في يومه العالمي.. الإعلام الجزائري يُجدد العهد مع الوطن

الجزائر ترسخ إعلاما سياديا مسؤولا عبر إصلاحات عميقة ورؤية وطنية لمواجهة التحديات

الجزائر ترسخ إعلاما سياديا مسؤولا عبر إصلاحات عميقة ورؤية وطنية لمواجهة التحديات

أحيت الأسرة الإعلامية الجزائرية، اليوم العالمي لحرية الصحافة، وهي تتقدم بثقة وثبات نحو أداء أدوار جديدة تمليها المرحلة الحرجة التي تمر بها المنطقة والعالم. فوسط تقلبات إقليمية ودولية متسارعة، تبرز حاجة ملحة إلى إعلام وطني ملتزم، يعكس حقيقة الجزائر، ويدافع عن سيادتها واستقرارها ومواقفها المشرفة.

في هذا السياق، يلقى الإعلام الوطني دعما متزايدا من أعلى هرم الدولة من خلال مساندة قطاع الإعلام بكل قواها، خاصة عندما يتعلق الأمر بالدفاع عن صورة الجزائر، والتصدي للحملات الممنهجة التي تستهدف أمنها واستقلالية قرارها. هذا التقدير لم يكن مجرد خطاب، بل ترجم إلى خطوات ملموسة اتخذها رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، الذي أبدى في أكثر من مناسبة حرصه على الارتقاء بالصحافة الجزائرية، وفتح قنوات الحوار مع أهل المهنة. وقد تجسد ذلك باستقباله في مطلع السنة الجارية لعدد من مديري ومسؤولي المؤسسات الإعلامية العمومية والخاصة، حيث استمع لانشغالاتهم واقتراحاتهم ووجّه بمرافقة جهود تطوير هذا القطاع الحيوي.

 

إصلاحات هيكلية لتعزيز المهنة

وبناء على توجيهات رئيس الجمهورية، باشرت وزارة الاتصال في تنظيم سلسلة من اللقاءات الجهوية بكل من وهران، قسنطينة، ورقلة والجزائر العاصمة، بهدف مناقشة التحديات التي تواجه الصحافة الجزائرية، وبحث سبل بناء منظومة إعلامية قوية تعكس واقع البلاد وتطلعاتها. وفي هذه اللقاءات، أبرز الوزير تجاوب الصحافيين مع فكرة إنشاء جبهة إعلامية وطنية موحدة، تعنى بإنتاج مضامين وطنية هادفة، قادرة على التصدي للأفكار المغلوطة، وتقديم خطاب إعلامي احترافي، بعيد عن الإثارة والسطحية، ومرتبط بثوابت الأمة.

 

نحو منظومة قانونية عصرية

وفي خطوة نحو تجذير الممارسة الصحفية ضمن إطار قانوني حديث، استكملت وزارة الاتصال إعداد كافة النصوص التنظيمية المرتبطة بالقانون العضوي للإعلام، وقانون الصحافة المكتوبة والإلكترونية، وكذا القانون المنظم للنشاط السمعي البصري. وتأتي هذه الخطوة لترسيخ قيم الحرية المسؤولة وتحديد حقوق وواجبات الصحفيين بما يتماشى مع المعايير الدولية. كما تم إعداد قانون أساسي خاص بالصحفي، يُعد نقلة نوعية في تحديد شروط ممارسة المهنة، ويكرّس مفهوم الصحافة المهنية الملتزمة، البعيدة عن التزييف والتضليل، والتي تحترم أخلاقيات المهنة وتضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار.

 

مجلس لأخلاقيات المهنة وصندوق دعم حيوي

واستكمالا لمسار الإصلاح، يجري التحضير لتنصيب المجلس الأعلى لآداب وأخلاقيات مهنة الصحفي، بهدف تعزيز ثقة الجمهور في الإعلام الوطني. وفي بادرة نالت ارتياح الأسرة الإعلامية، أعيد تفعيل صندوق دعم الصحافة المكتوبة والسمعية البصرية والإلكترونية، ليكون رافدا ماليا لتطوير المؤسسات الإعلامية، خاصة في مجالات التكوين والمرافقة.

 

رهان التكوين والتأهيل

ولا يمكن الحديث عن نهضة إعلامية دون التركيز على التكوين، الذي يُعد حجر الزاوية في إعداد جيل جديد من الصحافيين القادرين على مجابهة المتغيرات الإقليمية والدولية، والتعاطي مع القضايا الوطنية بعين مهنية وبصيرة وطنية. ويُنظر إلى التكوين المستمر والمتخصص كاستثمار طويل الأمد في بناء إعلام متوازن، احترافي، ومسؤول.

 

إعلام بمسؤولية سيادية

الواقع الإعلامي الجزائري يشهد في الفترة الأخيرة بوادر التئام واضحة، من خلال تقاطع جهود العديد من المؤسسات الإعلامية للدفاع عن مصالح الجزائر في الخارج، والتصدي للأبواق الدعائية التي تنشط تحت غطاء الحياد. هذا الانخراط الوطني الواعي أفرز خطابا إعلاميا جديدا، يرى أن الصمت تجاه الحملات العدائية هو خيانة للوطن، وأن الدفاع عن الجزائر ليس خيارا، بل واجبا سياديا. وفي هذا اليوم العالمي لحرية الصحافة، تعيد الجزائر تأكيد التزامها بحرية التعبير، لكن ضمن إطار يحفظ السيادة الوطنية ويصون كرامة المهنة، في عالم أصبحت فيه المعلومة سلاحا، والإعلام أحد مفاتيح بقاء الدول قوية وموحدة.

إيمان عبروس