بسبب الجهل واللامبالاة.. جزائريون يقتنون نظارات طبية من الأسواق الشعبية

بسبب الجهل واللامبالاة.. جزائريون يقتنون نظارات طبية من الأسواق الشعبية

عرفت الأسواق الجزائرية منذ أعوام انتشارا كبيرا لباعة النظارات الطبية المقلدة الذين يفترشون الطرقات والأرصفة، ويوجد العديد من المواطنين من تجاوب معهم نظرا للأسعار المعروضة وتماشيها مع الموضة رغم خطرها، وذلك بسبب قلة ثقافة المواطن الجزائري في هذا المجال، وتوجهه نحو السلع الرخيصة، ما أدى إلى ظهور جيل معرض للإصابة بضعف البصر والأمراض الأخرى التي تصيب العيون، حسب ما يقوله أطباء العيون.

اللافت في الموضوع هو إقبال العديد من المواطنين على اقتنائها رغم ما عُرف عنها بعدم مطابقتها للمعايير الصحية، وغالبا ما تبدأ هذه الأمراض بحساسية تصيب شبكية العين والقرنية، حيث رأينا بعض الحالات التي التقيناها في مصلحة طب العيون لمستشفى مصطفى باشا الجامعي التي استدعت التدخل الجراحي، حيث التقينا بسيدة “خديجة” في الأربعينيات من العمر التي تعرضت لتلف كلي بشبكية عينها اليسرى بسبب هذه النظارات التي كانت ترتديها، حسب ما تقول للزينة، فتسببت لها في حساسية ثم وجدت نفسها في غرفة العمليات بسبب هذه السلع المقلدة، وحسب ما قالت “كانت هذه النظارات تساعدني في قراءة الجريدة والمجلات وأيضا أمام شاشة التلفزيون لكن دوام الحال من المحال، فأصبحت النعمة نقمة”، إذ سوف تضطر السيدة لإجراء عمليتها بالمستشفى الجزائري الكوبي المتواجد مقره بولاية الجلفة لزرع شبكية العين التي أتلفت بسبب قلة وعيها، وأيضا السيدة “حنان” لا تختلف عنها كثيرا فهي أصيبت في البداية باحمرار في عينيها، ثم تطور الأمر حتى أصبح مرض “الرمد”، وقد أخبرتنا “لم أتوقع أن يحدث هذا معي فأنا كنت أشتريها لجمالها وسعرها الرخيص ولم أكن أعلم بمخاطرها وها أنا الآن مصابة بمرض الرمد”.

نظارات مرصوصة على طاولات الأسواق الشعبية

توجهنا إلى سوق “براقي” بالجزائر العاصمة، فوجدنا العديد من الطاولات لبيع النظارات الطبية، وقد أخبرنا “بلال” أحد بائعي النظارات “يوجد العديد من الزبائن يقتنون هذه النظارات ويطلبون أنواعا أخرى تتماشى مع الموضة، فكل يوم أبيع أزيد من 10 نظارات”، وقابلنا “هشام” 21 سنة يشتري من هذه الطاولات، حيث قال “وصف لي الطبيب نظارات ولكنها باهضة الثمن في المحلات الخاصة ببيع النظارات الطبية، ولهذا أشتري من السوق وأغير زجاجها بالزجاج الموصوف عند الطبيب”، وبعد حديثنا معهم، تنقلنا إلى سوق “ميسونيي” بحي خليفة بوخالفة بالجزائر العاصمة، حيث وجدنا نفس الظاهرة وتحدثنا إلى “مجيد” صاحب طاولة لبيع النظارات الطبية الذي أخبرنا “كل يوم يتقدم العديد من الأشخاص لطلب نظارات حديثة وأنا ألبي كل الطلبيات”، وصرح لنا “عمار” أحد باعة النظارات بعد حديث مطول معه أن كل النظارات المباعة في الأسواق صنعت في الصين، وأنهم يشترونها من سوق الجملة “الروتشار” بالقصبة .

تحذيرات متواصلة

شرحت لنا الدكتورة إيدير طبيبة مختصة في جراحة العيون أن الهدف الأساسي للنظارات الطبية هو حماية العين، لكن النظارات المقلدة تعمل عكس ذلك، لأن النظارات المقلدة تسمح بدخول الأشعة فوق البنفسجية إلى العين فتلحق بها الضرر، وأضافت أيضا أن المعادن التي تصنع منها إطارات هذه النظارات غير معروفة الأصل، وفي الغالب مصنوعة من مواد معدنية مسترجعة تؤذي محيط العين وتسبب تهيج الجلد، وأضافت أن العين هي أكثر عضو حساس في جسم الإنسان وعدم إدراك أننا نلحق بها الضرر من خلال تصرفات غير واعية لا تراعي الجانب الصحي، واعتبرت أن بعض الأمراض عرفت انتشارا كبيرا بين أوساط الشباب مثل مرض “الماء الأبيض” الذي كان يعرف عنه أن أغلب المصابين به كبار السن، وهذا يعود إلى ارتداء الشباب للنظارات الطبية المقلدة .

ق. م