– أكثر من 6 آلاف طفل ضحية عنف وجنوح 5423 آخرين خلال 2017
شغلت قضايا الاعتداءات على الأطفال الرأي العام الجزائري، وهو ما عاد الحديث عنه بمناسبة اليوم العالمي للأطفال ضحايا الإعتداءات المصادف للرابع جوان من كل عام، حيث تكون هذه المناسبة بمثابة وقفة تأملية
في قضايا الإعتداءات التي تطال الأطفال سواء كانت جسدية أو جنسية في ظل الإشكالية الكبيرة حول إلغاء عقوبة الإعدام في حق قاتلي الأطفال خاصة والقاتلين عامة مع تمسك وزارة العدل بالعقوبة.
تسجيل أكثر من 6 آلاف طفل ضحية عنف وجنوح 5423 آخرين خلال 2017
رغم وجود كل التأطيرات القانونية التي تحمي شريحة الأطفال، إلا أنّ الأرقام تُشير إلى 5423 طفلا ضمن الأطفال الجانحين خلال 2017، مما شجّع على هروبهم من المنزل، أو اختفائهم فجأة، ووقوعهم ضحايا اختطاف من قبل مجهولين، حيث كشفت آخر الإحصائيات عن 1120 حالة هروب و 2711 اختفاء ،81 حالة اختطاف.
وبلغة الأرقام وقع 6008 طفل ضحية اعتداءات وحشية، مورست عليهم رغم الإجراءات القانونية الصارمة المتخذة في هذا المجال، منه 320 طفلا تمّ تسليمهم لذويهم إثر متابعات قضائية مختلفة.
وتصدرّت الاعتداءات الأخلاقية الجنسية في الجزائر من اغتصاب، وهتك عرض، وممارسة أفعال مخلة بالحياء على الأطفال، بـ 1130حالة، وهو ما يكشف ارتفاع هذا النوع من القضايا الأخلاقية التي باتت تنهش كيان المجتمع الجزائري.
في حين بلغت جرائم الضرب نسبة 88 بالمائة، حيث تم الإعتداء على 3661 طفلا بالضرب الجسدي العنيف.
حماية الطفولة: قرابة 90.000 مكالمة عبر الرقم الأخضر
سجلت مصالح الأمن الوطني سنة 2017 ما يقارب 90.000 مكالمة هاتفية عبر الرقم الأخضر104 للتبليغ عن مختلف الجرائم والمخالفات المرتكبة ضد الطفولة.
وكشف محافظ الشرطة خالد بودمالة من مديرية الشرطة القضائية، خلال محاضرة بمنتدى الأمن الوطني حول “دور المديرية العامة للأمن الوطني في مجال الوقاية وحماية الطفولة”، أنه تم تلقي 606 86 مكالمة للتبليغ سنة 2017 من بينها 1120 مكالمة للتبليغ عن هروب أطفال من منازلهم و 2711 مكالمة للتبليغ عن حالة اختفاء و 82 مكالمة خاصة باختطاف وبمحاولة اختطاف.
وذكّر المتدخل نفسه بأهمية تفعيل هذا الخط الذي يسهل عملية التدخل السريع لمصالح الشرطة من أجل حماية الأطفال في خطر، مذكرا بدور المكاتب التي أنشئت لهذا الغرض على المستوى الوطني والتي “دعمت بعناصر كفؤة ومتكونة في التسيير الأنجع لمثل هذه الظروف”، علاوة على إنشاء 50 فرقة على المستوى الوطني تتولى حماية الفئات الهشة من المجتمع، لاسيما الأطفال والنساء المعنفات والمسنون بحيث دعمت هذه الفرق بعناصر متخصصة.
من جهة أخرى، كشف محافظ الشرطة أن عدد الأطفال الجانحين سنة 2017 بلغ 5423 طفلا، مسجلا بذلك انخفاضا يقدر بـ 55 حالة مقارنة مع سنة 2016.
وأوضح السيد بودمالة، أنه “تم وضع 2933 طفلا من هؤلاء الجانحين في مراكز متخصصة وتسليم 320 طفلا لذويهم والافراج عن 2341 آخرين” .
