* أجساد صغيرة وثقت خذلان العالم
يبدو الحديث هذه السنة عن اليوم العالمي لحقوق الطفل غير منطقي بل ومخالف للإنسانية، إذ كيف نتحدث عن حق الأطفال في الترف والرفاهية، في حين يُحرم أطفال غزة وللعام الثاني على التوالي من أبسط حق لهم وهو الحق في الحياة.
تحيي دول العالم، اليوم، اليوم العالمي لحقوق الطفل وهو اليوم الذي أوصت به الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1954، من أجل تعزيز رفاه الأطفال في العالم، الذي يتساءل الأطفال في غزة إن كانوا ينتمون له.
تعتبر الاتفاقيات واللوائح الأممية حبرا على ورق ولا قيمة لها ما دامت تطبق على فئات من الأطفال دون غيرهم، وما دامت لا تملك قوة فرض تطبيقها خاصة إذا تعلق الأمر بأطفال غزة، الذين لا يُحرمون من الاحتفال مع نظرائهم في العالم فقط، بل يُحرم العشرات منهم يوميا من الحياة من خلال عمليات الإبادة غير المسبوقة في التاريخ، ولم تستطع أي منظمة من المنظمات الإنسانية الحكومية وغير الحكومة المهتمة بالطفولة أن تتدخل.
أطفال اُستشهدوا وآخرون ترعاهم أسر أخرى

منذ بدء العدوان وأرقام الضحايا والخسائر صادمة، ولا يمكن ذكر أي إحصائية لأنها قابلة للزيادة جراء هذا القصف الذي يستمر ليلا ونهارا، ولا يستثني منازل أو مدارس أو حتى مستشفيات وحتى خيم النازحين.
حيث لم تترك إسرائيل وسيلة من وسائل الإبادة الجماعية إلا واقترفتها في قطاع غزة، بما في ذلك تمزيق شمل العائلات الفلسطينية، إذ افترق كثير من الأطفال عن أسرهم بسبب إصرار جيش الاحتلال الإسرائيلي على فصل شمال القطاع عن جنوبه واتباعه سياسة التهجير القصري.
وحسب إحصائيات منظمات دولية، فإن نحو 20 ألف طفل فلسطيني بات غير مصحوب بوالديه أو بأحدهما، إضافة إلى أن 40% من المفقودين البالغ عددهم 15 ألفا لا يُعرف إن كانوا قتلوا أو ترعاهم أسر أخرى.
نحو 10 أطفال يفقدون سيقانهم يوميا بغزة

ليس الموت فقط من يهدد أطفال غزة، بل شبح الإعاقة وفقد أحد الأطراف يلاحقهم، فمن نجا من الموت قد لا ينجو من الإصابة، وحول هذا قالت منظمة “إنقاذ الطفولة” إن ما لا يقل عن 10 أطفال يفقدون سيقانهم كل يوم في قطاع غزة الذي يتعرض لعدوان من الاحتلال الإسرائيلي، وأوضحت المنظمة، التي تتخذ من بريطانيا مقرا لها، في بيان أصدرته، الأحد، أن تقارير منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) تفيد بأن 1000 طفل في غزة فقدوا إحدى ساقيهم أو كلتيهما منذ بداية الهجمات الإسرائيلية. وكما ذكرنا سابقا، فإن كل إحصائية لا يمكن أن تكون ثابتة، نظرا لاستمرار العدوان الهمجي.
الجوع لا يرحم
![]()
يتواصل إعلان المصادر الطبية الفلسطينية باستشهاد أطفال بسبب سوء التغذية والمجاعة في شمال قطاع غزة، حيث لم تتمكن المنظمات الدولية من إيصال المساعدات منذ مدة طويلة إلى شمالي القطاع.
وكان الصحفي الفلسطيني حسن أصليح قد نشر عبر حسابه على الإنستغرام فيديو لطفل فلسطيني يتحدث عن معاناتهم بسبب التجويع الذي فرضه الاحتلال شمال قطاع غزة، وقال الطفل إنهم أكلوا أكل الحيوانات، وكانوا ينامون وهم جائعين كما كانوا يبقون لثلاثة أيام بدون أكل.
ومع هذا الوضع بات الإعلان رسمياً عن المجاعة في شمال قطاع غزة أمراً محتماً مع مرور ما يقارب شهرين على منع الاحتلال الإسرائيلي من إدخال أي مساعدات أو بضائع لمئات آلاف السكان المحاصرين في غزة، والذين يتعرضون لأعنف حملة إبادة جماعية يشهدها عالم يتغنى بالحرية والديمقراطية.
يأتي هذا مع قيام جيش الاحتلال الإسرائيلي بإخلاء شمال قطاع غزة من السكان وإجلائهم إلى الجنوب وحصار شمال القطاع ومنع دخول المساعدات الإنسانية إليه.
وبذلك يتوجب على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية لمنع انتشار المجاعة في قطاع غزة واتخاذ قرارات فورية، بما في ذلك تسمية الأشياء بمسمياتها الصحيحة والإعلان رسميا عن المجاعة الحاصلة في قطاع غزة.
لمياء. ب
