يظهر ملك المغرب محمد السادس في هيئات متنوعة، وخلفيات متباينة؛ فهو الملك الذي يُحكم قبضته ونفوذه على كُل أرجاء بلاده، وهو الرجل الذي يبدو كمن يمارس حياته باعتيادية خلال قضائه إجازاته الصيفية خارج أو
داخل البلاد.
من بين كُل هذه الهيئات التي يظهر فيها ملك المغرب؛ تظل صورة واحدة لا يعرفها الكثيرون، ولا يُبرزها القصر الملكيّ؛ إنّها هيئته بوصفه رجل مال، مسؤولًا عن إدارة مليارات الدولارات لشركة مملوكة للعائلة المالكة، وتمتد استثماراتها خارج وداخل البلاد.
يحاول التقرير التالي، الدي نشرته مجلة “المستقبل الصحراوي” الأحد، من المصدر (SASA POST) تتبّع ورصد حجم إمبراطورية ملك المغرب الاستثمارية داخل وخارج بلاده، والدوافع وراء توسيع نفوذه المالي.
“الهولدينغ الملكي”.. ذراع الأسرة المالكة الاستثمارية
في عام 2010، سعى ملك المغرب محمد السادس، نيابة عن العائلة المالكة لتأسيس صندوق إستثماري يحوي كُل إستثمارات العائلة، لتندمج فيه الشركات التي تنشط عملياتها التجارية داخل المغرب وخارجه، عبر كيان تجاري أطلق عليه “الشركة الوطنية للاستثمار القابضة”.
ضمّ هذا الصندوق الاستثماري كيانات تجارية عملاقة، كالشرطة الوطنية للاستثمار (SNL) ومجموعة أومنيوم شمال أفريقيا (ONA) التي تأسست في العشرينيات، وشركة سيجر القابضة (SIGER).
وتنشط تحت مظلّة هذه الشركات مئات تتفرع منها، وتتنوع مجالات استثماراتها؛ فنجد البنوك عبر مجموعة “التجاري وفا بنك” والتأمينات عبر شركة “الوفاء للتأمين” والمعادن عبر “مناجم” وفضاءات التسوق وتوزيع السيارات والصيد البحري، وشركة “ناريفا” في فروع الطاقة المتجددة، وشركة إينوي في قطاع الاتصالات، وسوناسيد ولافراج المغرب في مواد البناء، وشركة أونابر في العقار، والبيع بالتجزئة عبر شركة مرجان.
“الهولدينغ الملكي”، هو الاسم الذي يُعرف به الصندوق الاستثماري المملوك للعائلة المالكة في المغرب، تحول لعملاق مالي وصناعي وخدمي يحتكر كُلّ قطاعات الاقتصاد المغربي، عبر شركات تتبعه تنوّعت استثماراتها، حتى بلغت الأرباح الصافية للشركة سنة 2011، نحو 4.3 مليار درهم مغربي، ويرأس الصندوق حسن بوهمو.
قبل أيام؛ أصدر الصندوق الاستثماري بيانًا يعلن من خلاله تغيير اسمه من الوطنية للاستثمار لتصبح “المدى”، بعدما انتقلت استثماراتها خارج المغرب لنحو 24 بلدًا في عام 2017، وتقترب نسبة أنشطة الشركة خارج المغرب بنسبة 26% في نتائجها لعام 2017 مقابل 11% في 2013 في تأكيد لبعدها العالمي، وفقًا للبيان الصادر عنها.
وترسم أرقام الأرباح التي تزيد بشكل مضطرد لهذه الشركات ملامح النفوذ المالي الكبير لملك المغرب؛ إذ بلغ حجم معاملات هذا الصندوق أكثر من 34.32 مليار درهم في هذا العام، وذلك بزيادة بلغت نسبتها 2.74% مقارنة مع السنة السابقة.
خضوع هذه الشركات للملكية المباشرة لملك المغرب وعائلته تجعلها دومًا تبحث عن أيّ وسيلة لتسويق نفسها، مثل قطاعات استثمارية تلتزم بميثاق أخلاقيات العمل في أعمالها التجارية؛ وتبتعد عن الشبهات التجارية، محاولة منها للتذكير دومًا أن الملك لا يمنحها أيّ إستثناءات في أنشطتها التجارية، وتخضع للقوانين في تعاملاتها دون تمييز أو تجاوز.
أحد هذه المواقف التي سعت الشركة للترويج لنفسها في عام 2009، كانت عندما قالت شركة سيجير المغربية، إحدى أكبر شركات الصندوق الاستثماري، أنّها سحبت استثماراتها من صندوق خارجي بعد اكتشافها أنه جرى استثمارها في شركة للقمار في ماكاو، وبررت ذلك بقولها: “ميثاق أخلاقيات عمل شركاتنا هو السبب في سحب استثمارات الشركة من شركة تدير فندقا وناديا للقمار في ماكاو، أسرع مراكز القمار نموًا في العالم”