وبالنسبة للأطفال الضحايا، أوضح السيد بودمالة أنه تم تسجيل 6008 حالة خلال سنة 2017 بانخفاض قدر بـ 185 حالة مقارنة مع سنة 2016 وذلك، كما قال، بفضل “الجهود المبذولة من طرف المديرية العامة للأمن الوطني بالتنسيق مع القطاعات المعنية الأخرى لحماية الطفولة عن طريق تعزيز العمليات التحسيسية والتوعوية”.
وأضاف المسؤول ذاته بأن 3661 طفلا من هؤلاء الضحايا تعرض إلى العنف أو الضرب و1131 حالة تعرض أصحابها للاعتداءات الجنسية و487 لسوء المعاملة.
كما تم تسجيل 3395 طفلا في حالة خطر وذلك في إطار معاينة أجرتها مصالح الشرطة المختصة التي قامت بالتدخل السريع لتقديم المساعدات الضرورية لهم بالتنسيق مع الجهات المعنية.
المحامية فاطمة الزهراء بن براهم: “عقوبة الاعدام ضد قاتلي الأطفال ليست الحل”
قالت المحامية فاطمة الزهراء بن براهم في تصريحاتها للصحافة إن قضايا اختفاء الأطفال المسجلة في الماضي كانت تنتهي عند ايداع شكوى من طرف العائلة، لأنه عندما لا يعثر على جثة الطفل ولا تتوفر الأدلة لتوقيف الجاني، تقيد القضية ضد مجهول، مضيفة أن عقوبة الاعدام التي أصبحت مطلبا شعبيا بعد استفحال هذه الجرائم ليست الحل لاقتلاع الظاهرة من جذورها، مشيرة إلى أن المتورطين في هذا النوع من الجرائم يمكن أن يكونوا موضوع دراسة لتفسير وتحليل الظاهرة، وربطت الحقوقية والمحامية فاطمة الزهراء بن براهم ظاهرة اختطاف الأطفال وقتلهم بانتشار الدعارة العشوائية في المجتمع وقالت إن حالات الاختطاف لغرض الاعتداء الجنسي لا تمس فئة الأطفال وحدهم، بل مست مؤخرا حتى المسنين والراشدين من الجنسين، كما تعدت هوية المجرمين إلى المعلمين والأئمة والمربين وأفراد العائلة وليس الشباب المنحرف فقط، مشيرة إلى أن أغلب قضايا الاختطافات المتبوعة بالقتل والتنكيل تفتقد إلى الأدلة العلمية والجنائية التي تثبت تورط بعض المجرمين، بالإضافة إلى غياب جثث بعض الأطفال المختطفين والتي لم تظهر بعد على غرار الطفل ياسر الذي لم يعرف مصيره.
أما عن تجميد حكم الإعدام، فقد تساءلت المحامية إن كان المحامي والقاضي في بلادنا عادلين بنسبة 100 بالمائة وهما الطرفان اللذان لا يمكن أن يخرجا عن صفة الانسان القابل للخطأ، مؤكدة أن الحكم بالمؤبد ستكون عواقبه على المجرمين أكثر حدة كونهم سيعانون من الموت البطيء و أنه بين الإدانة والبراءة خط رفيع، كما دعت بن براهم الجهات الأمنية إلى اتخاذ إجراءاتها بالسرعة المناسبة وتوفير تقنيات البحث العلمية التي تمكنها من العثور على المختطفين في وقت محدود كون المختطف غالبا ما يكون من المقربين من العائلة أو الحي.
حسين زهوان: “عقوبة الإعدام قضية حضارة”
قال حسين زهوان رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، إن ظاهرة اختطاف الأطفال في الجزائر جديدة، معتبرا إياه إجراما وحشيا في حق البراءة، وعبر المتحدث عن رفضه إعادة تفعيل هذه العقوبة لأنها قضية حضارة تتعلق بمستوى مجتمع معين ومرحلة حياتية معينة، مشيرا إلى أنها من أعلى درجات العقاب قسوة وشدة، ولهذا تتجه معظم التشريعات الوطنية نحو تضييق مجال إقرار مثل هذا النوع من العقاب وتطبيقه على بعض الجرائم دون غيرها تبعاً للسياسة الجنائية العالمية، مقترحا معاقبة المجرمين القتلة بالسجن الفردي مدى الحياة.
