وفي حوار أجراه مع موقع “عربي بوست”، أكد بلحيمر أن الجيش الوطني الشعبي سليل جيش التحرير الوطني، انبثق من رحم الشعب وانصهرت العلاقة الاستثنائية بينهما بشكل فشلت معه كل المحاولات الخبيثة للمساس بهذا التلاحم والانسجام والتقدير والوفاء.
وأشار إلى وجود “محاولات لإضعاف هذه العلاقة التي تُعتبر بمثابة الضامن لحصانة البلاد من خلال التكالب على المؤسسة العسكرية، العمود الفقري للأمة ودرعها المنيع الحامي لحدود الوطن، والضامن لسيادتها ووحدتها وأمن واستقرار مواطنيها”.
وأوضح الوزير أن “الجيش مؤسسة عتيدة تتعرّض يومياً لهجمات إلكترونية فاشلة بدعوى وجود صراع وهمي بينها وبين مؤسسات سيادية”.
وأبرز بلحيمر ما جاء في مجلة الجيش في عددها الأخير بخصوص “الانسجام الكامل بين الرئيس والجيش و”الثقة المطلقة” التي يوليها بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة، وزير الدفاع الوطني لمؤسسة الجيش”.
نتائج الإنعاش بدأت تظهر في الميدان
وأكد الوزير أن الإجراءات الأولية التي اتخذها عبد المجيد تبون فور انتخابه رئيساً تلبية المطالب المشروعة للحراك المبارك والأصيل، الهادفة إلى تعزيز وتطوير منظومة الحقوق والحريات ومحاربة الفساد، تركزت على بناء مؤسسات دستورية منتخبة بشكل ديمقراطي، مما استدعى استحداث أو تعديل القوانين ذات الصلة على غرار الدستور والقانون العضوي للانتخابات وقانون الاستثمارات.
وقال إن نتائج إنعاش هذه المناطق بدأت تظهر في الميدان، إذ تم حتى الآن إنجاز 62 بالمائة من المشاريع المُسطرة بتكلفة بلغت نحو 92 مليار دينار في مختلف المجالات، كبناء الطرقات، والمدارس، والتزود بماء الشرب، والربط بالكهرباء والغاز، موازاة مع مواصلة محاسبة المسؤولين والمستثمرين الفاسدين بما يشمل استرجاع ممتلكات الشعب المنهوبة، وكذا الاستثمارات غير المستغلة.
وأوضح أنه “موازاة مع مبادرات حسن النية والإجراءات الإيجابية المتخذة في ظل ظروف صعبة على كافة المستويات نسجل تصرفات مريبة وخطيرة لا علاقة لها بالمطالب والأهداف التي انطلق من أجلها الحراك، مشيرا إلى أن “مصالح الأمن المختصة أوقفت مؤخراً 5 أشخاص خططوا للقيام بعمليات إرهابية في قلب الحراك بمدينتي تيزي وزو وبجاية، وحجزت أسلحة حربية وذخيرة ومركبتين وأجهزة إلكترونية لدى الموقوفين، يُضاف إليها إيقاف مواطن مغربي مقيم بطريقة غير شرعية مندساً وسط الحراك، دون تناسي استغلال الأطفال والزج بهم في هذه المسيرات، الأمر الذي يطرح أكثر من تساؤل عن الأهداف الحقيقية والجهات المستفيدة من الفوضى باسم الحراك”.
وأكد أنه على الجميع أن يُدرك يقيناً أن الدولة بالمرصاد لكل التلاعبات و”الأعمال التحريضية والانحرافات الخطيرة من قبل أوساط انفصالية، وحركات غير شرعية ذات مرجعية قريبة من الإرهاب، تستغل المسيرات الأسبوعية”.
وفي السياق ذاته، قال بلحيمر إن تحول الشعارات من “جيش _ شعب خاوة _ خاوة” إلى “مدنية ما شي عسكرية” دليل على خبث وخطورة ما يحاك ضد الجزائر من جهات أجنبية وعملائها الخونة الذين يرفضون المسار الديمقراطي والبناء المؤسساتي والدستوري الذي تنتهجه الجزائر الجديدة، ويخططون لتمرير ما يعرف بالمرحلة الانتقالية التي ستفتح باب الخراب والدمار الذي تعاني منه دول شقيقة، وهذا خير دليل على حقيقة السموم والدسائس المغلفة بالشعارات البراقة والزائفة على غرار “الفوضى الخلاقة” و”الربيع العربي” و”الثورات الملونة”.
التوجه الجديد للاقتصاد الوطني بدأ يعطي ثماره
وبخصوص مدى تحكم الحكومة في الوضع الاقتصادي لا سيما مع أزمة كورونا وتراجع أسعار النفط، قال الوزير إنه “رغم الظروف الصعبة إلا أن التوجه الجديد للاقتصاد الوطني بدأ يعطي ثماره إذ نجحت الجزائر سنة 2020 في تقليص الاستيراد بـ10 مليارات دولار مقارنة بـ2019” وذلك “بفضل الإنتاج والتحكم في تضخيم الفواتير وتطبيق رقابة أكثر جدية لبعض الخدمات”.
وأفاد أن الرئيس عبد المجيد تبون، شدد بمناسبة انعقاد الجلسات الوطنية حول “اقتصاد المعرفة” على أن الجزائر تواجه اليوم “تحديات كبرى من أجل الانتقال من اقتصاد ريعي إلى اقتصاد متنوع ومنتج للثروة”، وذكر بالإنجازات المحققة منها “الإطلاق الرسمي لصندوق تمويل المؤسسات الناشئة كآلية مهمة لدعم إنشاء هذه المؤسسات وتسهيل عملها الإبداعي، وإطلاق خدمات التصديق والتوقيع الإلكترونيين كأداة لتأمين المعاملات الإلكترونية وتحسين بيئة الاستثمار”.
