بسبب غلاء مقتنياتهم.. إعادة تدوير الأغطية البلاستيكية لمساعدة أطفال القمر

بسبب غلاء مقتنياتهم.. إعادة تدوير الأغطية البلاستيكية لمساعدة أطفال القمر

يعاني مرضى الكزيروديرما (أطفال القمر) من مشكل غلاء المستلزمات الخاصة بهم وعدم تعويض صناديق التأمين الاجتماعي لأدويتهم بسبب عدم ادراج مرضهم في قائمة الأمراض المزمنة، وهو الأمر الذي دفع عدة متطوعين للتفكير في طرق لمساعدتهم على التخفيف من معاناة المصابين وأوليائهم ولو ماديا.

يتواصل دعم جمعية “السعادة” لفئة أطفال القمر ، التي تعاني من مرض نادر حرمها من التعرض لأشعة الشمس فوق البنفسجية، التي تدمر المادة الوراثية في خلايا الجلد، فيصبح رقيقا، وهو ما يسمى بجفاف الجلد المصطبغ خاصة في ظل غياب علاج ناجح وغلاء المراهم والألبسة الواقية لأشعة الشمس.

هذا، ويحتاج أطفال القمر وضع المراهم الخاصة بحماية ووقاية الجلد من أشعة الشمس والضوء بصورة كثيفة لوقاية الأطفال المصابين بالكزينوديرما كونهم غير قادرين على تجديد خلايا الجلد بعد تعرضها لأشعة الشمس، لذا يبقى أحسن علاج هو الوقاية وتوفير الألبسة الخاصة الواقية وهي باهضة الثمن.

 

تدوير الأغطية البلاستيكية لمواجهة العجز

جاء التفكير في إطلاق حملة واسعة لجمع الأغطية البلاستيكية بغية إعادة بيعها وتحويل عائداتها، لسد احتياجات أطفال القمر من مراهم ولباس خاص، حسب المتطوعة كهينة حجارة، بعد أن وجدت الجمعية صعوبة في التكفل بالاحتياجات المتزايدة لهؤلاء الأطفال الذين يعجزون عن مقاومة المرض، الأمر الذي يجعلهم يفارقون الحياة في سن مبكرة، وهو ما جعل الجمعية تُطلق عبر مواقع التواصل الاجتماعي أكبر حملة لتحفيز الناس عبر مختلف ولايات الوطن، من أجل المساهمة والمشاركة في جمع الأغطية، ومن ثمة بيعها لتأمين الحد الأدنى من احتياجاتهم التي تضمن لهم حياة أقل ما يقال عنها إنها عادية.

وعن جعل الحملة محصورة على الأغطية البلاستيكية دون غيرها من المواد البلاستيكية الأخرى؟ قالت رئيسة الجمعية “ببساطة لأن أغطية العلب والقوارير البلاستيكية ثقيلة الوزن بالمقارنة مع القارورة، بالتالي تكون عائداتها المالية أكبر، وهو ما تحتاجه الجمعية للتكفل بتسديد نفقات التداوي واقتناء الألبسة الخاصة بهؤلاء المرضى” وتشرح “خاصة أن المراهم التي يتم شراؤها غير معوضة لدى الضمان الاجتماعي، الأمر الذي يدفعنا كنشطاء بالجمعية، إلى مطالبة وزارة الصحة بإعادة النظر في الحالة المرضية النادرة لهذه الشريحة، خاصة أنها تمس أطفالا”.

تجاوب كبير ووعي أكبر

عن مدى التفاعل مع حملة جمع الأغطية البلاستيكية، أشارت المتطوعة كهينة إلى أن الحملة لقيت تجاوبا كبيرا عبر مختلف ولايات الوطن، الأمر الذي جعلنا توضح “كمتطوعين نوسع من العملية، فبعدما كانت تشمل في مرحلتها الأولى الأغطية، امتدت لتمس كل أنواع المواد البلاستيك”، مشيرة إلى أن طريقة العمل جد بسيطة تقوم على توعية المواطنين في مختلف ولايات الوطن بأهمية جمع أي نوع من البلاستيك، ووضعه في مكان خاص يسهل الوصول إليه من المتطوعين، الذين بعد الإشراف على العمل التحسيسي، من خلال التعريف بأطفال القمر ومعاناتهم لتحفيز الناس على المشاركة، يتم بعدها جمع ونقل المواد البلاستيكية وتحويلها إلى الجمعية التي تقوم بدورها، بتحويلها للمؤسسات المهتمة، بإعادة تدوير البلاستيك وتحصل في المقابل على عائد مادي لدعم أطفال القمر، وبالمناسبة تقول “أبدت العديد من المؤسسات الكبرى المهتمة بإعادة تدوير البلاستيك تجاوبا كبيرا مع الحملة”.