وأكد المتحدث أن تفعيلها لم ولن يؤدي إلى نقص الإجرام، إذ لم تشهد البلدان التي ألغت عقوبة الإعدام أي ارتفاع في الإجرام، موضحا أن أشد عيوب هذه العقوبة أنها غير قابلة للمراجعة، وعليه، فإن الشخص الذي تصدر في حقه العقوبة لا يمكنه أن يقدم الوسائل الكافية لتبرئته من الجريمة التي ارتكبها. وفيما يتعلق بالجزائر، فإن عدم تطبيق العقوبة يجعل من إمكانية مراجعة الحكم الصادر ممكنة في حدود قانونية.
وأفاد زهوان أن تفعيل الجزائر حكم الإعدام أمر مستبعد، نظرا للعلاقات التي تربطها بعدة دول كانت وقعت على البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي بهدف العمل على إلغاء عقوبة الإعدام.
مروان عزي: “الجزائر لن تطبق عقوبة الإعدام مستقبلا”
من جهته، صرح مروان عزي رئيس خلية المساعدة القضائية لتطبيق ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، أن السلطات الجزائرية لم تطبق حكم الإعدام منذ عام 1993، ولن تطبقه مستقبلا، حتى ولو نطِق به كعقوبة في حق الإرهابيين المتواجدين حاليا بالسجون وغيرهم من المجرمين الآخرين الصادر في حقهم هذا النوع من العقوبات.
وأكد المتحدث أن هذه العقوبة مساس بحق أساسي من حقوق الإنسان رغم ما ارتكبه هؤلاء من جرائم بشعة، مؤكدا أنه لا يجب معالجة الخطأ بخطأ آخر أكثر خطورة، حيث يتعين على الدولة إرساء علاقات جديدة مع المواطن تقوم على رفض كافة أشكال العنف الممنهج خاصة عقوبة الإعدام بالنظر إلى التشريع الجزائري باعتبار أنها تمس القضايا ذات الطبيعة السياسية، مشيرا إلى أن تطبيق عقوبة الإعدام في الجزائر يتطلب بعض الضمانات الكافية ويتعلق الأمر بالضمانات السياسية والقضائية والتي تبقى غير موجودة في القانون الوضعي مما يؤدي بالضرورة إلى تجميد عقوبة الإعدام حتى لا تهدر دماء الأبرياء بغير حق وظلما.

يوسف حنطابلي: الصراعات الاجتماعية حولت البراءة إلى رهان للانتقام
من جهته، أكد الأخصائي في علم الاجتماع يوسف حنطابلي أن السبب الأساسي في تفاقم واستفحال ظاهرة اختطاف الأطفال وقتلهم والتنكيل بهم بأبشع الطرق، يكمن في الصراعات الاجتماعية حول القضايا الشائكة التي أدت إلى تحويل البراءة إلى رهان .
وشدد المتحدث على ضرورة معرفة الأسباب الكامنة والحقيقية ليس وراء هذه الظاهرة، بل وراء هذه الحالة حتى تكون لدينا نظرة موضوعية نجمع فيها العوامل المشتركة التي أدت الى استفحالها، مشيرا إلى أن القضية لا تكمن في المكافحة فقط، فعلى الدولة أن تنكب في محاولة فهم سبب تفشي هذه الظاهرة حتى يتم اختيار الوسائل المناسبة لردعها.
كما أن الصراعات التي لا تتدخل فيها الدولة كمقنن ومحدد وحاكم بين النزاعات الموجودة بين الجماعات سواء عينات أو كانت بين جيران، يصبح الطفل رهينة هذه الصراعات كانتقام أو وسيلة للضغط على الآخر، حسب ذات المتحدث.