وأكد الرئيس أن الدولة أولت أهمية “بالغة” لتحسين مناخ الأعمال للمؤسسات الناشئة من خلال تسهيل الإجراءات الإدارية وتسريع عمليات الرقمنة في جميع الدوائر الوزارية ومؤسسات الدولة، خاصة تلك التي لها علاقة مباشرة بالخدمة العمومية والاستثمارات”، كما أن الجزائر تحصي “أكثر من 78 داراً مقاولاتية”، يضاف لها أكثر من 44 حاضنة حتى الآن تعمل مع المئات من المؤسسات الناشئة.
مذكرات التسليم تخضع للقانون الجزائري
وفيما يتعلق بالتماس العدالة الجزائرية مؤخراً مذكرات توقيف ضدّ معارضي الخارج متهمين بالمساس بأمن الدولة، أشار بلحيمر إلى أنه إلى صيف 2020 بلغ عدد الاتفاقيات القضائية الثنائية الموقعة بين الجزائر ودول أخرى 71 اتفاقية، منها تلك الموقعة مع فرنسا والتي تشمل الجوانب العائلية كوضعية أطفال الزواج المختلط في حالة الانفصال والتعاون في المجال الجزائي وتنفيذ الأحكام وتسليم المجرمين.
وأكد على أن مذكرات التسليم تخضع للقانون الجزائري، وكذا للاتفاقيات الدولية المتعلقة بتبادل الأشخاص، كالمتهمين بالمساس بأمن الدول وتبييض الأموال وارتكاب جرائم إرهابية.
وقال إن التعاون والتنسيق الدولي ضروري لمواجهة الجرائم الخطيرة وقطع الطريق أمام مختلف أشكال الإجرام التي تهدد سيادة الدول وأمن الشعوب بصرف النظر عن المكان الذي يتخذه المجرمون قواعد خلفية لتنفيذ مخططاتهم أو وسائل الاتصال التي يستخدمونها على غرار مواقع التواصل الاجتماعي.
ملف الذاكرة: نقدر الخطوات المبذولة لكنها تبقى ناقصة
وبخصوص ملف الذاكرة، أكد وزير الاتصال أن ملف الذاكرة من الملفات ذات الأولوية في برنامج الرئيس عبد المجيد تبون والتي تشكل قضية شعب ومطلب مشترك لكافة الجزائريين، و”عليه وحتى إن كنا نقدر الخطوات المبذولة لكنها تبقى ناقصة إذ لا يمكن الاكتفاء بأجزاء متقطعة ومتناثرة من هذه القضية المبدئية الجامعة التي لا تنازل عنها لكن لا يمكن بالمقابل استعمالها كسجل تجاري لتحقيق أغراض ما”.
وفيما يتعلق بتصريح الرئيس الفرنسي بخصوص عدم الاعتذار للجزائر عن فترة الاحتلال الفرنسي، قال بلحيمر “بهذا التصريح أو دونه الجزائر متمسكة بملف الذاكرة ولن تتراجع عن المطالبة به كحق تاريخي غير قابل للتنازل أو التقادم. الاعتراف الرسمي بجرائم الاحتلال التي اعتبرها ماكرون ذاته “جرائم ضد الإنسانية” والاعتذار والتعويض هي أقل المطالب التي يمكن لشعب عانى ما لم تعانه أمة من ويلات الاحتلال حديثاً”.
وتعليقا على تحركات السفير الفرنسي في الجزائر وكثرة اجتماعاته لا سيما مع رؤساء الأحزاب السياسية، قال بلحيمر “بداية آمل أن يساهم السفير وكافة المعنيين في بناء الغد المنشود بين البلدين وكذا في إفشال مخططات اللوبيات المعادية للتقارب بين الجزائر وفرنسا خاصة في ظل الإرادة السياسية الإيجابية التي عبر عنها الرئيسان تبون وماكرون”.
وأضاف “أعتقد أن السفير الفرنسي لن يفوت هذه الفرص الثمينة بفضل خبرته الكبيرة ودرايته بحدود وضوابط الممارسة الدبلوماسية خاصة في الجزائر التي لن تتوانى عند الاقتضاء في اتخاذ الإجراءات اللازمة لتصحيح الأوضاع”.
وأكد الوزير أن “التفجيرات النووية الفرنسية بالجزائر والألغام المضادة للأشخاص جزء لا يتجزأ من ملف الذاكرة الذي لن نفرط فيه أو نتخلى عنه، خاصة إذا علمنا أن هذه التفجيرات الإجرامية ما زالت تخلف إلى اليوم ضحايا سواء من حيث تسببها في التشوهات الخلقية وانتشار مختلف السرطانات أو من حيث قتل عناصر البيئة والمحيط”.
وتابع: “قبل أسبوع فقط أكد سفيرنا بفرنسا أن “مسائل الذاكرة تهدف إلى استرجاع الرفات والأرشيف وتعويض الضحايا الجزائريين للتجارب النووية والمواقع السابقة للتجارب في الصحراء ومسألة المفقودين”، كما يجب التذكير بخصوص هذه التفجيرات الخطيرة أن القانون الوضعي الفرنسي لسنة 2010 يمنح تعويضات للجنود الفرنسيين المشاركين فيها.
أمين.ب










