم اليومية بحق الشعب الفلسطيني، مؤكدين أن التطبيع لا يمثل إلا مصالح ضيقة على حساب مبادئ التضامن العربي والقيم الوطنية. ولا تقتصر التحركات على طنجة، إذ شهدت مدن أخرى مثل مكناس وبني ملال، وقفات احتجاجية مماثلة، دعت إليها هيئات ومنظمات مدنية، لتوحيد الصفوف حول رفض التطبيع ودعم حقوق الفلسطينيين. ومن المنتظر أن يشهد اليوم تاريخ توقيع الاتفاقية، تنظيم يوم وطني احتجاجي يشمل وقفات وتظاهرات متزامنة في مختلف المدن المغربية، تحت شعار “المغرب وفلسطين شعب واحد، والتطبيع خيانة”. وتكشف هذه التحركات، عن أبعاد أعمق لتأثير التطبيع على المغرب، فالمغرب لم يعد مجرد طرف في علاقات دبلوماسية اقتصادية مع الكيان الصهيوني، بل دخل مرحلة التماهي العملي مع الاحتلال، حيث تجاوز التعاون الاقتصادي والسياسي كافة الحدود التقليدية، ليصل التدخل الإسرائيلي إلى مفاصل الدولة المغربية، بما يحوّل السيادة الوطنية إلى رهينة، ويضع القرار المغربي تحت ضغط دائم وهذا الواقع يطرح تهديدًا استراتيجيًا ملموسًا، ويؤكد أن التطبيع لم يعد خيارًا يمكن ضبطه أو التراجع عنه بسهولة. في ذكرى مرور خمس سنوات على الاتفاق، تعود القضية الفلسطينية إلى صدارة الشارع المغربي، ليس كملف خارجي عابر، بل كموقف أخلاقي وقضية سيادة وطنية، فقد أعلنت الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع تنظيم يوم احتجاجي وطني، يعكس اتساع الفجوة بين القرار الرسمي والمزاج الشعبي، ويسلط الضوء على رفض المواطنين استمرار التطبيع مع الاحتلال. تؤكد هذه التحركات أن رفض التطبيع في المغرب ليس مجرد موقف احتجاجي عابر، بل يعكس إرادة شعبية صلبة تتمسك بالقيم الأخلاقية والسياسية والتاريخية، وتتمسك بدعم الحقوق الفلسطينية، كما تشدد على أن أي تعاون أو علاقات مع الكيان الصهيوني لن تمر دون مراقبة وضغط شعبي مستمر، حتى يتم الحفاظ على هوية المغرب ومبادئه الوطنية. في ضوء ذلك، تبدو الذكرى الخامسة للتطبيع محطة استثنائية لتجديد التعبئة الشعبية، وتجسيد التضامن مع الشعب الفلسطيني، وإعادة القضية الفلسطينية إلى قلب النقاش العام، وتأكيد رفض الخيانة السياسية التي يرمز إليها التطبيع.
أ.ر