حق التعليم يقابله عدم تكيف الأقسام

رغم أن فئة أطفال القمر حازت بموجب القانون على أحقيتها في التعلم بالمدارس العادية، شأنها شأن باقي الأطفال العاديين، إلا أن عدم تهيئة الأقسام كي تتكيف مع الحالة الصحية لهذه الفئة، حال دون تمكن بعضهم من التعلم، تقول “الأمر الذي يدعونا كنشطاء بالجمعية إلى مطالبة الجهات الوصية التدخل لتسهيل تمدرسهم وتحقيق أحلامهم في أن يعيشوا حياتهم القصيرة كغيرهم، بعيدا عن أي شعور بالاختلاف أو النقص”.

على الرغم من أن الهدف الأساسي لحملة جمع السدادات أو الأغطية البلاستيكية إنساني بالدرجة الأولى، يتمثل في دعم ومساندة القمريين، إلا أنها ساهمت أيضا في تحقيق مجموعة من الأهداف الأخرى، ممثلة في إشراك المواطنين في العمل التطوعي من خلال جمع مختلف المواد البلاستيكية، ونشر ثقافة الحفاظ على البيئة، خاصة أننا من المجتمعات التي تستهلك البلاستيك بكميات كبيرة، تقول محدثتنا.

غلاء الأدوية هاجس الأولياء

وقالت المتحدثة إن الجمعية تركز في إطار عملها الخيري على الرعاية النفسية “لإرجاع البسمة والأمل لهؤلاء المرضى”، وذكرت المتحدثة أن الجمعية تساهم في توفير الأدوية والملابس والنظارات والقبعات الواقية وكذا مصابيح كهربائية مضادة للأشعة ما فوق البنفسجية وبعوازل النوافذ للتخفيف من معاناة هؤلاء المصابين، كما تقوم بتوزيع مراهم لحماية جلد المصاب وهي باهضة الثمن يتراوح سعرها ما بين 1500 و3500 دينار للمرهم الواحد، معربة عن أسفها لعدم قدرة العائلات على اقتناء هذه المواد ليس لغلاء تكلفتها فحسب، بل لندرتها وعدم تعويضها من طرف الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وعدم إدراج هذا المرض ضمن قائمة الأمراض المزمنة.

 

مطالب بتوفير مركز ترفيه للقمريين

وفي انتظار توفير مركز للترفيه والاسترخاء خاص بـ “أطفال القمر”، أشارت رئيسة جمعية السعادة إلى أن هدف الجمعية من المبادرة هو لم شمل عائلات المصابين بالمرض ودعمها نفسيا وبوسائل الوقاية الضرورية وإفادتهم بنصائح ومعلومات أولية من أجل حماية يومية لأطفالهم بصورة ناجعة ودائمة للتخفيف من آلامهم. واعتبرت أن هذا المرض غير معروف لدى عامة الناس كما أن بعض عائلات المرضى “تخجل من هذا المرض ولا تصرح به”، مما يتطلب توعية المجتمع وتحسيسه حول الإصابة بهذا المرض والكشف عنه مبكرا.  كما أشارت إلى “غياب جرد حقيقي” لعدد حالات الإصابة بالمرض على المستوى الوطني، لافتة إلى أن حالات جديدة يتم تشخيصها سنويا (قرابة 40 حالة سنويا) بمدن كأدرار، القالة، ورقلة، بشار، تبسة، المسيلة، عين مليلة وغيرها. وسجلت رئيسة الجمعية في نفس المجال تحسنا كبيرا في ظروف تمدرس هذه الفئة خاصة أن وزارة التربية الوطنية تنسق جهودها مع الجمعيات النشطة في الميدان من أجل تمدرس هذه الفئة من الأطفال وتوفير الوسائل الواقية بالأقسام التي تستقبلهم وتحسيس الفاعلين في قطاع التربية من أجل تسهيل اندماجهم في الوسط المدرسي.

لمياء. ب